قراءة اشكاليات قانون الانتخابات  

مشاهدات



أثار قانون الانتخابات جدلا كبيراٌ في مجلس النواب العراقي ، وقبل الخوض بتفاصيل قانون الانتخابات العراقي الذي أقره مجلس النواب نهاية 2019 ؛ يجب التعرف على عملية ” ترسيم الدوائر الانتخابية” و من هي الجهات المخولة بترسيم تلك الدوائر ، و ماهي معاييرها ، و لو بشكل مختصر ، لكي يطلع عليها القارئ الكريم ، و يكون فكرة كافية حول القانون الانتخابي …..


ترسيم الدوائر الانتخابية :

تعتبر عملية ترسيم الدوائر الانتخابية ركيزة مهمة لتمثيل المواطنين تمثيلا متساويا ، وعادلا لحجم المقعد النيابي في كل دائرة من الدوائر الانتخابية؛ و تعرف الدائرة الانتخابية بأنها منطقة انتخابية محددة جغرافيا فيها مجموعة من السكان ، قد يمثلها عضو واحد في البرلمان أو عدة أعضاء حسب حجم الدائرة الانتخابية

و قد يكون البلد أو الدولة مقسما إلى دائرة انتخابية واحدة كما هو الحال في هولندا أو إلى عدة دوائر انتخابية متعددة كما في معظم دول العالم وهناك من يقسمها إلى دوائر فردية لكل دائرة مقعد نيابي كما في ماليزيا.

ولم يحدد الدستور العراقي أعداد وأنواع الدوائر ، لكنه شرع لكل مائة ألف نسمة مقعدا نيابيا ، سواء كان العراق دائرة انتخابية واحدة أو عدة دوائر،  و كان مجلس النواب العراقي ، قد صوت في ديسمبر 2019 على أن تكون الانتخابات المقبلة حسب نظام الدوائر المتعددة ، و لم يحدد عدد هذه الدوائر لحد الآن لنظرا للخلافات العميقة و الكبيرة بين الكتل السياسية


من هي الجمعيات المختصة بترسيم الدوائر الانتخابية:

من المعروف في أغلب دول العالم التي شرعت القوانين الانتخابية بأن هناك ثلاثة أطراف تضطلع بمهمة ترسيم الدوائر الانتخابية و هي:

  1. هيئة أو لجنة خاصة تكون مسؤولة عن ترسيم الدوائر الانتخابية ، تكون منفصلة عن هيئة ادارة الانتخابات كما في ( استراليا – كندا – الهند)
  2. هيئة إدارة الانتخابات كما في ( إندونيسيا – نيجيريا – أوغندا) ويطلق عليها هيئة إدارة الانتخابات ( لجنة الانتخابات و المدد)
  3. تكلف السلطة التشريعية مباشرة ، كما في الولايات المتحدة الامريكية ، إلا أن ذلك من شأنه أن يؤدي بكل سهولة إلى ترسيم الدوائر الانتخابية بما يفي بمصالح الحزب أو الأحزاب ذات الأغلبية في البرلمان ، مما قد يسهم في إحكام سيطرتها على السلطة ، لذا وجب متابعة إصدار التشريعات القانونية الانتخابية بأدق تفاصيلها ، لأن التزوير يبدأ من صياغة و تشريع القوانين الخاصة بكل المنظومة الانتخابية.


 معايير ترسيم الدوائر الانتخابية:

يجب أن تندرج معايير أساسية في ترسيم الدوائر الانتخابية أيا كانت ، متعددة كبيرة أو متوسطة أو فردية ويفضل أن تندرج في القانون الانتخابي ، و قد يكون لبعض الدول قانون خاص يفصلها تفصيلا دقيقا . ولنتعرف على أهم هذه المعايير في ترسيم الدوائر الانتخابية:

  1. يجب أن تحقق المساواة بين المواطنين.
  2. تطابق أعداد الممثلين لكل دائرة ، أو أن يكون متماثلا ؛ أي يخصص مقعدا لكل دائرة فردية مائة ألف نسمة.
  3. احترام المدد الطبيعية والخصائص الجغرافية.
  4. يكون التوزيع من خلال إحصاء سكاني دقيق.
  5. ضرورة التطابق مع المدد للتقسيمات الادارية للدولة.
  6. تطابق المجتمعات ذات المصالح المشتركة.

 قراءة

تحليل قانون الانتخابات:

كما بينا سابقا ان مجلس النواب العراقي قد صوت في شهر كانون الاول 2019 على قانون الانتخابات العراقي بشكله الجديد ، الذي تضمن تقسيم العراق الى عدة دوائر انتخابية ، و عند اقرار هذا القانون جرت خلافات عميقة بين الكتل السياسية ، بين شد و جذب حول عدد الدوائر الانتخابية ، وهل تقسم الدوائر الانتخابية الى 320 دائرة انتخابية؛ اي لكل مائة الف نسمة دائرة واحدة ، و هو عدد اعضاء مجلس النواب الحالي ، اضافة الى قسمة مقاعد حصة المكونات او 240 دائرة او 80 دائرة حسب كوتا النساء في المجلس

وتم اقرار هذا القانون بسبب ضغط الشارع العراقي و ثورة تشرين التي تعتبر تقسيم العراق الى عدة دوائر انتخابية ينهي سطوة الميليشيات و الاحزاب على المشهد السياسي العراقي ،  و ايصال نواب من الشباب يتميزون بالنزاهة و الاستقلالية ، و نظافة اليد ، و يسعون الى بناء بلد مزدهر و متطور و تقديم الخدمات الاساسية و الضرورية التي فقدها الشعب العراقي بعد التغير في 2003.


الخلافات على القانون الانتخابي:

عقد يوم السبت الموافق 26/ 7/ 2020 في مجلس النواب العراقي جلسة استثنائية ؛ من اجل الاتفاق النهائي على صيغة نهائية لقانون الانتخابات ، و عدد الدوائر الانتخابية ، و حسب التسريبات الصحفية فان الكتل السياسية اتفقت من حيث المبدأ على اعتماد الدوائر الوسطية اي  80 دائرة انتخابية على عدد كوتا المقاعد النسائية في مجلس النواب ، على ان لا تتجاوز عدد الدوائر الانتخابية في كل محافظة من 3 – 5 دائرة ، حسب عدد السكان في المحافظة و عدد الاقضية فيها

و لكن فشلت الكتل السياسية في الاتفاق على عدد الدوائر الانتخابية حيث انسحب نواب دولة القانون بزعامة المالكي ، ونواب كتلة الفتح بزعامة هادي العامري،  وكذلك نواب اتحاد القوى و الحزب الديمقراطي الكردستاني من جلسة التصويت على القانون ، وبذلك اختل نصاب الجلسة و تم رفعها ا الى اشعار اخر نتيجة تلك الخلافات

وان سبب اعتراضات الكتل السياسية على القانون الانتخابي و تقسيمات الدوائر ، لشعور تلك الكتل بان البساط سوف يتم سحبه من تحتها اذا تم اقرار القانون بصيغته الحالية ، لذلك تسعى الى اقرار قانون يتضمن فقرات تحقق فبه غاياتها السياسية ، وضمان الحفاظ على السلطة ، من اجل بقاء تأثيرها السياسي على المشهد في العملية السياسية.


تحليل

سلبيات و ايجابيات قانون الدوائر المتعددة

كما اشرنا سابقا ان شباب ثورة تشرين التي انطلقت في 1/ 10/ 2019 و التي تطالب بتغير شكل النظام السياسي في العراق و كذلك ضمان قانون انتخابات عادل و منصف من اجل احداث ذلك التغير لذلك طرح شباب ثورة تشرين قانون تعدد الدوائر الانتخابية من اجل ضمان تغير شامل في العملية السياسية و ضمان وصول اكفاء و مخلصين في مجلس النواب …

و ان من محاسن هذا القانون انه ينتزع سطوة و هيمنة الاحزاب الكبيرة على المشهد السياسي العراقي ، ومحاولة وصول شخصيات كفؤة و وطنية الى قبة البرلمان ، و احداث تغيرات سياسية و اقتصادية جوهرية في بنية الدولة العراقية ، فضلا عن ايجاد تشريعات جديدة تتناغم مع المتغيرات التي حدثت في منطقة الشرق الاوسط ، و بالتالي وصول الى عراق امن مزدهر و بناء علاقات جيدة مع الدول العربية و الاقليمية و الدولية ، و الحفاظ على السيادة العراقية

الا ان من سلبيات هذا القانون كما يرى البعض بانه يكرس المناطقية و الفردية و الفئوية ، اذ ان النائب الذي يتم انتخابه على اساس دائرته الانتخابية فقط ، سوف يمثل سكان هذه الدائرة حصر ، و بذلك يفقدنا البعد الوطني في التمثيل النيابي ، وكذلك الصعوبة و التكلفة العالية في هذا القانون من حيث العد و الفرز ، و الكادر المتخصص و المدرب الذي  يدير العلمية الانتخابية ، و الجهد الكبير الذي سوف تبذله المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في ادارة العملية الانتخابية .،ولكل قانون لديه من المحاسن و المساوئ على حدا سواء ، و بذلك لا يوجد قانون انتخابي كامل وسليم يحقق كافة طموحات ، و تطلعات الشعب العراقي   ….


الأستاذ خالد العزاوي عضو الهيئة الاستشارية مركز صقر للدراسات


تعليقات

أحدث أقدم