سلام مسافر
بالإنجليزية: Elizabeth Tsurkov ؛ مواليد 11 نوفمبر 1986 ، لينينغراد ،جمهورية روسيا الاتحادية الاشتراكية السوفيتية ، الاتحاد السوفيتي. اختُطفت في العراق في 21 مارس 2023 واحتُجزت لدى جماعة كتائب حزب الله لمدة عامين ونصف حتى إطلاق سراحها في 9 سبتمبر 2025 .
ولدت إليزافيتا تسوركوفا لعائلة يهودية من المنشقين السوفييت، إيرينا زالمانوفنا تسوركوفا ( قبل الزواج لوبوتوخينا) (مواليد 1959) وأركادي سامسونوفيتش تسوركوف (1958). تعرض والدا تسوركوفا للملاحقة من قبل السلطات السوفيتية بسبب أنشطتهما في منظمة الطلاب الماركسية السرية "المعارضة اليسارية" وتوزيع مجلة سرية باسم "المنظورات" . أُلقي القبض على والد تسوركوفا عام 1978، وأُدين بالتحريض والدعاية المناهضة للسوفييت ، وحُكم عليه بالسجن خمس سنوات وسنتين في المنفى ، وقضى عقوبته في بيرم وسجن تشيستوبول . واعتقل مرة أخرى في أواخر العام 1983 وأُدين بالعنف ضد مسؤول ، وحُكم عليه بالسجن لمدة عامين مع إضافة عامين من المنفى المتبقيين بموجب الحكم الأول إليه . قضى فترة نفيه في قرية ترويتسكو-بيتشورسك في جمهورية كومي السوفييتية ذاتية الحكم ، وأعفي عنه وأُطلق سراحه من المنفى عام 1987 خلال حقبة غورباتشوف . أُلقي القبض على والدة تسوركوفا عام 1982، وأُدينت بنشر أكاذيب مُتعمدة تُشوّه سمعة الدولة السوفيتية والنظام الاجتماعي ، وحُكم عليها بالسجن ثلاث سنوات في مستعمرة إصلاحية . احتُجزت في قريتي بوزوي وبليشكينو بمنطقة إيركوتسك . أُطلق سراحها في العام 1985، وعاشت في مكان نفي زوجها في ترويتسكو-بيتشورسك . تسوركوفا هي الابنة الكبرى لأبناء العائلة الأربعة (ولدت شقيقتها إيما في الاتحاد السوفييتي ، وشقيقها ديفيد وشقيقتها الصغرى أفيتال في إسرائيل) . في العام 1990، انتقلت تسوركوفا إلى إسرائيل مع والدتها وشقيقتها اي حين كانت بعمر أربع سنوات ، وبعد عام انضم والدها إلى العائلة . استقرت العائلة في كيبوتس ثم انتقلت إلى مستوطنة "كفار إلداد" في الجزء الشرقي من "غوش عتصيون" ، واختارت العيش في مستوطنة يهودية في الضفة الغربية. تأثرت تسوركوفا في طفولتها بالإيديولوجية الصهيونية التي كان يتقاسمها سكان مستوطنتها : ففي سن التاسعة، شاركت مع والديها في احتجاج ضد اتفاقيات أوسلو بشأن تسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ، ثم شاركت في احتفال عفوي نظمه معلموها وزملاؤها في الدراسة بعد تلقيها نبأ اغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين ،الذي دعا إلى تسوية الصراع . خلال خدمتها العسكرية الإلزامية في مديرية الاستخبارات التابعة للجيش الإسرائيلي بدأت تسوركوفا تتعرف على آراء مختلفة. ومن خلال وسائل التواصل الاجتماعي، التقت بناشطين عرب، وخضعت لتحول أيديولوجي، وانضمت إلى نشاط حقوق الإنسان من أجل الفلسطينيين.
من عام 2006 إلى عام 2009، كانت محررة نشطة في ويكيبيديا العبرية ، ومن عام 2007 إلى عام 2009، عملت كمديرة . كما أجرت تعديلات على ويكيبيديا الروسية . بعد انتهاء خدمتها العسكرية ، درست العلاقات الدولية والإعلام في الجامعة العبرية في القدس للحصول على درجة البكالوريوس. عملت أيضًا مساعدة للمنشق السوفيتي السابق ناثان شارانيسكي و كان والدها يعرفه منذ كانا في السجن . بعد أن أكملت دراستها في الجامعة العبرية، بدأت تسوركوفا بدراسة اللغة العربية وبلدان الشرق الأوسط في جامعة تل أبيب والعلوم السياسية في جامعة شيكاغو للحصول على درجة الماجستير . دخلت قسم العلوم السياسية في جامعة برينستون للحصول على الدكتوراه وعملت على أطروحة حول الطائفية والقومية في الشرق الأوسط ، وبدأت العمل كباحثة في منتدى الفكر الإقليمي في إسرائيل، وكزميلة زائرة في معهد نيولاينز للاستراتيجية والسياسة في جامعة فيرفاكس في الولايات المتحدة . ووفقًا لتسوركوفا، تضمنت أهداف بحثها تقديم الواقع المتعدد الأوجه للشرق الأوسط وحياة سكانه، والابتعاد عن الخطاب النمطي السائد في وسائل الإعلام ، والذي ينظر إلى هذا الواقع في المقام الأول من منظور التهديدات للأمن الإقليمي كما يرد في المصادر الروسية . في مقابلة عام 2021 مع صحيفة هآرتس ، تحدثت تسوركوفا عن العمل الميداني" المكثف" الذي كانت تجريه في دول الشرق الأوسط متعددة الأعراق التي مزقتها الحروب الأهلية والصراعات، مع التركيز على سوريا والعراق ولبنان. بين أمور أخرى ، كجزء من بحث الدكتوراه الخاص بها، درست تسوركوفا الاحتجاجات الجماهيرية المناهضة للحكومة التي بدأت في العراق عام 2019، والتي شاركت فيها الجماهير بقيادة مقتدى الصدر والحركة الاجتماعية العلمانية العراقية تشرين، والتي قوبلت برد فعل قاسٍ من القوات الحكومية العراقية بدعم من الجماعات الموالية لإيران .
زارت تسوركوفا، التي عاشت في السنوات الأخيرة متنقلة بين إسطنبول ، ونيوجيرسي دول الشرق الأوسط لإجراء أبحاث ميدانية ، وزارت العراق وحده أكثر من عشر مرات . وفي تفاعلاتها مع السكان المحليين، كانت منفتحة بشأن هويتها وأصولها كما تقول . إلى جانب دراستها ومسيرتها الأكاديمية، شاركت تسوركوفا بنشاط في العمل التطوعي ومنظمات حقوق الإنسان في الشرق الأوسط، من أجل حقوق الفلسطينيين واللاجئين والمهاجرين وضحايا التعذيب والاتجار بالبشر والأقليات العرقية والدينية كما يرد في المصادر الروسية . من بين أعمالها الأخرى، عملت في منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية" الخط الساخن للاجئين والمهاجرين " في إطار أنشطتها في مجال حقوق الإنسان، أعربت تسوركوفا مراراً وتكراراً عن انتقاداتها اللاذعة لسياسات الحكومة الإسرائيلية تجاه السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة . الأمر الذي يفسر حسب المصادر الروسية عدم اهتمام حكومة نتنياهو بمصيرها قبل ان تشن أسرتها حملة دولية لمعرفة مصيرها. في 28 يناير 2023، دخلت تسوركوفا العراق بجواز سفر روسي لمواصلة البحث لأطروحة الدكتوراه في جامعة برينستون . قبل ثمانية أيام من اختطافها، خضعت تسوركوفا لعملية جراحية طارئة لإزالة انزلاق غضروفي ، وكانت في مرحلة إعادة التأهيل بعد الجراحة . في 19 مارس 2023 ، عندما ألقت محاضرتها الأخيرة في معهد نيولاينز للاستراتيجية والسياسة ، حيث كانت تعمل، أعلنت تسوركوفا أن هذه ستكون رحلتها الأخيرة وأنها تخطط للعودة إلى جامعة برينستون لإكمال أطروحتها للدكتوراه. خلال هذه الفترة، كانت تسوركوفا نشطة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث كانت تنشر بانتظام منشورات حول قضايا الشرق الأوسط . وكان آخر منشور لها على تويتر يوم اختطافها. في 21 مارس 2023، اختطفت تسوركوفا على يد أعضاء كتائب حزب الله ، وهي جماعة مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالحرس الثوري الإسلامي الإيراني والتي نفذت العديد من الهجمات على أهداف أمريكية في العراق وسوريا . رسميًا، تعد الجماعة، التي صنفتها السلطات الأمريكية كمنظمة إرهابية عالمية العام 2009 ، جزءًا من قوات الحشد الشعبي العراقية التي كانت تابعة لرئيس الوزراء العراقي منذ عام 2016 وتتلقى تمويلًا حكوميًا، لكن أعضاءها انتهكوا مرارًا وتكرارًا سلسلة القيادة ، واتُهمت الجماعة بالمسؤولية عن مقتل المؤرخ والباحث العراقي هشام الهاشمي في يوليو 2020، بالإضافة إلى التورط في موجة من حالات الاختفاء القسري وقتل النشطاء والمتظاهرين خلال الاحتجاجات العراقية المناهضة للحكومة عام 2019. وقعت عملية الاختطاف بعد وقت قصير من مغادرة تسوركوفا مقهى رضا علوان في حي الكرادة ببغداد . لم تتدخل السلطات الروسية لمعرفة مصير مواطنة تحمل الجواز الروسي لكنها لا تعيش او تعمل في روسيا ؛ كما انها نشرت مقالات تتنقد سياسات الكرملين الداخلية تماما كما كان والداها في الحقبة السوفيتية التي أخذ الرئيس فلاديمير بوتين يعيد الاعتبار لبعض قياداتها واحياء جزء من عناصرها. في الوقت ذاته لم تتحمس حكومة نتنياهو المتورطة في حرب الإبادة ضد شعب غزة لمهاجرة تحولت من موالية للصهيونية إلى مناهضة للاحتلال وتطالب بحقوق الفلسطينيين . بعد اختفاء إليزابيث تسوركوف كما اصبح اسم العائلة في الوثائق الأميركية والإسرائيلية ؛ أخذ خاطفوها يطالبون بفدية مالية . وبعد أن امتنع الجانب الاميركي الذي تولى تحديدا العمل على إطلاق سراحها، أخذ خاطفوها يطرحون مطالب سياسية من قبيل انسحاب القوات الأميركية من العراق او تحرير أسرى لحزب الله اللبناني . لم تنفذ إدارة ترامب المطالب وأنذرت حكومة السوداني ؛ مهلة أسبوع لإطلاق سراح الباحثة التي أقامت علاقات واسعة مع ممثلي التيار الصدري ودخلت بيوت وأسر ناشطين في التيار خلال زياراتها المتكررة الى العراق . ونقلت الوكالة الفرنسية عن مصدرين وصفتهما بالمقربين من الحكومة العراقية إن إطلاق سراح إليزابيث تسوركوف لم يتم بموجب أي اتفاق أو صفقة، بل نتيجة ضغوط مورست على “الخاطفين”، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.
السؤال ؛ إذا كانت إليزابيث تسوركوف تعمل لصالح الأجهزة الإسرائيلية كما يؤكد خاطفوها بناء على شريط اعتراف باللغة العبرية ظهرت فيه لمدة أربع دقائق أثناء احتجازها ، لماذا إذا وافقت حكومة السوداني على إطلاق سراحها بدون مقابل؛ وتحت التهديد بقصف مواقع المليشيات في العراق؟
خلال اختفاء تسىوركوف، لم يظهر اي دور معلن للأجهزة الحكومية في معرفة مصيرها، باستثناء الهجوم العنيف الذي شنّته احدى شقيقاتها على رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني خلال مؤتمر صحفي أثناء زيارة خارجية ولم نسمع منه ردا مناسبا. لماذا قرر مسلحو كتائب حزب الله اختطاف تسوركوف في الزيارة العاشرة إلى العراق ؟ أين كانت الأجهزة الأمنية العراقية من نشاطات مستعربة تجيد بعض اللهجات المحلية تتجول في الأسواق وتلتقي ناشطين في المقاهي وتستأجر غرفا في الفنادق وشققا في أحياءا بغداد؛ آخرها في الكرادة.؟ هل كانت الأجهزة الحكومية تعلم بمكان احتجازها وماهي الحدود الفاصلة بين مؤسسات الحكومة والمليشيات المسلحة ؟
هذه الاسئلة وغيرها؛ لم تجب عنها الأجهزة الحكومية ولن تجيب عليها، أصلا ؛ في غياب مفهوم الدولة، وتفشي الفساد والعنف والاختطاف والاغتيالات لدواع سياسية وأخرى مادية والشلل التام للمؤسسة القضائية التي تعمل بارادة اصحاب النفوذ وليس لإنفاذ القانون .

إرسال تعليق