الثلاثي الاغريقي سقراط افلاطون أرسطو 3 . فكر أرسطو ـ محصلة ناضجة :

مشاهدات

 


 
د. ضرغام الدباغ
 
 
 عندما نتناول المرحلة الإغريقية وتطور العلوم الفلسفية والسياسية في المقدمة منها ، فإننا وكما أكدنا ، أن ذلك لم يكن ليحدث لولا التطورات المهمة التي حصلت على صعيد الاجتماع الإنساني والذي كانت أبرز سماته : تطور علاقات الإنتاج وأساليب وأدوات الإنتاج ، والذي قاد بالضرورة إلى أنماط اجتماعية معينة، وكان الفكر السياسي في غضون هذه العملية التاريخية يتأثر بالتصاعد حتماً، ويبلور مفاهيم جديدة ، وضرورات طرحت نفسها بوصفها بديهيات، وأولى تلك البديهيات على سبيل المثال : إن الإنسان هو حيوان اجتماعي بالطبع .
 
لا شك أن بلاد الإغريق القديمة كانت تعج بالآراء والمفاهيم التي طرحتها مسيرة التحضر وإرهاصات فكرية لعلماء وأدباء وفلاسفة ، عبروا عنها بأساليب شتى ، كان أبرزها الملاحم  والأساطير، وكان الإغريق قد تعرفوا على إنتاجات أديبهم هيروموس الأوديسة والإلياذة في النصف الثاني من القرن الثامن ق.م ، وهذان الأثران اللذين أنتجهما فكر متطلع تجاوز عصره باحثاً عن آفاق رحبة ، عبر أدب الأسطورة والملحمة اللتين تضمنتا عصارة الفكر ويحفز على مزيد من التفكير . ثم أضاف هيرودوت 490 / 430 ق.م الذي أضاف من خلال تسعة مؤلفات رؤى جديدة إلى التفكير الإغريقي في البحث عن الفضيلة والكمال ومن ذلك التعرف على أولى قواعد ومناهج التفكير والعمل . وبرغم أنه لا يمكن وصف أعمال هيرودوت بأنها فلسفية ، إلا أنها عرضت بصورة مباشرة أو غير مباشرة أراء ونظريات ومفاهيم عن السلطة والحكم والدولة وعن الديمقراطية والاستبداد والطغيان ، حيث عرض هيرودوت أحوال أمم أجنبية وأساليب وأنماط تفكيرهم ، وعن تأثير هذه الثقافات وتجارب الأمم الأخرى ، الشرقية على وجه الخصوص ، ويكتب سباين قائلاً " ومما لا شك فيه ، إن معرفة أطوار الدول الأجنبية ، كان له في نشوء الفكر السياسي". وكنا قد عرضنا في المبحث السابق بدقة كافية  تأثير الحضارة الشرقية عامة والرافدينية بخاصة على الفكر الإغريقي وتطوراته اللاحقة ، بل أننا سنلاحظ أن التماس لم ينقطع بين الحضارتين، واشتد في المرحلة الهيلينية وحلول الإغريق المقدونيين في الشرق، ومن بعدهم الرومان (وهو ما سنتعرض له لاحقاً بالتفصيل)، وكان كل ذلك يقود حتماً إلى تراكم في الوعي والنضج ، ثم إلى بلورة اتجاهات ستغدو أكثر وضوحاً بمرور الوقت وتواصل التجربة السياسية على صغر حجمها في مجتمع دولة المدينة . ولكن التراكم في الوعي والتجربة كان يتواصل أيضاً على الصعيد المحلي وهو يفرز نتائج هذه التفاعلات ، أي في بلاد الإغريق نفسها، فقد درسنا أهمية إصلاحات سولون سواء القانونية منها على صعيد الدولة والحكومة ، أو تلك التي كانت تنطوي على تساؤل فكري/ سياسي هام في تلك المرحلة : " أديمقراطية أسر عريقة مالكة للأرض، أم ديمقراطية المصالح التجارية الخارجية ؟ "
 
ومسيرة التطور كانت تنطوي في ثناياها على اتجاهات فلسفية مبكرة ، أو أنها ساعدت في مراحلها العليا على بلورة أفكار واتجاهات، ومن تلك التي طرحها طاليس وانكسمان، وآناكسمينس في القرن السابع والسادس ق.م " " إن أصول كل الأشياء توجد على شكل مادة" بيد أن ضمن الأفكار المبكرة في الفلسفة لهؤلاء الفلاسفة حيث " يمكن اكتشاف أفكار أسطورية وحتى دينية " . وبعبارة أخرى ، فأن أصول الفكر الفلسفي الإغريقي، والسياسي منه ، كان في أصوله ينطوي على شحنات أسطورية ودينية ، واعتمدت إلى جانب أعمال الحكماء والفلاسفة ، أعمال أدباء وشعراء وروائيين وكتاب أسطورة وملاحم ، ولا نقصد هنا مطلقاً الانتقاص من قيمة هذه المستخلصات ، فهي بالأخير أعمال وإرهاصات بشر كانوا في صراع  مع الطبيعة ومع عقولهم لفض أختام أسرارها وغوامضها ، بل أننا نريد أن نثبت هنا أن الفكر السياسي الرافديني كان قد عرض من خلال الملاحم والأساطير وأعمال أدبية وقوانين ووثائق سياسية ومعاملات . والفارق ، أن الفكر السياسي الإغريقي وجد فرصته التاريخية في التطور ذاتياً، أو على يد الرومان لاحقاً بتلاحهما مع الفكر القانوني/ السياسي الروماني ، فيما أنقطع الشرقي من التطور قرون طويلة ، ولكي تستعيد تلك المكانة إلا بعد الإسلام في نهضة علمية شاملة .
 
ويقرر أستاذ الفلسفة العربي السوري د. طيب تيزيني " إن نشوء وتطور تلك الظاهرة الجديدة ، أي الفكر الفلسفي لم تكن لتتحقق لولا العوامل الأساسية التي ترتكز أساساً في الانتقال من المجتمع العبودي في بلاد الإغريق وضرورة بلورة فكر متقدم على الأسطورة والتصور الديني ، ثم أن المعطيات الاجتماعية/ الاقتصادية / التكنيكية القائمة أساسا على تقسيم العمل إلى فكري ويدوي والتطور المهم الذي بلغته التجارة الخارجية وأهمية الرأسمال التجاري وتطور الإنتاج وأساليبه واستخدام النقد المعدني ، كل هذه العناصر الاقتصادية بالدرجة الأولى، وضعت الأساس لإمكانية وضع وتطوير الرؤى والفكر الفلسفي . ثم أن فئة من الفلاسفة والدارسين الناشطين للفلسفة والعلوم الطبيعية، ذهبت إلى تأويل أفكار ونظريات طبيعية ورياضية لمصلحة تطوير الفلسفة بصفة عامة ، ومن تلك مثلاً  قول هيروقليطس " إن الشمس لا يمكن أن تتجاوز نطاقها المرسوم ، وإن فعلت ذلك فإن الأيرينيس خادمات العدالة ستكشف أمرها" أو مقولة فيثاغورس " خير الأمور أوسطها " Nothing too much أو تلك الصورة الأدبية في أحدى مسرحيات يوريبيدس " المساواة التي تربط الصديق بالصديق ، والمدن بالمدن والحلفاء بالحلفاء " ومن هذه الصياغات الأدبية،  صيغت قاعدة فلسفية عامة كانت مدخلاً لدراسة الفلسفة السياسية " أن القانون الطبيعي الذي يحكم البشر ليس شيئاً سوى المساواة". والسفسطائيون كانوا بدورهم رواداً في أغناء الاتجاهات الفلسفية رغم أنهم لم يصلوا إلى نتيجة محددة، كما لم يحددوا موقفاً واضحاً في علاقة الفرد بالسلطة ، وأحد شهراء السفسطائيين ( تراسيماخوس )  كان يعتقد أن الحق والعدل هو ما تسنه أو تقرره القوة (السلطة) وفق ما ترى فيه مصلحتها. ولكن السفسطائيين Sophists الذين طرحوا أنفسهم كمعلمين متجولين في القرن الخامس ق.م اهتموا بتعليم الناس مبادئ الجدل وقواعد التربية ، ولكن السفسطائيين لم تكن لهم فلسفة خاصة بهم .
 
وقد استمر حال الفلسفة الإغريقية على هذا النحو من المحاولات المستمرة للفهم والتعبير منتشرة على مساحة من التعبيرات الأدبية / الملحمية / الأسطورية، علوم الرياضيات والفلك، قواعد معرفة وحكمة عامة . وكان سقراط 470 ـ 399 ق.م في أثينا، هو الذي استطاع جمع هذه الحبات المتناثرة في سلسلة واضحة، محولاً الاتجاهات الفكرية المتناثرة إلى فلسفة واضحة محددة المعالم ، رغم أنه في النهاية لا يمكن القرار بنتائج فكره في الشؤون السياسية، ولكن ربطه الفضيلة بالمعرفة كان الأساس الذي لا يمكن تجاهله . وكان سقراط قد اقر، وتلك أحدى أفضل أفكاره ، احترام القوانين سواء كانت هذه القوانين(وضعية) من صنع الحكماء والفلاسفة ، أو هي قوانين إلهية ، كما اقر أن احترام القانون هو تعبير عن مدى صلاحية المجتمع ومقياس فضائله . ويحق لنا أن نعتبر، أن أفضل ما توصل إليه أو أنجزه سقراط قد تمثل بتلميذه أفلاطون، الذي استطاع أن يدفع الفكر الفلسفي والسياسي خاصة إلى الأمام بقفزة كبيرة ، فهو وإن أقر معظم أفكار أساتذة سقراط ، إلا أنه أدخل تعديلات مهمة عليها ، وأضاف عليها كذلك، فأضاف إلى مستوى تراكم الفكر الفلسفي كماً ونوعاً مهماً . ولكن هذا التطور على يد أفلاطون سيبلغ درجة متقدمة ستقارب الكمال على يد تلميذه أرسطو . كما أن أفلاطون(420 ق م /340 ق م ) بدأ حيث أنتهي معلمه سقراط ، كذلك فعل أرسطو الذي ابتدأ حقاً حيث أنتهي معلمه الكبير أفلاطون، فأقر نهائياً ما كان يتردد معلمه الإفصاح والإعلان عنه، ووضع لمسات على أفكاره ، وأضاف عليها، ووضعها في صورة أخرى استحق بها تبوء مكانة كبيرة في صف الفلسفة ، رغم أن أفكار أستاذه أفلاطون كانت أكثر أصالة من أفكاره .
 
وأرسطو الذي ولد في ستاجيرا Stagira عام 384 توفي في يوبويا عام 322 ق.م، أي أنه عاش 62 عاماً، كما أنه تولى تدريس ابن العاهل الإغريقي/ المقدوني فيليب الذي أشتهر بأسم الكبير الذي أنصرف فيما بعد لشؤون الحرب والغزو ، فأتجه أرسطو وأسس بعدها مدرسة مهمة للفلسفة في أثينا (اللجيون ـ Lyceum) . ولكن قبل أن نتناول فكر أرسطو تمحيصاً وتحليلاً، لا بد لنا أولاً من عرض حقائق مهمة عن كتابات هذا الفيلسوف ، وكيف دونت، وطريقة وصولها إلينا، فقد نسب لأرسطو تأليفه المئات من الكتب (بلغ عند بعضهم الأربعمائة) في مختلف فروع المعرفة . وقال آخرون أنها ألف كتاب ورسالة ، فيما الثابت منها لا يتجاوز 19 كتاباً، ويروى أن أرسطو عهد بكتبه مخطوطة إلى أكبر تلامذته ثيوفراستوس قبل وفاته، وهذا عهد بها إلى نيليوس بعد 35 عاماً، والذي أنتقل إلى آسيا الصغرى فأخفاها في مغارة. وبعد مرور 187 عاماً أخرجوها فوجدوا معظمها قد تهرأ أو عبثت به الأرضة، فباعوها إلى كتبي اسمه أبليكون فأعادها إلى أثينا، وغنمها الرومان بعد غزوهم أثينا ونقلوها إلى روما وهناك عمل بعض اليونانيين المتحمسين على نسخها في منتصف القرن الأول 50 ق.م ، أي بعد مرور أكثر من أربعة قرون على وفاة أرسطو، فعملوا على تصحيحها وترجمتها ونشرها . ترى إلى أي حد تثير مثل هذه المعطيات الشكوك عن دقة أو صحة مؤلفات أرسطو، والاطمئنان ألا يكون قد فقد منها شيء يمكن اعتباره فقرة أساسية في أعماله، أو بالعكس، أن يصيف أحد المتحمسين على مدى هذه القرون الأربعة وحيث لا تتوفر نسخة أصلية من المؤلفات يرجع إليها المحققون والباحثون، بل وحتى المتحقق المستنسخ منها على نسخ مختلفة تتفاوت تفاوتاً قد لا يكون بسيطاً . والتشكيك في مصداقية وسلامة عائديتها، وهذه المعلومات وردت إلينا من العالم الغربي المتتبع لأعمال أرسطو وغيرة من الفلاسفة ، جعلت الأستاذ سباين يذهب إلى القول " ومن ثم لا يمكننا أن نعتبر كتابه السياسي المهم المسمى (السياسة) كتاباً مستكملاً على النحو الذي كان يفعله أرسطو لو أنه وضعه لجمهور القراء(إشارة إلى أنها تعرضت إلى تعديلات كثيرة من قبل أرسطو نفسه) ، وقد أثير شك بالفعل فيما إذا كان أرسطو قد رتب بنفسه هذا الكتاب بوضعه الراهن، أو أن ذلك الترتيب من صنع من تولوا نشره اعتماد على مجموعات عديدة في المخطوطات . ويلاحظ كل قارئ لبيب ، أن هناك ارتباكاً وتداخلاً بين أبواب الموضوعات تعم فصول وأجزاء كتابه المهم (السياسة) مما يشير بوضوح أن الكتاب قد تم تأليفه أساسا على شكل محاضرات منفصلة جرى تجميعها فيما بعد من قبل الناشرين رغبة منهم في تحسين طريقة عرض الكتاب، وكذلك تفهم أن فترة تأليف الكتاب كانت طويلة، امتدت إلى عقد ونصف من السنوات(15 سنة)، ولكن على أية حال، فالمؤلف مطروح بين أيدينا بشكله ومضمونه الحالي وليس أمامنا سوى القبول به كما هو، على حد قول أحد الخبراء في تركة أرسطو من الأعمال والمؤلفات . 
 
والدارس لفكر أرسطو يجد بجلاء ، أن أرسطو قد أطر ما لم يتوصل أفلاطون لتأطيره، وأضاف على ذلك من فكره الكثير فجعله أكثر وضوحاً ودقة . ولعل مرد ذلك الأحداث والتجارب التي عركت أرسطو، بالإضافة إلى الإرث الذي تسلمه من أفلاطون وسقراط وأضرابهم ، ثم أنه عاصر مرحلة ازدهار الدولة ، وتطلعها للعالمية ، وكان ذلك لا بد أن يمنح الفكر صفة الواقعية والتجربة العملية ، كما أنه أخرجها من نطاق المثاليات إلى الواقع الموضوعي الذي يجب أن تخدمه الأفكار . ويجتهد الأستاذ سباين (وهو من بين أفضل العلماء من درس أرسطو وقيمه بموضوعية بدرجة جيدة) ويصيغ زبدة أفكار أرسطو المثل السياسية العليا التي كان أرسطو قد استلمها من معلمه أفلاطون على شكل أسئلة :
• ما هي الدولة ..؟
• من هو المواطن ..؟
• هل فضيلة الرجل الصالح هي نفسها فضيلة المواطن الصالح ..؟
فيتوصل أرسطو للقول أن الدولة هي تنظيم نوع من الحياة للمواطنين، وأن الحكومة هي التعبير عن نوع الحياة الذي وجدت الدولة من أجل أن ترعاه . ومكانة فكر أفلاطون وأرسطو من بين أعمال غيرهما، ذلك أنهما مثلا مرحلة نوعية متميزة في الفكر الإغريقي ، فيما لم تبلغ سائر المدارس اليونانية الأخرى ما بلغاه ، كما تجدر الإشارة إلى أن المدراس الأخرى لم تبلغ مستوى " كمال أفلاطون وأرسطو، أفلاطون بعبقريته السامية وأحاط أرسطو النادرة بتاريخ المدن السياسية ونظم حكوماتها . وليس ذلك فحسب بل وأيضاً كانت لأرسطو وجهات نظر لم يتفق بها مع معلمه أفلاطون حول مشاعية المال والنساء ، فأعتبر أن في ذلك مفسدة ستؤدي إلى إضطرابات اجتماعية ، بل يرى بعض العلماء أن الفضل يعود لأرسطو في أسباغ العلمية على الفلسفة، وأعاد ترتيب الأفكار الأفلاطونية ، وإن لم يتفق معها كلها، وبذلك فإنه وبحسب أراء العلماء الغربيين ، فإن أرسطو قد وضع اللبنات الأولى لعلم السياسة . وإذا كان لم يعرف عن أرسطو زيارته للشرق ، بيد أن علماء وفلاسفة آخرون فعلوا ذلك ، ومنهم من اشتهر كفيثاغورس (497 ـ 572 ق. م) الذي زار الشرق وخاصة مصر وسورية والعراق ؤ، وكان قد عرف أن طلبة العلم اليونانيون كانوا يتجهون إلى بابل للدراسة وتحصيل العلم والحصول على لقب كلدان .
وكان لأختيار أرسطو لتهذيب وتعليم الأسكندر منذ طفولته وصباه ، أثرا مهماً تبرزه النتائج اللاحقة للحقبة الأسكندرية من استيعاب عام للفلسفة والتنقل بين الحضارات، وقبل كل شيء وعي ملموس لدور الدولة وملامح مبكرة في الاستراتيجية، أسفرت عن قيام إمبراطورية عملاقة يقودها الأسكندر الشاب القليل التجارب ولكن الغني بالمعارف التي ربما لم تكن لتوجد لولا المعلم أرسطو الذي كان له الدور الأكبر في تعليم الأسكندر . وبسبب حروب الأسكندر وما أسفرت عنه من تأسيس كيانات سياسية بما في ذلك دول الديودوشانDiadochen (خلفاء الأسكندر الأربعة) وانفتاح عام على الشرق أثمر عن مدرسة الأسكندرية التي أصبحت نقطة المزاوجة بين فلسفة اليونان والموروثات الشرقية، فتمخضت عن ولادة الفلسفة الهيلينية . ومن المؤشرات الهامة على تأثر الأسكندر المقدوني بفكر معلمه أرسطو، هو ما قام به الأسكندر من مساعي لعقد مؤتمر لجميع الدول اليونانية عام 337 ق. م في مدينة كورنتس أعلن فيه السلم بينها وتوحيد جهودها لمواجهة الأطماع الفارسية . ولكن عالم السياسة المعاصر جورج سباين، يشير بوضوح تام ، أن أرسطو لقن الأسكندر دروس الفلسفة والمنطق، ولكن التلميذ خالف أراء أستاذه في التطبيقات، فالأسكندر ألهمته الضرورات أن يحاول التقريب بين الحضارتين الشرقية والإغريقية، وتلك كانت دروس الواقع العملي والممارسة التي ليس نادراً ما تخالف البحوث النظرية البحتة . وكان أرسطو قد خطا الخطوة الضرورية في إقراره أن السياسة علم وسماه العلم الأعلى، وهو الذي يعين العلوم الضرورية لحياة الأمم ، وماذا يجب على أبناء الأمة أن يتعلموه من العلوم التابعة لعلم السياسة كعلوم الحرب والإدارة والبيان، وقرر أن علم السياسة يشرف على سائر العلوم الأخرى، وهي تهدف إلى تحقيق الخير للإنسان . ولئن كان مستوى تقدم الأفكار عند أرسطو واضحاً، إلا أنه لم يبتعد كثيراً عن معلمه أفلاطون، فنلاحظ التركيز على الفضيلة والعفة والأخلاق والابتعاد عن الرذائل عند أرسطو، فعنده أن الفضيلة هي ما تجعل الإنسان فاضلاً ليؤدي عمله على أحسن وجه .
 
وقد قسم أرسطو الفضيلة إلى قسمين :
1. فضيلة عقلية : وهي التي تتكون وتتراكم بالتعليم الدائم والممارسة المتواصلة .
2. فضيلة خلقية : وهي التي تتكون بفعل العادات الاجتماعية .
 
ووفق منهج سقراط، فإن العدالة هي احترام للقوانين سواء كانت هذه القوانين من صنع الحكماء أو قوانين إلهية والارتباط بالقانون هو تعبير عن مدى صلاحية المجتمع ومقياس لفضائله . فيما كان أرسطو يرى أن العدل لا يكون إلا حيث يكون القانون الذي يفصل بين الناس، ولا يكون العدل الاجتماعي إلا حيث يكون التكافل الاجتماعي، وحيث يأمن الناس على أموالهم، لذلك فلا يجب أن نسند السلطة إلى شخص، بل إلى العقل، لأن الإنسان كشخص لا تهمه إلا مصلحته والعمل في سبيل جمع الأموال لمصلحته وقد لا يتأخر في سبيل ذلك من التحول إلى ظالم غاشم ، بينما حارس العدل الذي هو القاضي يعمل للمساواة ولا يخطر على باله أن يكتنز المال لنفسه ، لذا فإن العدل نعمة، ولعل خير ما يناله القاضي العادل من مكافأة هو الشرف والنبل . ورغم الإيجابيات التي يتسم بها فكر أرسطو، إلا أنه كأستاذيه (سقراط وأفلاطون) قيم بعض الأساتذة فكره بأنه فكر مثالي، ذلك أنه لم يدخل لجة مشاكل الإنسان ، وبذلك أعتبر من ضمن فكر الميثولوجيا والدين . وعن ذلك تحديداً يكتب البروفسور سباين أن أفكار أفلاطون وأرسطو متشابه بأن الحياة الإنسانية محكومة بأمور ثلاثة : الله والحظ والفن(والفن هنا الصناعة) والحظ هي الظروف . وقد أتسمت رؤية أرسطو للدولة بمزيد من العمق والتفصيل عن أستاذه أفلاطون، فقد أعتبر أرسطو أن الدولة هي أرقى أشكال الاجتماع الإنساني وتهدف لغايات وأهداف نبيلة، وأن الإنسان هو حيوان سياسي لا يستطيع العيش خارج مجتمعه(بينا في فقرة سابقة وجهة نظرنا حول هذه المسألة تحديداً) وأن المجتمع بحاجة لقانون يحتكم إليه. فيما كان أفلاطون أن الدولة هي وحدة مجردة ليس للأفراد فيها وجود مستقل ، ولكن سيمضي وقت طويل جداً حتى تكتمل هذه الأفكار على يد روسو وهوبز لبلوغ درجة العقد الاجتماعي، وفي الاستطراد وإيجاد الفروق بين أفلاطون وتلميذه الذي صقل أفكار أستاذه ومنحها المزيد من النضج، نجد أن أفلاطون كان يركز على الحاكم الفيلسوف، فيما ركز أرسطو على القانون وحكم القانون وليس الحاكم . ومن المؤكد أن الأحداث السياسة التي شهدتها بلاد الإغريق قد ساهمت في ضرورة إنضاج علم السياسة وكانت بلاد الإغريق قد تعرضت لهجمات الفرس وتلا ذلك تأسيسه لمدرسة أثينا عام 335 ق.م ضرورة علم السياسة وأن يكون عاماً بحيث يتناول الحكومات بأشكالها الواقعية والمثالية على السواء، كما ينبغي تدريس فن الحكم وتنظيم الدول فقد أشتمل علم السياسة على الإحاطة بالخير النسبي والمطلق والأساليب السياسية التي تستخدم للوصول إلى الغايات التي يمكن أن تكون وضيعة بل شراً (سيكرر ميكافيلي بعد أكثر من 15 قرناً ما يشبه هذه الأفكار) كما كان قاطعاً في اعتراضه على إلغاء الملكية الخاصة وإلغاء الأسرة كما كان أستاذه أفلاطون قد تحدث . والدولة التي بدت الحاجة إليها ماسة في ظل الأضطرابات الخطيرة التي خلفتها المحاولات الفارسية لاقتحام بلاد الإغريق، وهي وإن باءت بالفشل بفعل استبسال شعب الإغريق وبالتحديد الاسبرطيون، بيد أن الحاجة للدولة كمؤسسة عمل جمعية تقود فعاليات الشعب وتوجهه كانت حاسمة ولذلك نلحظ التطور المهم في تطور الفكر السياسي الواضح لدى أرسطو . فالدولة إذن بنظر أرسطو هي دولة قانونية وهو الخيار الذي قرره بحزم ، فيما كان أفلاطون قد تردد به ، وأنحاز لصالح الحكم القانوني(الدستوري) وقرر أن القانون يجب أن يكون هو السيد الأعلى في أي دولة وليس الفرد كائناً من كان .
والدولة بنظر أرسطو اجتماع الناس لأغراض سياسية ، فهو إذن اجتماع سياسي ، " كل دولة هي بالبديهية اجتماع ، وكل اجتماع لا يتألف إلا لخير ما دام الناس أيا كانوا لا يعملون أبداً شيئاً إلا وهم يقصدون إلى ما يظهر لهم أنهم على خير، فإذن جميع الاجتماعات ترمي إلى خير من نوع ما، وإن أهم الخيرات كلها يجب أن يكون موضوع أهم الاجتماعات ذلك الذي يشمل الأخر كلها، وهذا هو بالضبط الذي يسمى بالضبط الدولة أو الاجتماع السياسي".
وإذا ضربنا صفحاً عن الانتقادات التي وجهها أرسطو إلى فكر أستاذه أفلاطون دون التقليل من أهميتها، نجد ولوجاً عميقاً في قضايا الدولة والدستور تحديداً، وتطرقه صراحة إلى المواطنة وما يمكن أن يحمله هذا المصطلح من مدلولات، وإن وجدنا في طيات أعماله إقراراً بالعبودية وبحق امتلاك العبد، بل ويسميه (آلة حية) يستعملها برفق لمصلحته..! كما أنه يعتبر النساء أقل مرتبة من الرجال . وقد كتب أرسطو منتقداً أفلاطون بأنه قد أخطأ عندما جعل الحكومة بواسطة القانون والحكومة بواسطة الملك الفيلسوف نوعين مختلفين من الحكم ذلك أن أرشد الحكام لا يمكن له أن يستغني عن القانون، فالقانون هو عقل مجرد من الهوى وأن سلطة القوانين المنزهة عن العواطف والرغبات لا تأخذ مكان القاضي، وإنما تضفي على سلطته صفة أدبية لا يمكن أن تتحقق بدونها والحاكم الدستوري يتمشى مع كرامة الرعايا فالحاكم الدستوري يحكم رعاياه برغبتهم ويحكمهم بإرادته وبذلك يختلف كل الاختلاف عن الديكتاتور وهذه القيمة الأدبية هي سراب خادع مثل خداع فكرة رضاء المحكومين في النظريات الحديثة . ويميز أرسطو بدقة قدر الإمكان بين المواطن، والعبد والأجنبي المقيم ، ويقر بمواطنة حتى الأحداث والشيوخ، ويعرف المواطن بأنه أبن مواطن ومواطنة، وغياب أحد الشرطين لا يكفي، ليصل في النهاية إلى قرار نجده متقدماً بقوله : 
 
" أن ما يميز المواطن على الوجه الأتم هو التمتع بوظائف القاضي والحاكم . وعلى الرغم من خوض أرسطو المبكر في مسألة القانون الأساسي (الدستور) إلا أن مداخلاته في هذا المجال هي ابتدائية ولا ترتقي لدرجة التوصل لقواعد علمية ، ولا يمكننا مطالبته بأكثر من ذلك في تلك المرحلة المبكرة من الفكر الفلسفي الإغريقي، فمجرد إقراره الحاسم بضرورة وجود قانون أساسي (دستور) هي إشارة مهمة في أفكاره السياسية . ويدين أرسطو بهذه الدرجة أو تلك من الوضوح الحكومات الأوليغارشية والحكومات الطغيانية وإليها يرجع خروق القانون الأساسي والمحتمل للعدل ، ويقرر بصورة مبكرة أنه المدخل للانشقاق الاجتماعي بين الأغنياء والفقراء، ثم نراه يقرر بصورة مثيرة للدهشة ، أن الأحزاب السياسية لا تتألف إلا لحماية المصالح الاقتصادية الطبقية . ولكن الأستاذ جورج سباين لا يجد الفرق بين أفكار أفلاطون وتلميذه أرسطو جوهرية، ذلك أن أفلاطون وأن يعاب عليه تردده بين دولة الدستور والقانون ودولة الفيلسوف، إلا أن (أفلاطون) يصف الدولة الدستورية بأنها خاضعة للدستور، فيما يصفها أرسطو بأنها تلك التي تحكم للصالح العام . ويعلق الأستاذ سباين على أفكار أفلاطون وأرسطو بقوله " فما يفهمه الناس من حكومة الأوليغارشية هو أنها حكومة الأغنياء، كما يفهم من الديمقراطية على أنها حكومة الفقراء، فجوهر الموضوع هو أن هناك سببين متميزين لتولي الحكم، يعتمد أولهما على حقوق الملاك، فيما يستند الثاني إلى إسعاد غالبية الناس ". ويكرس أرسطو خمسون صفحة من الباب الخامس إلى الثاني عشر من الكتاب الثالث (ص204ـ242)  في محاولة لحل إشكالية الصراعات الاجتماعية المحتملة، والظلم والطغيان، واختيار النظام الأصلح في مداخلات يغلب عليها فكر دولة المدينة، بل وحتى ولوج تفاصيل من حيث المساحة وعدد السكان . ثم نلاحظ ارتقاء واضح في فكر أرسطو لدى بلوغه بحث النظرية العامة للجمهورية الفاضلة ، حيث يبحث في مقومات الدولة وشروط بقاءها، وتلك أبعاد استراتيجية يعد التطرق إليها فتحاً فلسفياً، في اختيار الشخصيات ذات الخبرة، وتكريس موارد البلاد في حالة الحرب، وبحث أفضل السبل للدفاع عن الدولة ، والانتباه إلى أن البحر قد يمثل نقطة سلبية بقدر ما يمثل نقطة إيجابية في صلات الدولة التجارية، ويفضل أرسطو أن تكون هذه الفعاليات مشرعة قانوناً من أجل تجنب الأضرار المحتملة على الدولة ، وضرورة أن تتمتع الدولة بقوة بحرية تضمن سلامتها وأمنها وأمن مواصلاتها البحرية مع سائر الدول الأخرى . وفي مبحث مهم يتطرق أرسطو للعناصر الأساسية الضرورية في وجود الدولة واستمراريتها ويعتبرها ستة عناصر :
 
1. المواد الغذائية .
2. الفنون(الصناعة) .
3. السلاح .
4. المال .
5. الكهنوت(المؤسسة الدينية) .
6. إدارة المصالح العامة(الحكومة) وإصدار الأحكام (المؤسسة القضائية) .
 
ويعتبر أرسطو أن لا وجود مستقر ومستقل للدولة إلا بهذه العناصر . ولئن أتفق أرسطو مع معلمه أفلاطون من حيث ضرورة إيجاد هدف أخلاقي باعتباره الغاية الأسمى للدولة، ثم أنه يصل إلى أن الهدف الحقيقي للدولة ينبغي أن يشمل ارتقاء مواطنيها خلقياً، لذلك فقد تضمنت كتابات أرسطو في معظمها ليس سمات وشروط الدولة المثالية ، بل المثل العليا التي ينبغي أن تحافظ عليها الدولة.، فالمثل الأخلاقية العليا هي عند أرسطو من الغايات الأساسية التي تقوم من أجلها الدول تلك المثل : كسيادة القانون والحرية والمساواة والعدل بين المواطنين والنظام الدستوري (القانوني) وهي عنده السبيل الأهم لبلوغ الغايات التي من أجلها تقوم الدولة . ويمضي أرسطو في مباحثه التي لا تخلو من أفكار وأراء طريفة ، فيكون أراء بحق الشعوب المختلفة ، فيقرر أن الشعوب الأوربية هي شعوب تتصف بالشجاعة ولكنهم منحطون في الذكاء والصناعة، ولذلك هم يحتفظون بحريتهم، فيما تتصف شعوب آسيا بالذكاء وقابلية الفنون، ولكن يعوزهم القلب (الجلد والشجاعة) لذلك يرزحون تحت نير الاستعباد ، ويميز الشعب الإغريقي بكون شعب يجمع بين الشجاعة والذكاء ، يحتفظ لذلك باستقلاله ويؤلف في الوقت نفسه حكومات حسنة جداً . ويعترف أرسطو أن مصر كانت قد تعرفت على النظم السياسية والقوانين قبل الإغريق ويقر بتقدم الفكر المصري، وربما يأتي هذا الاعتراف بفعل التقارب الجغرافي بين مصر واليونان كونهما يطلان على حوض البحر المتوسط ، وبذات الوقت شهادة على تقارب الحضارات وتفاعلها الإيجابي ومن المدهش أن يجنح أرسطو كأستاذه ويلج أبواب اجتماعية لا يخلو بعضها من الطرافة، فينتقد الزيجات المبكرة وشروط الزواج الناجح ، ورعاية النساء الحوامل والتصرف حيال الأطفال الذين يولدون مشوهين والإجهاض  وعقاب الخيانة الزوجية ..الخ . ويميز أرسطو بوضوح تقريباً أن من الدساتير ما لا يمكن تطبيقها، والأمر في نهاية المطاف ليس الجودة في وضع الدستور أو القانون بل بخلوه من التعقيد وفي إمكانية تطبيقه ودرجة قبوله من الناس ، فيقول
 
: " لكنه متى أقترح دستور وجب أن يكون ممكن القبول ميسر التنفيذ باعتبار الوضع الذي فيه الدولة حالياً، على أنه في السياسة ليس تعديل حكومة بأقل يسراً من أن تخلق خلقاً. ثم يقتحم أرسطو موضوعة نجدها في غاية الأهمية عندما يقرر أن الدساتير ما هي إلا قوانين لحماية النظام الاجتماعي والطبقات الحاكمة ، فيميز بشكل واضح بين الحكومات الأوليغارشية (حكومات الأقلية الثرية) وبين الحكومات الديمقراطية، ولكنه بالطبع يستخدم في ذلك لغة مبسطة بقوله : " ما يضاعف أشكال الدساتير إنما هو على التحقيق تكثر العناصر التي تدخل دائماً في تكوين الدولة ، فتتألف كل دولة من عائلات، ثم في هذه الكثرة من الناس يوجد بالضرورة أغنياء وفقراء وثروات وسيطة بينهما، ومن الأغنياء ومن الفقراء بعض من يملكون الأسلحة وبعض عزل وإن الشعب ينقسم إلى زارع  وتجار وصناع ، حتى بين الطبقات العليا توجد فروق في الثروات وفي الملكيات المتفاوتة في السعة ، اقتناء الخيل مثلاً أنفاق لا يمكن أن يحتمله على العموم إلا الأغنياء ". ويقرر أرسطو أن هناك تقسيماً اجتماعيا لا بد منه في الدولة فيفترض أن هناك طبقة واجبها إعداد الغذاء للمجتمع وهم الزراع ، وأخرى للصناعات، ثم التجار وهي الطبقة التي تقوم بالبيع والشراء، وطبقة الأجراء، ثم طبقة المحاربين تتولى الدفاع عن الدولة، وفي ذلك ينتقد أرسطو أفكار معلمه أفلاطون بأنه عالج هذه المسألة بلباقة ولكن بغير كفاية ، وكان سقراط قد أشار إلى أربعة طبقات هم النساج والزراع والاسكافيين والبناءون ، ثم أضاف إليهم لاحقاً الحداد وراعي الحيوانات ثم التجار والبياعون .
ويقرر أحد علماء السياسة العرب أن : " مع التسليم بالإسهام الفكري الواضح الذي قدمه لنا أفلاطون وأرسطو،  فإنه لا يمكن التغاضي عن حقيقة كون تلك الأفكار قد اختصت واقتصرت بدول المدينة دون غيرها بوصفها الصورة النموذجية المعروفة حتى ذلك الوقت". وكان المفكر العربي أبن رشد قد قام بدراسة أفكار أرسطو وشرحها، بل وقد أعتمد الغرب على شرح أبن رشد لها ، فنجده قد أجتهد بدراسة وتلخيص أفكار أرسطو الورادة في كتابه (المقولات) بناء على تكليف أبن يعقوب أحد أمراء الأندلس، وقد وفق أبن رشد بعرض أفكار أرسطو بدقة ووضوح تفوق ما توصل إليه الفارابي وأبن سينا في دراسة المنطق أو في تناولهما لأفكار أرسطو، ويدل على ذلك أن أفكار أرسطو والفلسفة الإغريقية كانت معروفة في تلك الحقب للعلماء العرب والمسلمين . وفي إطار استعراض ضروري لأفكار أرسطو عند الفلاسفة العرب والمسلمين، نجد أن متابعة لأفكاره لدي الفارابي في الضرورة الحاسمة للاجتماع بين بني البشر، ولكن مع خلاف نراه مهماً مما يضفي المزيد من العمق على أفكار الفارابي وتطويراً جوهرياً على الفكر الأرسطوي، وبينما كان أرسطو قد قرر أن الإنسان هو مدني بالطبع وبالغريزة ، قرر الفارابي ، نعم أن الإنسان هو مدني، ولكن ليس بالفطرة أو الغريزة ، بل أن الاجتماع البشري ما هو إلا ناجم عن نتيجة مباشرة للحاجة المادية للاجتماع  وعدم إمكان وجوده خارج الاجتماع ، فالحاجة المادية هي حاسمة التي تجعل الاجتماع البشري ضرورة  ، ودون ريب فإن الدراسات والأبحاث إنما تشير إلى أن البشر قد عاش حقب طويلة جداً في حدود العائلة التي لا يزيد عدد أعضاءها عن الرجل والمرأة والأطفال من ذريتهما .

تعليقات

أحدث أقدم