الأحكام السريعة والجاهزة

مشاهدات



عائشة سلطان


كتب أحدهم في أحد مواقع التواصل أن امرأة غضبت من زوجها وغادرت البيت بعد شجار وصل لآذان جميع من في المنزل وأولهم الأبناء، والسبب أن المرأة كانت قد أفهمت أولادها أنها في نهاية العشرينات من عمرها، بينما هي قد تجاوزت الأربعين بسنوات، إلا أن الزوج وبحسن نية حسب الحكاية قام بإخبار أبنائه بحقيقة عمر والدتهم وتاريخ ميلادها، وهنا انفجر غضب الزوجة وتشاجرت مع زوجها ثم غادرت المنزل! وقد اعتبر الرجل ردة فعل الزوجة سخافة لا أكثر!

 

كلنا نعلم أن الشجار ومغادرة أحد الزوجين البيت أمور تحدث في معظم حالات الخلافات الزوجية، والطلاق أمر وارد جداً في الخلافات العميقة والحادة والتي تصل فيها العلاقة الزوجية لمرحلة الأزمة المزمنة، لكن الناس غالباً يطلقون أحكامهم الجاهزة دون أي محاولة جادة أو رغبة صادقة في معرفة ما وراء الصورة الظاهرية، والاعتراف بأن ليس شرطاً أن يكون الخلاف الظاهري هو السبب في نهاية الزواج وهدم الأسرة، لكنه قد يكون القشة التي قصمت ظهر العلاقة وما عاد بالإمكان استمرارها! في الحقيقة يطل البعض من طوابقهم العليا على شرفات الآخرين، فيراقبون ما يحدث فيها، ثم يبدأون في تفسير ما يرونه بالطريقة التي تناسب عقولهم وثقافتهم وتصوراتهم القاصرة ، ثم تنهال السيناريوهات والتحليلات وإصدار الأحكام، وتوزيع التهم، كل هذا وهم لا يعرفون الحقيقة التي لا تمت بصلة لما توصلوا إليه، لكنه الفضول ومتعة إطلاق الأحكام بغير علم!

 

فهل غضبت الزوجة وتركت البيت لأن زوجها أخبر الأبناء بحقيقة عمرها؟ هل هذا هو السبب الحقيقي فعلاً لغضبها؟ ألا يمكن أن تكون هناك خفايا أخرى لا نعرفها؟ فالطلاق يحدث لأسباب تافهة، لكنه يحدث أيضاً لانعدام الخبرة ولسوء المعاملة ولتنمر أحد الزوجين وسخريته على الآخر أمام الأبناء والآخرين، ويحدث لأن أحد الزوجين أناني ونرجسي... نحن ننسى أن الحياة الزوجية وعاء واسع يضم الكثير من الأسرار والخفايا وما يقال وما لا يقال، وربما كانت حكاية إفشاء عمر الزوجة نهاية المطاف في علاقة طويلة من الخلافات والتراكمات!


 

تعليقات

أحدث أقدم