‏ هل هذه بغداد ؟!

مشاهدات




بقلم سعد احمد  الكبيسي 

 


قال الشافعي : 

مادخلتُ بلدً قط الا عددتهُ  سفراً  الا بغداد، فأني حينَ دخلتُها عددتها وطناً.


قبلَ يومين ذهبتُ إلى بغدادَ مع صحبةٍ  طيبةٍ وقد مضى زمنٌ طويلٌ على عدمِ رؤيتي لها، ولقد صدمتُ  من هولِ ما رأيتُ  من إهمالٍ واضحٍ في كلِ شيءٍ ، وأقصد فيما يخصُ واجبات الدولة تجاه العاصمةِ بغداد ، نعم صدمتُ أهذه ، بغدادُ المنصورِ والرشيدِ ، بغدادُ الأئمةِ والمحدثينَ ، حاضرةُ الدنيا ومثابة الدين ؟ !  كنتُ  اسمعُ عن ترديِ الأوضاع في بغدادَ ولكن لم اكن اتصورُ انهُ بلغَ هذا الحد من الإهمالِ ،  هل فعلاً هذه  بغدادُ أم أنها مدينةٌ أخرى هل هَذِهِ بغدادُ التي تغنى بها الشعراءُ والأدباءُ والعلماءُ  بغدادُ التي كانت حاضرة الدنيا بغدادُ التي كانت تحتضن العلمَ والعلماءَ .

 

لقد حولوا بغدادَ من حاضرةِ الدنيا إلى حظيرةٍ طائفيةٍ  بعد أن صار يُستفتى في شأنها في طهران . سقطت بغداد بالدبابةِ الأمريكيةِ والنفط العربي , فهللَ الأعرابُ ورقصَ الطائفيون أما الأعرابُ فلقد أراحهم العلوج  من البلد ِالذي كانَ يحتضنُ ويناديِ في قضايا الامة  . والطائفيون حازوا الملك (حكم العراق) ولو بلعقِ أحذيةِ الشيطان الأكبر ! .


هذا هو الوطنُ الجميلُ مسالخ ٌ

ومدافن ٌ وخرائب ٌ ومزابل ُ

سحقا لكم يامن عمائِمكم كما

بـِزّاتكم ، شكل ٌ بليدٌ باطل ُ

 

الشاعر معروف الرصافي


كانت بغداد  بخيرٍ ولكنّها اليوم ليست كذلك .

ووالله … وتالله … وبالله 

لو علمَ المنصور أنّ هذا سيكون حالها ما بناها!

مدينة المآتم  التي يُسلمها هولاكو لهولاكو! بغداد التي كان فيها الرشيد يخاطب السحابة : أمطري حيثُ شئتِ فخراجك عائد الي .


هل هذه بغداد  ؟! 

التي كان المأمون يدفع وزن الكتاب ذهباً .

وكان البخاري مُحدثاً، ومسلم مُنقحاً،  وأبو حنيفة مُؤصلاً، وسيبويه منحياً، والفراهيدي مُعرضاً، والأصمعيُ جامعاً ! هل هذا بلدُ المليون نخلة  ولا يجدون عند الأذانِ تمرة ! والطفل يهمس في اسى: 

 

أشتاقُ يا بغدادُ تمركِ في فمي .. من قال إن النفط اغلى من دمي؟ 


كم احزنني وآلمني منظرُ جامعُ الرحمن الذي هَرِمَ من صروفِ الدهرِ ، ومئذنتهُ  الصامتةُ، ومحرابهُ الخالي ، وقبابهُ الجرداء  الحزينة، والحَماماتُ في باحاتهِ  جائعةً ! فما تبقى من قمح لا يكفي لصنع رغيفٍ في أمةٍ كانت تنثر قمحها على رؤوس الجبال كي لا يُقال جاعَ طيرٌ في بلادِ المسلمين!


هذا هوَ حالُنا اليومَ ، قطيعٌ شاردٌ هانَ أمر الراعي عندهُ فهانَ على الراعيِ وأطلقَ عليهِ كلابه !


ولكن لن يطولَ الزمان بالهمجِ في بغداد، فسرعان ما تنظفُ هذه الأمة جيراحها، وتصلحُ علاقتها بربها، وتعودُ بغدادُ إلى سالفِ عهدها ومجدها . فهذه المدينةُ  ولودٌ وليست عاقر، فثمةَ ضوءٌ خافتٌ في عُتمةِ الحياةِ، يجعلنا نؤمنُ  أن هذا الضوء سيصبح يوماً ساطعاً .


فسلام على بغداد


سلامٌ على دارِ السلامِ جزيلُ............وعُتبى على ان العتابَ طويل

ابغدادُ لا اهوى سواكِ مدينة..............ومالي عن ام العراقِ بديلُ 

 

 


 



تعليقات

أحدث أقدم