عليك أن تختارَ أحزانك

مشاهدات

 


 لبنى الحمداني


وسط  كلِّ هذا الخراب والوجع علينا ان نتعلّمَ  ثقافة : ‏ أولويات الجراح لكي نحيا دون أن ننهزم أو نجنّ . علينا ترتيب أولوياتنا وأوّلها ترتيب جراحاتنا : لأيّها علينا تخصيص القدرِ الأكبر من الوجع ! وأيّها سندفعُه الى مؤخرةِ الذاكرة لكي نستدعيَه ( ربّما ) حين يكون لدينا ترف التفكيرِ بأوجاعٍ  أقلّ من التي نعيشها الآن ... مؤلمٌ هو عالمٌ يدفعُك للاختيار بين وجعٍ وآخر خسارة وأُخرى : لتنتقي ! 

 

لكن وللحفاظِ على إنسانيتِك ( وربما عقلك وقلبك ) وغضبك ايضا عليك أن تنتقيَ وجعَك ربّما كلّ صباح مثلما تنتقي ما ستلبسه أو ستأكله كي تُحسِنَ المضيّ في يومِك دون أن تُباغِتَك حرقةُ قلبٍ تقتلُك سببُها صورةِ طفلٍ تقطّعت أوصالُه . أو انكسار قلبٍ يجعلك تبكي  لأن  نهراً في بلدِك شهِدَ شروقَ شمسٍ وغروبَها ( مرّةً اخرى ) دونك  أو (شجرة  ) عتيقة تحبّها مدّت لك أذرعُها ولم تستطِع احتضانَها ! او لهفةٌ لحبيب بعيدٍ .. بعيد هو كلّ عالمك !عليك أن تختارَ أحزانك و( تضيّفها) ببعض ما في قلبك من دمعٍ كما تضيّفُ صديقاً : فنجانَ قهوة . وتبقى حريصاً على أن يكونَ هناك مخزون من الدمعِ في عينيك ... دوماً لصباح آخر قد يطرق الفرحُ فيه بابَك ! 

 

لتجلسَ على حافةِ النهر وتحتضنَ الشجرة ... والحبيب وتثأر للطفل الذي قطّع أوصاله قتلةٌ يحاولون بشتّى السبل أن يقهروك لتستسلمَ لحزن الضعفاء الذي لا يجيد إِلَّا  النواح والاستسلام ولا ( يرتّب ) نفسه و(وأولويّاتِه ) ليصبحَ : ثورة  فرقٌ شاسعٌ بين حزن الضعفاء وحزن الأقوياء .لأنّ الأوّل قد (يُميتُك ) حتى وأنت حيّ  والثاني ( سيحييك ) حتى وإن مُت ! 



تعليقات

أحدث أقدم