قلناها قبل «بلومبيرغ»

مشاهدات


إقبال الأحمد


‏نشرت القبس تقريراً لوكالة بلومبيرغ  مفاده أن الكويت تعاني من غياب التنمية وأن هناك قلقاً متزايداً من تراجع الكويت إلى الوراء في مجالات عدة . وجاء في التقرير أن المواطنين في الكويت يشعرون بالغيرة والإحباط من نجاح دول محيطة وأن صبر كثير من الكويتيين بدأ ينفد من الأوضاع وينوون الهجرة . هذا الكلام ليس مفاجأة بدليل أن مقالاً لي نشر في الصحيفة ذاتها قبل يومين من نشر هذا التقرير مفاده المحتوى نفسه . نحن ـ الكويتيين ـ ‏نعلم ذلك جيداً ونقوله باستمرار ويسمعه كل من يهمه أمرنا وشأننا سواء بداعي المحبة أو غيره . يعلم الجميع ذلك بسبب مساحة الحرية التي نتمتع بها وهو ما يميزنا عن غيرنا .

 

 ولأننا دولة ديمقراطية فنحن نقول وننتقد ونُسمِع الآخرين نقدنا لمؤسسات في دولتنا وحكومتنا .. وبحدة بعض الأحيان.. في كل مناسبة وكل مكان خاص أو عام .. وأمام الملأ . أصواتنا تُسمع عندما تُنادي وتلوم وتُعاتب وتحذر عبر شاشات محطاتنا التلفزيونية العامة والخاصة في الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي وهذا لا تجده في دول أخرى . إلا أن ذلك وللأسف وبعد تردي أحوالنا لم يعد ميزة نتشدق بها فقط، من دون أن يصاحب ذلك رد فعل وتنمية وتطوير وتغيير الحال إلى الأفضل . أنا لا أعمم على كل شيء نعم.. فهناك محاولات جادة للتغيير والتنظيف إلا أنها غير كافية وقد تبدو للبعض أنها غير جادة كما ينبغي وبشكل كافٍ للانتقال إلى مرحلة أكثر تطوراً ‏وانفتاحاً وتنمية وبالسرعة المطلوبة . أعرف أيضاً أن النظام السياسي الذي يحكم الكويت ويُسيّر الحياة فيها يسير تحت مظلة الديموقراطية.. وهو مختلف تماماً عن نظام أيّ دول أخرى مجاورة شهدت طفرة وتطوراً لم يكن يتخيلها إنسان من حيث حجمها وسرعتها وتحديها لأسلوب حياة سابقة . نعرف جيداً ومن باب الواقعية والموضوعية أيضاً أن القرارات الفردية في الدول الأخرى سهلة التنفيذ وهي تختلف كلياً عن القرارات عندنا وآلية وسرعة تنفيذها والتي تحتاج إلى المرور عبر قنوات برلمانية ومحاسبية مع توافر تأثير للرأي العام والإعلام بكل أنواعه.. قبل الموافقة عليها وإعلان تنفيذها.. ‏وقد يؤدي ذلك إلى تعطيلها أو إلغائها أو النوم عليها .‏لكن للأسف وبسبب خصوصية مجتمعنا فنحن اليوم نعيش وضعاً مشابهاً لما بعد الغزو من حيث الشعور بعدم الأمان والقلق وبدء تداول فكرة الهجرة عند بعض شبابنا ورؤوس الأموال أيضاً.. بسبب رتابة الحياة ‏وصعوبة التعامل مع كثير من القرارات والقوانين التي يعود بعضها إلى العهد الحجري، ولم تمسها يد التعديل أو التطوير.

 

وكالة بلومبيرغ لم تقل شيئاً جديداً.. كما كان تقرير رئيس وزراء بريطانيا الأسبق طوني بلير الذي لم يتضمن سوى ما نقله له كل من جلس معهم من فئات المجتمع الكويتي.. والذين قابلهم وأمدوه بما يقال في الديوانيات والمجالس وصدر الصحف . نحن ‏مع كل خطوة جادة ومدروسة لتحسين وتعديل الأوضاع عندنا ندعمها بكل قوة ونُعين القائمين عليها شرط أن تكون هناك جدية وقوة في تنفيذها من قبل الحكومة.. نحتاج إلى إدارة قوية حازمة تعرف ماذا تريد وكيف تحققه .. ذات إرادة صلبة تعرف متى تمضي قدماً ولماذا ومتى تقف ولماذا؟ نحتاج إلى شفافية من حكومتنا تطلعنا على كل خطوة تقوم بها لكي نصدق أن هناك جدية بالموضوع.. وفي الاتجاه الصحيح لا ردود فعل هزيلة فقط .



تعليقات

أحدث أقدم