موصل تغلب
يقول باولو كويلو : "الحالمون لا يمكن ترويضهم ابداً"
وأنا اقول : وهذا من حسنِ حظِّ العالم لأنّه لو سهُلَ ترويضهم لما تحوّلت نقراتٌ على مفاتيح بيانو إلى قطرات مطرٍ على شغافِ القلب ! ولا أزهرَت الكانڤاه ولا بكت الأوراق ... قصائداً ! ما كانت الحرائقُ ستشتعلُ في خرابِنا وقباحاتِنا( لينهضَ من رمادِها عالُمنا المعافى) ..... أو في دمائنا . ولا كان الورد سيعطِّرُ أيامَنا : بدمعه/نداه ! كانت أوجاعُنا ستبقى محض : آلام .. لا معلّقاتٍ واشعاراً وبكاءَ ناي مذهل وترنيماتِ حنين . وكانت أفراحُنا ستمضي لحظة انتهاء ضحكاتِنا ولا تصبح سمفونياتٍ ولوحاتٍ وأغاني .... لولاهم كان الرماديُّ تسلّل الى صورِنا ووجوهِنا وارواحِنا ومنع الأبيضَ من الالتقاءِ بالاحمر ليصبح : وردة ! والتقاءَ الأسودِ بالذهبي كي يصبح : فجراً
"الحالمون هم كلُّ ما جمعه الجمالُ من طفولةٍ تخلّى عنها الكبارُ الذين كفّوا عن احلامِهم .. وكبروا . ومن حكمةٍ تركها الشيوخ ُعلى ارضنا ..قبل أن يرحلوا . هم أصواتُ الغابرين التي بقيت منذ آدم تجوبُ فضاءاتِنا باحثة ًعمّن يصغي أليها .... صرخاتُ من كُمِّمت افواهُهم ! واسماعُ من صمّوا آذانهم عن سماع صرخات المكمّمين ! وهم أشواقُ القادمين إلى هذه الارض متلهّفةً لقلوبٍ نقيّةٍ تسكنها ! الحالمون هم ال ( لا ) التي يخشى غيرُهُم قولَها ساعةَ وجوبِها في وجه ظلمٍ او اكاذيب او قبح . وهم ال ( نعم ) التي تفتحُ البابَ الذي يوصده الخائفون المترددون بوجهِ ما هو رائعٌ واستثنائي يخيفهم لأنّهم ... خائفون مترددون....( مروّضون ) ! الحالمون هم محضُ احلامِنا نَحْنُ تجسّدت بشراً( سويًّا) كي لاتصبحَ أيّامُنا كوابيساً يتحكم فيها أشباه البشر . هم الأسئلةُ التي لا ترتاحُ إلّا بإجاباتٍ صادقة . وهم الاجوبةُ على كلِّ ما هو خارقٌ لا يمكن تصديقُه ! لولا الحالمون ما عرفنا احساسَ وَرَقَةِ شجرٍ وهي تُداسُ بالاقدام ولا شعورَ الدمعةِ وهي تسيلُ على جدار قلبِ بيتٍ هجرهُ اهلُه . "ولا رأينا موسيقى عين عاشقٍ يرنو بقلبه الى حبيبته البعيدة" ! ولولاهم ايضاً ما قامت ثوراتٌ ولا زُلزِلت كراسي وعروش . الحالمون هم دقّاتُ قلبِ العالم الذي يحاولُ دوماً ترويضهم ويعجز جاهلاً ان عجزَه هذا ينقذه من موتِه المحقّق ... ينقذه من توقفِ قلبه !
إرسال تعليق