كلمات تعادل طن من الحديد

مشاهدات


ضرغام الدباغ


كنت يوما اسير في شارع  ببرلين فإذا بشاب يستوقفني أنت د. ضرغام الدباغ فأجبته نعم قال لي " أنا أتابعك ( أخبارك وما تكتب) ولكن رجاء أبق على هذا النهج فطالما فجعنا بكتاب ومناضلين يخضعون لتسعيرة الأقلام ويتحولون عن الخط الوطني والقومي " ... 

 

وتكررت مثل هذه الحادثة بعد سنوات مع شاب آخر . عام 2015 وفي آخر سفرة لي لبغداد التقيت صدفة بصديق هو وطني وقومي ولكنه غير منتم لحزب ولم يكن يشغل مناصب في العهد الوطني . تبادلنا التحيات والسلام كأصدقاء قدامى وسألته عن أحواله فأجاب : " أتسأل عن حالي وبلادنا محتلة ..؟ والله كان ينبغي أن نموت ولا نشهد العراق محتلاً ولكني والله  كلما أفكر وأقول أن مثلك يا ضرغام وآخرون سوف لن تهدأون وتعملون كل ما في وسعكم فعله ". هذه تكررت نحو ثلاث أو أربع مرات بنفس الكلمات تقريباً وفي كل مرة كنت أشعر أن محدثي يلق على أكتافي بطن من الفولاذ ... وأتذكر محنتي ومحنة العراق وكثير رجال واجهوا مصائر رهيبة وبعضهم استشهدوا في البراري وعلى التلال وآخرون تحت التعذيب أو على مقصلة الإعدام وساحات الرمي وبعضهم اغتيل ...

 

لا أشكو من شيء فأنا جاهز لمثل هذا المصير منذ زمن بعيد وأقسم أن وجوه رفاقي وأصدقائي ممن صمدوا حتى الموت لا تغادر مخيلتي سنلتقيهم يوماً بوجه أبيض إن شاء الله وأتذكر دائماً كلمات قرأتها وأنا شاب في مقتبل عمري للمناضل الوزير في حكومة الكيلاني السيد علي محمود الشيخ علي حين وقف أمام المحكمة العسكرية لمحاكمته وقد أعدم قبله : العقيد محمود سلمان.. العقيد فهمي سعيد.. العقيد كامل شبيب.. يونس السبعاوي.. فالموقف مهيب ولكن من يواجه المواقف المهيبة غير رجال لا يهابون شيئاً أمام الوطن فقال بهذه الكلمات : " وأني في هذه اللحظة أدرك موقف محكمتكم (مشفق على المحكمة ورئيسها) ومقدر ظروفكم وظروف الوطن ومرحبا بأي حكم يصدر بحقي والله لا أخونك يا عراق ... والله لا أخونك يا عراق ... والله لا أخون وطناً يشرفني حمل أسمه وطن ترعرعت على أرضه وأنماني وصيرني رجلاً ... والله لا أخونك يا عراق ". وأتذكر كلمات الشاعر محمود درويش قد أكون فقيراً أو أتعبني المرض والشيخوخة ووهن مني العظم ولكن قلبي ما يزال ينزف حين يذكر اسمك وكل ما أملكه في حضرة الموت هو جبين ناصع وغضب ....! 

 

محمود درويش يخاطب الوطن .......

والله لن نتخلى عنك يا وطن ....

 



تعليقات

أحدث أقدم