غريب الروح !

مشاهدات

 


د. نزار محمود


نسمع ونقرأ بين الحين والآخر ان فلاناً من الناس : غريب الأطوار! فقد يكون غريباً عن المألوف في أفكاره أو رؤاه أو معتقداته  أو رغباته أو سلوكه وما الى ذلك مما يختلف به . ما زلنا نحن كثير من العراقيين تطربنا أغنية : غريب الروح التي اداها المغني حسين النعمة والتي تتحدث كلماتها عن تصرفات حبيبته الغريبة تجاهه. ( من الجدير الاشارة الى ان طرف الحب غالباً ما يرد بصيغة الرجل لاعتبارات اجتماعية) حيث يقول أحد مقاطع الاغنية وبلهجة عراقية جنوبية جميلة :

 

كم هلال هَلن !!! وأنت ماهَليت

كثير أعياد مرن وأنت مامريت

سنين الصبر حًنن وأنت ماحنيت

ترف ما حسبت بي 

وأنه وغربتي وشوقي

نسولف بيك ليليه

نقول يمر .. نقول يحن وتظل عيونه ربيه

يالمامش الك جيه ... الك جيه

تفز جروح محنه تفوح

وغريبه الروح ... وغريبه الروح .


ولا يقتصر الشعور بالغربة على علاقة الحبيب بمن يحب وانما يتعداها الى جميع مجالات الحياة . فليس من قليل من ترك وطنه احساساً منه بغربة فكرية أو سياسية او  ثقافية أو اجتماعية وحتى أسرية . كم نلاحظ من يجلس في مقهى يعج بضجيج الرواد وهو في صمت يتأمل في افكار ووحدة . بيد أن للغربة والغرباء وجهان: أحدهما غربة “ايجابية” كون صاحبها يعيش افكاراً وأحلاماً جميلة في وحدته وهو ينأى عن سفاسف الحياة وهرج ومرج الغوغاء فيها وغربة “سلبية” يعيشها صاحبها في جهالة وعدوانية أو  نرجسية وعجز عن مسايرة الحياة الطبيعية . ما أحلى روحاً غريبة في رقتها وعذوبتها وافكارها الانسانية النبيلة وما أقبح روحاً غريبة في عنجيهتها أو فضاضتها أو أنانيتها. وليس ببعيد عن أذهاننا قول الرسول الكريم وهو يتحدث عن الاسلام كيف بدأ غريباً عن مجتمعه في قيمه وهدايته وكم حذر من عودة الغربة عندما يشيع الفساد ويقل النفر الصالح وها هو صلوات الله عليه يختتم حديثه بقوله : فطوبى للغرباء .



تعليقات

أحدث أقدم