مأساة / ملهاة تتكرر

مشاهدات


ضرغام الدباغ

 

من العجيب المدهش (وليس عجيب إلا الشيطان الرجيم) أن قوى الاحتلال في العراق حتى بعد مرور نحو 20 عاماً على احتلال البلاد ما تزال تنفذ عمليات إرهابية وتضعها على شماعة خصومها أو تنفذها خدمة لأغراض سياسية والعراق ملعب واسع ورحب لكافة أشكال الألعاب والتمثيليات والتعقيدات والتدخلات تسمح بتمريرها لوقت طويل وبعد أن تكتشف الحقيقة يكون من خطط ومن نفذ العملية الارهابية قد أصبح في الضفة الاخرى من النهر ... وما ينفع  ان تكشف ما أكل الدهر عليها وشرب وأصبحت حقيقة لا قيمة لها ...؟


في أولى سنوات الاحتلال نفذت استخبارات قوى الاحتلال بضعة عمليات إرهابية في البصرة  القي القبض على الفاعلين بوقت قصير قبل التنفيذ أو بعده ولم يكن المنفذون سوى من جنود الاحتلال يرتدون ثياب نسائية (العباءة) أو عمليات نسف مفخخات تفجر بالريموت كونترول بأيدي عراقيين سذج لا يعلمون ما بأيديهم وما يفعلون . ولكن التخريب تطور ففي  22 / شباط / 2006 تم تفجير المراقد في سامراء من قبل قوى احتلال وبقصد إثارة الفتنة الطائفية التي فعلاً أشتعل فتيلها ومضت تحصد أرواح الناس قبل أن يتبين(باليقين) أنها من تخطيط وتنفيذ أحدى قوى الاحتلال (الاستخبارات الايرانية) والأمريكان لم يشاؤا كشف الامر ولا التحقيق لأنه قد يلحق الضرر بإحدى أطراف التحالف وهو أمر غير مرغوب به في بداية الاحتلال . ومع انتشار نفوذ قوى الاحتلال وقد شعروا بقوة مقاومة الشعب العراقي بشكليه السلبي والايجابي ومن أجل إتمام أهداف الاحتلال الإجرامية قامت قوى ميليشياوية معروفة بتهريب أكثر من 500 سجين من سجن أبو غريب المحكم بتدبير مخطط له من قبل قوى حكومية (عام 2014) أعترف به وزير عدل الحكومة بعد ذلك دخل 150 مسلح وأحتل الموصل التي كانت يتواجد فيها ثلاث فرق مدرعة وآلية ومشاة وقوة من الطيران العراقي الحربي ولم يتم انسحاب منظم كما كان قد خطط له  بل أنسحاب عشوائي (هروب) وإخلاء للموصل . 

 

إذ كان لابد من ذريعة لتدمير مدينة قديمة عريقة ولها تاريخ سياسي وطني وعلمي ومعرفي إرضاء لرغبات المتعطشين للدماء والتخريب وأن مشروع استعادتها (تحريرها) سيدمر المدينة عن بكرة أبيها ويقتل عشرات الألوف من المواطنين الأبرياء ... وهو ما تحقق فعلاً والنتيجة أن أفنيت مدينة وقتل عشرات الألوف ولا يعلم أحد حتى اليوم كيف جرى ذلك ... الملف تفوح منه رواح ومؤشرات الجريمة المخططة والأمريكان (رعاة حقوق الإنسان) يعلمون كل شيء بدقة تامة ولكنهم لم يحركوا ساكناً بل أيدوا مشروع التدمير وساهموا فيه فكل عراقي يقتل هو مكسب لهم وسيأتي اليوم الذي يشجعون أن يقتل العراقيون الشيعة بعضهم وأن يقتتل الأكراد فيما بينهم  ....! مسكينة شعوبنا ....تصدق ما يقال لها .. وتنفعل وتتحمس بسهولة وسرعة ولكنها تبرد بسرعة أكبر الامريكان والاسرائيليون درسوا طبيعة شعبنا فيلعبون على التناقضات بمهارة عازف البيانو المحترف وجماهيرنا الغفيرة الغفورة تصرخ وتزعق مع كل ضربه على الوتر ينجم عنها صيحة أستحسان أو أستنكار بصوت جهوري متشنج وربما ترافقها دبكات وهوسات شعبية وهتافات وأحيانا قصائد شعبية ملتهبة . ولكن ترى هل يكلف أحدهم نفسه ليتعمق بالسؤال .. لا بالطبع الآن هو وقت الصياح والصراخ .

 

هل يسأل أحدهم نفسه من قصف السفارة الامريكية عشرات المرات ...؟ من قصف عدة مرات قاعدة عين الأسد ..؟ من الذي قصف مرتين مطار أربيل الدولي ..؟ من قصف منزلاً في أربيل يعود لشخصية لا علاقة لها بالسياسة (قصفت على انها مقر للموساد) هناك يوميا أعمال قصف ونسف وتخريب في محيط المدن العراقية والسورية (دير الزور ودرعا ودمشق) صواريخ الكاتيوشا صارت لعبة يلعبها كل من هب ودب .. حتى الهواة في التخريب وهناك بالطبع أخطاء في التسديد والتوجيه ينجم عنها كوارث .. لكن لا أحد يسأل فيلق التضليل موجود لبث الغبار والضباب وكل ما يعمي الابصار ..ويمارس مهامه بكفاءة أو أبتذال .. لا يهم  فنحن اليوم في قلب المرحلة الحرجة ....! ما هي مؤشرات المرحلة الحرجة ... بعيداً عن الحروب الكلامية والشوشرة والتهريج مؤتمر جدة سجل نجاحا غير مسبوق ودشنت المنطقة عصرا جديدا في العلاقة بين دول المنطقة والقوى العظمى نحن لسنا مع أي قوة دولية نحن مع مصالحنا وكفى لإثارة الفتن والحروب الطائفية والعرقية المنطقة مصممة على دخول العصر الجديد وسنتجه لتأمين مصالحنا مع أي قوة دولية بصرف النظر عن طبيعة التنافس الدولي الجديد ... نحن مع مصالحنا ..! بالمقابل مؤتمر طهران لم يحقق شيئا يذكر الروس يعلمون ماذا يفعلون وهم يخوضون حربا مصيرية ولا يلتفتون إلى أهداف يعتبرونها صغيرة ... تعشعش في أذهان الفرس أوهام السيطرة والهيمنة وفاتهم أن يسألوا أنفسهم ... بريطانيا وأميركا وفرنسا لم تدبر أوضاعها في المنطقة ... معقولة أن يدبروها هم ...؟ بمشروع سياسي / ثقافي خرافي لا يقتع حتى الحمقى والمجانين بافتصاد قائم على اللطش والتهريب بجيش مهلهل لا يخيف احداً ... بمشروع مقاومة مضحك لا يخدع حتى الأطفال ...

 

ياتي قصف مقهى سياحي في زاخو ومقتل 5 أشخاص كارثة لا تحتمل ...! في هذا السياق إثارة ما يمكن أن نعتبره عاصفة غبراء محليا تلهي الناس عن تسريبات المالكي التي يخطط فيها صراحة لحرب دموية وخارجيا لفشل قمة طهران  لنفكر من هو المستفيد ولماذا وسيتبين لنا الفاعل بسهولة إنها بقصد إضعاف موقف تركيا بعد فشل مفاوضات طهران  ... واستباقا لحملة تركية مرتقبة .. الشعارات كتبت بل كانت مهيئة والتظاهرات والاحتجاجات وإبداء القلق ... وكأن ما يحدث في العراق وفلسطين وسورية ولبنان منذ 20 عاما لا يستحق القلق ... صحيح أن الناس يخدعون بسهولة ... ولكن عمر الخدعة قصير قال إبراهام لينكون (الرئيس ال16 للولايات الأمريكية) وهو أحد الحكماء النادرين من الرؤساء الأمريكان . - يمكنك أن تخدع كل الناس لبعض الوقت ... وبعض الناس لكل الوقت  لكنك لن تستطيع خداع كل الناس كل الوقت ... وقالت العرب قديما " حبل الكذب والخديعة قصير  ".

تعليقات

أحدث أقدم