* لم يتزوج الإمام الحسين (ع) إبنة كسرى ولا يزايد علينا الفُرس في جدّنا الحسين عليه السلام ...

مشاهدات



طلال بركات

 

ليس صحيحاً ما يُحكى من روايات بأن الإمام الحسين عليه السلام تزوج من بنت كسرى إذ لا يوجد لهذة الرواية أي أثر في كل المصادر ولا أساس لها من الصِحة سوى قصص وفبركات يروجها الفُرس أنفسهم كي يكون لهم نسب في آل البيت .. بمعنى أن زواج الحسين عليه السلام من إحدى بنات كسرى وهي "شاه زنان" أو "شهربانو" هي عبارة عن كذبه تاريخية كبيرة ألَّفها وصاغها باسلوب تراجيدي دهاقنه الفُرس وحشروها في الكثير من الكتب الإسلامية ليعطوا سيدنا الحسين (عليه السلام) ميزة وهي إمتداد سلالته إلى الفُرس .. وفيما يأتي حقائق تكشف زيف هذا الادعاء :

1- وِلدَ الحسين (عليه السلام) عام 5 هجرية وفُتحت المدائن عام 16 هجرية أي كان عمره 11 سنة لأن زواج الإمام علي عليه السلام بفاطمة عليها السلام كان عام 2 للهجرة بعد غزوة بدر.

2- ملك الفُرس كان عمره 21 سنة عندما فُتِحت المدائن.. فلو افترضنا أنه تزوج وعمره 15 سنة فإن إبنته الكبرى ستكون بعمر خمس سنوات وهل يمكن أن يتزوجها الإمام الحسين وعمره إحدى عشرة سنة .

3- الذين صاغوا هذه القصة كأنها حقيقة مُسَلَّمة فاتهم أن كسرى قُتِل سنة 31 هجرية على يد عامل مجرشة في زمن عثمان بن عفان (رضي الله عنه) في شرق إيران وليس في معركة فتح المدائن عام 16 للهجرة في عهد عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) لأنه فر إلى أصفهان ثم إلى أطراف كرمان بعد معركة المدائن التي حصلت في عام 16 للهجرة بينما قُتِل في عهد خلافة عثمان عام 31 هجري أي بعد 15 عاماً من فتح المدائن فأين هذا من زمن عمر..؟! لذلك استدرك المروجون لهذه القصة وقالوا : ربما في زمن عثمان بعدما روجوا في البداية أن كسرى قُتِل بعد فتح المدائن في عهد عمر بن الخطاب وقد حاول المجلسي أن يرقّع تهافت هذه الفضيحة فقال : يحتمل وجود خطأ في ذكر الإسم فبدلاً من ذكر عثمان تم ذكر عمر دون الإشارة لزمن الحدث فعوضاً عن مداراته لفضيحة الرواية زاد الطين بلة .

4- قالوا : اقترح الإمام علي بن أبي طالب على عمر بن الخطاب (رضي الله عنهما) تزويج "شهربانو" للحسين وأختيها إلى عبدالله بن عمر والأخرى إلى محمد ابن أبي بكر وهذه مغالطة لا يمكن سترها هي الأخرى لأن الروايات التي أشارت إلى حمل غنائم كسرى من قِبل الصحابي بَشير بن الخَصَاصِيَّة (رضي الله عنه) لم تتحدث سوى عن المال المحمول وخلت من ذكر نساءٍ سبايا .. بالرغم من محاولات الفُرس والصفويين ترويج رواية بنات كسرى سبايا من بين الغنام إلا أن أغلب علماء الشيعة العرب أول من كشف تهافتَ هذة الرواية بل لم يؤيدوا ما ورِد عن علماء الفُرس من روايات متناقضة منها : 

1- رواية الكُليني التي تقول :  إنها كانت سبية واحدة وهي بنت يزدجرد .  

2- رواية محمد بن جرير بن رستم تقول : إنهما كانتا أختين.

3- رواية الزمخشري تقول : إنهن كن ثلاث أخوات.


المهم أن الغاية من نسج قصة الزواج هذه وفبركتها هي محاولة ربط العنصر الساساني الفارسي بمصاهرة بيت النبوة لتحقيق دوام السيطرة الفارسية برداء نبوي إسلامي من آل البيت وكذلك الإبقاء على العقلية التقديسية المتوارثة في المُلك والسلطان الديني لدى الفُرس والتي بقيت تعشعش في العقلية الفارسية، فحاكوا هذه الأسطورة لضمان استمراريتهم في السيطرة عبر تلاقح النطفة النبوية مع المجد الفارسي المتهاوي ... وأخيراً لابد أن يدرِك المنقادون وراء الفُرس بحجة المذهب أن تَمَسّك الفُرس بالحسين (عليه السلام) ليس حباً  فيه وإنما لأنه أستشهد في زمن دولة بني أمية أي قُتِل من قِبل (العرب) ولم يذكروا من غدر به وأي القبائل التي ينتسب إليها القتله لهذا يتباكى الفُرس عليه نكاية بالعرب، ولم يتباكوا على الإمام علي بن أبي طالب (والد الحسين) وأحد الخلفاء الأربعة لأن قاتِله فارسي ويتفاخرون بأبي لؤلؤة المجوسي قاتل الخليفة عمر بن الخطاب لأنه فارسي ولن يتباكوا على الحسن لأنه قُتل بِسَمِّ زوجتهِ الفارسية بل يبغضونه لأنه تصالح مع معاوية .. وكانت هنالك لافتة على مرقد سيدنا الحسين تقول: ( لعن اللهُ أمةً قتلتك) والمقصود أمة العرب وفي زمن النظام السابق نظام "صدام حسين" نقِلت هذه اللافتة وتم وضعها على مرقد الإمام علي بن أبي طالب لأن قاتله فارسي .. كما أن المذهب الجعفري مذهب عربي ويحاول الفُرس تجييره لصالح أجندة سياسية لأن الفُرس حرّفوا المذهب الجعفري في زمن الدولة الصفوية لأنه يخدم مصالحهم ولهذا سمي (التشيع الفارسي الصفوي) تمييزاً له عن التشيع الجعفري العربي الذي يعود إلى جعفر الصادق (ع) الذي كان أستاذاً لاثنين من أئمة السُنّه أحدهم أبو حنيفة النعمان والذي يسمى مذهبه بالمذهب (الحنفي) نسبة إليه .. ولا يوجد أي كلام لجعفر الصادق (عليه السلام) يسيئ إلى الخلفاء الراشدين أو زوجات النبي أو أي من الخزعبلات التي يقوم بها أتباع الفُرس الصفويين للإساءة إلى الإسلام  لذلك لا أحد يزايد علينا في حب جدنا الحسين العربي الهاشمي القرشي وآل البيت الكرام لان الفُرس الصفويين يريدون خلط الأوراق لكي يدّعوا أن أصولهم من آل البيت وأنهم أحق من يمثل الشيعة..


المصادر : 

1- علي شريعتي كتاب التشيع العلوي والتشيع الصفوي .

2- نبيل الحيدري كتاب التشيع العربي والتشيع الفارسي - دور الفُرس التاريخي في انحراف التشيع .

3 - عدنان محمد الزرزور السُنة النبوية وعلومها بين أهل السُنّة والشيعة الامامية .

4 - حسن العلوي عمر والتشيع .

تعليقات

أحدث أقدم