هل يمكن لثقافة ان تكون تكون سبباً للتخلف ؟! نعم وسأحاول التوضيح .

مشاهدات


 الدكتور  نزار محمود

 

إن هذا العنوان الاستفزازي يتطلب توضيح جملة من المفاهيم ذات العلاقة مثل : ماذا نعني بالثقافة وما هو دورها ؟ من هو المثقف وما هو تأثيره ؟ ما هي اشتراطات الزمان والمكان في المثقف والثقافة ؟ من المعروف اننا نقصد بالثقافة نشاطاً انسانياً واعياً يحقق لصاحبه ولمجتمعه اشباعاً لحاجات معرفية أو وجدانية أو عاطفية أو جمالية أو  مادية محسوسة ويساهم في حل مشكلاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية الحياتية في خضم تطورها الدائم . 

 

إن نشاطاً ثقافياً لا يحقق واحدة أو أكثر مما ذهبنا له من اهداف يصبح عملاً عبثياً لا طائل منه متحولاً الى شيء اشبه بنشوة خمرة أو مخدر أو هذيان وحديث طرشان واضاعة للوقت وهدراً للزمان . إن اطناناً من الكتب قد تصبح لا قيمة لها عندما لا توفي في فائدتها قيمة زمن قراءتها ! وقد لا يضيف آلاف المثقفين سطراً مفيداً في كتاباتهم ! كما إن إجترار معرفة منتجة واعادة صف حروف كلماتها وترتيب جملها هي ليست بثقافة مبدعة أو منتجة أو جديدة صحيح ان للقراءة والكتابة اكثر من هدف أقلها الانشغال زمنياً عن اذية الآخرين أحياناً ! الا انه الزمن الذي يمضي في انتاج غلة لا تغني ولا تسمن من جوع  وربما لا تخرج عن حدود التمنطق والمباهاة والمناكفات . أليست قيم وسلوكيات ثقافات الديكتاتوريات السياسية والاستغلال الاقتصادي للانسان والهيمنة الارستقراطية الاجتماعية والمعتقدات الخرافية والفساد والسرقات والعمالات والخيانات والكسل والخنوع بواقعها وممارساتها المجتمعية من الثقافات المؤذية المتخلفة ؟! هناك في هذا الخصوص مسألة اخرى هامة وخطيرة وهي ان لكل زمان اولوياته في الثقافة واشكالها وهو أمر يجد نفسه في تفاعل متبادل مع حركة تطور الحياة اجمالاً . ان الوقوع في خطأً استخدام الزمن وصرفه في ثقافة لا تساهم في حل مشاكل الحياة واشباع رغبات الانسان المرتبطة بدوره ومسؤولياته تجاه ذاته والآخرين وبالتالي صون كرامته ستلحق به اشد الضرر وتغرر به في اشغال وقته . من هنا فإننا نصل في نهاية المطاف الى ان هناك ثقافة منتجة وثقافة غير منتجة ثقافة تخلق زمناً جديداً وثقافة تقرض ما متاح  لنا من زمن ثقافة تزيدنا قوة وثقافة تراكم علينا ضعفاً . ما زلت اتذكر بشكر كبير لوزير ثقافة مصري سابق محاضرته التي حملت عنوان : ثقافة اللؤلؤة وثقافة القوقعة !

 

وفي الختام اشير كذلك الى قضية هيمنة الاجيال البائدة المهيمنة في فكرها ونظرتها ورغباتها وأحلامها على قرارات الثقافة واتجاهات تطورها. علينا نحن المثقفين من كبار السن ان نمتلك من الشجاعة والصراحة لتتيح الفرصة والمجال لثقافة اكثر فائدة وتوافقاً مع ضرورات تقدم حياة الانسان عندما نرى أننا لم نعد نقدر عليها !
إنها أمنية تحتاج الى كثير من الوعي والحكمة والجرأة .


 

تعليقات

أحدث أقدم