عبدالكريم الوزان
مثل شعبي عراقي يتحدث عن زوج يدعى ( أبوحسن ) حدث أن توفيت زوجته وتركته وحيدا ولشدة المه على فراقها كان يولول ويعتصر ألما ليلا نهارا مما اضطر الجيران الى ملازمته وخاصة خلال الأيام الاولى حسب العادات والتقاليد . وفي أحد المرات أجتمعت النسوة حوله وهو يستذكر سجايا فقيدته وينتحب متسائلا بعد أن حاولن مواساته : من يعد لي الطعام فقالت إحداهن لاعليك نحن نقوم بذلك ثم .. ومن يغسل الثياب ؟ عندها ردت عليه الأخرى : لاتقلق ياأبو حسن نحن ثم أردف.. ومن يقوم بتنظيف الدار ؟ فأجابته غيرها هذه مهمة مقدور عليها يا أبو حسن كل يوم تاتي واحدة منا فتؤدي ذلك . أخيرا التفت يمينا ويسارا وهو يهزرأسه : ومن يقضي الليل بطوله معي ويرد عني وحشته ؟!..هنا ساد صمت مطبق مصحوب بذهول وحيرة من النسوة ساعتها أومأ برأسه وأردف ... سكتة ياأم حسن سكتة !! البصرة الفيحاء ... مدينة المدن وعروس الخليج والجاحظ والحسن البصري وأبن سيرين والفراهيدي وبدر شاكر السياب .. ينطبق عليها هذا المثل .
أحيا وأموت على البصرة خلت بقلبي حسرة
البصرة بيها العشار .. بيها النخل والأشجار
كان الناس يتغنون ويتحسرون على جمال البصرة وعشارها ونخلها وأشجارها وشعرها وفلسفتها وحكمتها أما اليوم فهي تشكو حالها من كل ماأصابها .
سأتحدث عن ظاهرة سلبية واحدة فقط هي انعدام الماء الصالح للشرب وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ الناس تشكو من الماء العفن ذي اللون الأخضر الذي ينساب عبر شبكات الاسالة الى دورهم وخاصة في بعض المناطق مثل ( السيمر ) حيث يتسبب في حصول حالات تسمم والاصابة بامراض جلدية خطيرة وهذه هي الابادة الجماعية بعينها ياترى اين الوعود بتوفير الماء الصالح للشرب تحديدا ؟!. هذه المدينة التي تعد كنز من كنوز العراق وممولا لثرواته بحكم موقعها الاستراتيجي الاقتصادي المهم وكونها ثغر العراق الذي يطل على دول العالم من خلال شط العرب وامتداده للخليج العربي عبر موانىء وطرق برية عديدة اما النفط فحدث ولاحرج أيعقل بعد كل ذلك أنها ماتزال تفتقر للماء العذب ؟!
لن أعرج على الفساد ولاعلى البطالة السائدة في البلاد ولاانقطاع الكهرباء فقد قدم المئات من الشباب أرواحهم بسبب كل هذا وذاك وهم يمنون النفس بوطن سيادي مستقل وحياة حرة كريمة لكن ماهي النتائج مقابل هذه التضحيات ؟ وأين هي ثروات البصرة وأهلها الذين عانوا طيلة عقود من ضيم ومعاناة وآلام وحروب وباتت مدينتهم كالبقرة الحلوب ؟ ماهو موقف الساسة والحكام وقادة الدولة العميقة و رجال الدين وشيوخ العشائر؟ ولماذا هم صامتون ؟!.
خليها ( سكتة ياأم حسن سكتة ) !!.
إرسال تعليق