مريم رجوي ( الرئيس الايراني القادم )

مشاهدات

 



محمود الجاف


استطاعت المرأة عبر التاريخ أن تكون صرحا ومنارة تُنير دروب الباحثين عن الحرية فكانت الشاعرة والأديبة والملكة والمُحاربة والحَكيمة ومِنهُنَّ ...

مَريم رجَوي : السيدة التي واجهت أعتى الأنظمة دموية وتخلف على مدى التاريخ . وقادت المُقاومة وعلمتهُم على الصمود في أحلك الأيام وأصعب الظروف . ولدت في (4 ديسمبر 1953) لعائلة من الطبقة الوسطى . تخرجت من كلية الهندسة فرع ( المعادن ) جامعة شريف التكنولوجية . تعرفت مُنذُ السبعينات على حركة مُجاهدي خلق عن طريق شقيقها الذي كان مُعتقلا في عهد الشاه وبدأت نشاطها بالاتصال مع عوائل الشهداء والسجناء وقادت الحركة الطلابية ضد النظام الملكي الذي أعدم شقيقتها نرجس وفي عهد الخُميني عُذبت وأعدمَت أختها الصغرى معصومة أيضا رغم أنها كانت حامل ثم أعدم زوجها لاحقا .

بعد سقوط الشاه أدت دورًا مفصلياً في استقطاب طلاب المدارس والجامعات وتنظيم الإحتجاجات في مُختلف أحياء طهران في ربيع عام 1981 وكذلك التظاهرات الضخمة التي أقيمت في 20 حزيران من العام نفسه . ورشحت من قبل مجاهدي خلق لدخول الانتخابات التشريعية النيابية وحصلت على 250 ألف صوت رغم تلاعب الحكومة فيها وكانت مهيئة لدخول البرلمان الايراني . لكن الملالي حالوا دون دخول أي شخصية تمثل المجاهدين . وبعد انطلاق المقاومة في 20 حزيران عام 1981 هوجم مقر إقامتها عدة مرات لكنها تمكنت من النجاة والإنتقال الى فرنسا عام 1982 واستقرت في باريس حيث موقع المركز السياسي لحركة المقاومة والذي يتخذ منهُ المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية مقرًا لهُ وشغلت منصب الأمينة العامة لمُنظمة مُجاهدي خلق ومهدت لمُشاركة المرأة في جميع مُستويات وفُروع المُقاومة وفجرت ثورة في نشاطاتها ورُؤاها أدت الى دعم الصمود والوقوف بوجه النظام الديكتاتوري . مما أدى الى حصول بعض النساء على مواقع قيادية واصبحن يشكلن ثلث أعضاء قاعدة جيش التحرير وأغلبية قادته ونصف الأعضاء في برلمان المُقاومة في المنفى ( المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ) ويُؤدينَ دورهُنَّ في جميع المجالات السياسية والثقافية والتنفيذية والإدارية .

في 28 آب عام 1993 اختارها المجلس الوطني للمُقاومة الإيرانية رئيسة لإيران في فترة انتقال السلطة إلى الشعب . وعقب ذلك استقالت في 17 أيلول (سبتمبر) 1993 من جميع مناصبها وقالت : في موقعي الجديد أعتبر أن أكثر مسؤولياتي جدية هي خلق تضامن وطني وتوسيع نطاقهُ وإن حركة المُقاومة الإيرانية ليست سياسية فقط وإنما هي إنسانية تمامًا .

وتُعدُ مُنظمة مُجاهدي خلق أكبر وأنشط حركة مُعارضة في ايران . تأسست عام 1965 على أيدي المُثقفين والأكاديميين بهدف إسقاط نظام الشاه . وأثر قيام الثورة الإيرانية أدت دورًا كبيرًا في انتصارها ولكن ظهرت خلافات بينها وبين الملالي أدت بعد عامين ونصف إلى القتال بينهما في صراع مُحتدم ومُستمر حتى الآن . أعلنت المنظمة في 20 يونيو 1981 عن نضال مُسلح ضد النظام الذي اعدم عشرات الآلاف من أعضائها واكدت عزمها على مُواصلة نشاطها داخل البلاد وخارجها حتى إسقاط السلطة . وتُعد جزءاً من ائتلاف واسع يُسمى ( المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ) الذي يعمل كبرلمان إيراني في المنفى ويضم 5 مُنظمات وأحزاب و550 عضواً بارزاً وشهيرًا من الشخصيات السياسية والثقافية والاجتماعية والخبراء والفنانين والمُثقفين والعُلماء والضُباط إضافة إلى قادة ( جيش التحرير الوطني الإيراني) الذراع المُسلح للمنظمة والذي كان يتمركز في معسكر أشرف في العراق . وعقب احتلاله في 2003 وبعد الاتفاق مع الأمم المُتحدة تم نقلهم إلى معسكر ليبرتي بالقرب من مطار بغداد مُؤقّتا . ثم غادروا بداية عام 2016 إلى 12 دول أوروبية ومنها جمهورية ألبانيا التي اتخذتها المُنظمة مقرًّا لها . لقد كان لهُم الفضل الكبير في كشف البرنامج النووي الايراني عام 2002 الذي كان سريا قبل ذلك وفي السنوات الأخيرة أعلنوا بأنهم حصلوا على معلومات حول وجود موقع سري جديد .

في حوار مع صحيفة عكاظ السعودية في 13 فبراير 2018 قالت السيدة مريم رجوي : أنّ عناصرنا ساهمت في الاضطرابات الأخيرة وما يحدث هو عمل تنظيماتنا في مختلف المدن الايرانية ولا علاقة له بأنشطة المُقاومة السياسية على الصعيد الدولي بما في ذلك في فرنسا وأکدت أنّ الانتفاضات ظهرت هذه المرة في شكل جديد . لقد ألقت خطابات عديدة حول الرسالة الحقيقية للإسلام المُتسامح مُقابل القراءة الرجعية والمُتطرفة وخلال مسيرة حياتها ألفت العديد من الكتب منها ( الإسلام والمرأة والمساواة ) و( النساء قوة التغيير) و( النساء ضد التطرف ) وحذرت عام 1994 من خلال كلمة ألقتها في بلدية اوسلو من اخطبوط الاستبداد والتطرف الذي ينبض قلبهُ في طهران قائلة ( لقد تحول التطرف الديني إلى اكبر تهديد للسلام في المنطقة والعالم وان الملالي يقومون بتوسيع هيمنتهم بتصدير الازمة مُستغلين العقائد الدينية لأكثر من مليار مُسلم في العالم ) وفي كلمة ألقتها في حزيران عام 1996 في المُؤتمر العالمي للنساء في ارلزكورت في لندن اكدت ( ان مسألة النساء وحركة المُساواة تتلاحم مع النضال ضد الرجعية والتطرف كونهُنَّ لسنَّ الرائدات في حركة المُساواة فقط وانما القُوة الرئيسية للتنمية والسلام والعدالة الاجتماعية . وبرأيي فان البشرية تتمكن من الخلاص من ظاهرة التطرف في حالة واحدة وهي أن تلعب النساء دورهُنَّ الريادي في النضال العالمي وأن يستخدمنَّ كل أساليب النضال الديمُوقراطي لسد الطريق على كافة اشكال المُساومة والمُهادنة مع الملالي القامعين للنساء واعداء الإنسانية ) وفي كانون الاول 2004 واثناء كلمة لها في البرلمان الأوربي قدمت الحل بشأن الازمة الإيرانية أمام العالم وقالت ( يُطرح الان خيارين : المُساومة مع النظام بهدف الاحتواء والتغيير التدريجي . او اسقاطهُم عبر حرب خارجية كما حصل في العراق . ولكن هُناك حلا ثالثا : هو التغيير على يد الشعب والمُقاومة الإيرانية اذا ازيلت العقبات الخارجية فنحنُ قادرون ومُستعدون لذلك وهُو الطريق الوحيد للحيلولة دون وقوع حرب خارجية لان منح تنازلات للملالي ليس بديلا لها ولا يجعلهُم يصرفون النظر عن أهدافهم الخبيثة )

ان مساحة ايران البالغة مليون و 648 , 195 كم2 ومُرتفعاتها واوديتها الشاسعة ومناخها الشديد التطرُف وانتشار التلال الملحيّة التي يصل ارتفاع بعضها إلى نحو 5000 قدم فوق مُستوى سطح البحر . وعدد سكانها الذي يقارب 81 مليون نسمة وشعبها الذي يتكون من الفرس والاذريين (أتراك) وجيلاك والمازندرانيون والاكراد والعرب واللور والبلوش والتركمان وأعراق أخرى . ويدين أغلبهم بالمذهب الشيعي الإمامي أو الإثنى عشري . ويأتي في المرتبة الثانية السنة . ثم ديانات أخرى مثل البهائية والزردشتية والمسيحية وكذلك فيها أكبر تجمع يهودي في الشرق الأوسط خارج إسرائيل . وهو دين معترف به رسمياً .

كل ذلك يجعل من الصعب على اكبر الجيوش السيطرة على هذه المساحة الواسعة ولهذا لابد من الحشد الدولي اولا من اجل الضربة القاصمة السريعة بعد تجهيز القوة الاكبر والاكثر تدريبا وقاعدة في الداخل وهم اعضاء منظمة مجاهدي خلق لتولي شؤون الدولة مباشرة .

ان مريم رجوي عند شعبها اليوم هي رائدة النضال من أجل التغيير . فقد قادت في السنوات الأخيرة حركة عالمية تنضوي تحتها أهم الشخصيات السياسية والاجتماعية والمسؤولين والعسكريين والوزراء والبرلمانيين بدءا من أمريكا وكندا إلى اوروبا واستراليا . وأنجزت في اطار دعم المقاومة والاعتراف بها نجاحات عظيمة من أجل التغيير واقامة الحرية والعدل في إيران . وكان حصيلة هذا الجهد شطب اسمها من قائمة المنظمات المحظورة في بريطانيا عام 2008 والغاء تهمة الارهاب في ملف 17 حزيران من قبل قاضي التحقيق الفرنسي الأقدم وفي امريكا ايضا في تشرين الاول عام 2012 .

لقد وجّهت في آب 2016 نداءا إلى الشعب الإيراني وأعضاء وأنصار المقاومة أعلنت فيه إطلاق حركة المقاضاة بحق مرتكبي مجزرة عام 1988. ومحاكمة جميع الآمرين والمنفذّين لها ونشر أسماء وهويات ومدافن الضحايا . وسرعان ما انتشرت داخل إيران وخارجها وتحوّلت بعد 28 عاماً إلى موضوع الساعة في وجه النظام مما اجبر قادته على كسر صمتهم واتخاذ مواقف بشأن هذه الجريمة البشعة . كما أثار استقبال عوائلهم وجهودهم في نشر أسماء الشهداء والوثائق والأدلة المتعلقة بالجريمة موجة غضب واسعة . وعلى المُستوى الدولي أدّت إقامة مُؤتمرات عديدة من قبل المُقاومة والحقوقيين إلى إدانات دولية لهذه الجريمة الكبرى والدعوة إلى مُحاكمة المسؤولين عنها .

إن خطة التغيير في ايران ستقتضي بعض الوقت والتخطيط المُحكم مع الاضعاف التدريجي الذي سيؤدي الى نهاية هذا الفكر الإجرامي بعد تآكله واسقاطه من الداخل . ونأمل أن تساهم قيادة السيدة مريم رجوي لهذه الدولة في الاستقرار والتوازن الدولي والاقليمي واعادة بناء الانسان الإيراني من جديد بعد سنين الحرمان والظلم والقهر التي عانوا منها رغم ان بلادهم تتميز بموقع جيوسياسي مهم فهي تقع بين نطاق نفوذ دولتين كبيرتين هما (الولايات المتحدة الامريكية وروسيا ) وتحتل مركزا هاما في الاقتصاد العالمي وتعد ثاني أكبر احتياطي من الغاز الطبيعي ورابع أكبر احتياطي مؤكد من النفط في العالم .


https://www.facebook.com/photo.php?fbid=899742680389868&set=pb.100010624320383.-2207520000..&type=3



1 تعليقات

إرسال تعليق

أحدث أقدم