فتية العراق تعود للساحة العراقية السياسية.. ما اشبه اليوم بالبارحة

مشاهدات

 


تقرير  احمد عماد / العراق


لم تكن الأنشطة السياسية من الجانب التربوي والتعليمي جديدا اليوم على الساحة العراقية، فقد غيبت لاكثر من ٥٠ سنه وذلك بعد ازدرائها وقتلها وتخويفها وارعابها في زمن حزب البعث، فلقد كانت تلك الثورات فعالة ونشطة ومرتبطة ارتباط وثيق بوعي الطلبة، الذين كانت لهم صولات وجولات وكلمة يقولونها دائما على العملية السياسية في البلاد، اذ كان اغلبهم اما متفهم او منخرط بالتنظيمات الحزبية آنذاك، اذ ليس بجديد وجود "المد الطلابي الأبيض" كما يحبون تسميتهم الان، كانت لهم جذور قوية انبثق منها جيل متجدد مدعوم مجتمعيا ومحركه الأساسي الوعي العالي وحرية التعبير وشجاعة أولئك الشباب، لا تزال بياناتهم وتنظيمهم العالي يزعج السلطة، فاستمرارهم وتنظيمهم لغاية الان اصبح مصدر قلق وتشجيع الشباب بالاستمرار بالاحتجاجات التي تنطلق الان في العراق،. وراح ضحيتها اكثر من ٦٠٠ شهيد والاف الجرحى، حتى بعد ان تم تسمية رئيس وزراء متفق عليه من قبل الكتل السياسية العراقية الحاكمة للسلطة، اذ يستمر هولاء الفتية باضرابهم وتحديهم للقتل والانتهاكات التي يتعرضون لها الان.

 

بدايات

 

عام ١٩٦٤ بدا افتتاح المدارس بالعراق، ومع هذه الانطلاقة انطلقت اولى شرارات النشاطات الطلابية، وقد حدث هذا في عهد داوود باشا والمدارس الخاصة والأهلية للطائفتين المسيحية واليهودية، وكانت هذه الأنشطة متاثرة بالمشاعر الوطنية قبيل وبعد تأسيس الدولة العراقية أوائل القرن العشرين، فافتتحت مدرسة الصنائع عام ١٨٦٩

 

ولعل أبرز المحطات التي شهدها الحراك الطلابي العراقي ما بعد تلك الحقبة كالتالي:

1. الإضراب الطلابي عام 1926 لطلاب الإعدادية المركزية في بغداد.

2. الاحتجاجات والتظاهرات التي شارك فيها الطلاب احتجاجًا على زيارة الداعية الصهيوني (ألفريد موند) لبغداد عام 1928.

3. التظاهرات والاعتصامات والإضرابات في الفترة من بداية الثلاثينيات حتى عام 1948 تعاضدًا مع فصائل الحركة الوطنية العراقية.

4. انتفاضة تشرين عام 1952 التي تفجرت شرارتها من كلية الصيدلة في بغداد وتضامنت معها المدارس، وهزّت أركان الحكومة وأجبرتها على إنزال الجيش إلى الشوارع.

5. انتفاضة 1956 التي انطلقت شرارتها مع العدوان الثلاثي على مصر وتأميم قناة السويس، وشارك الطلبة في الحشد بزخمٍ كبير.

6. الاضراب الطلابي في ثانوية الزراعة في مدينة الكوت في أبريل/نيسان عام 1960.

بقي الحراك الطلابي حراكًا غير مؤسسي، ولكن في خريف 1945 ظهر "التنظيم الطلابي لطلبة دار المعلمين العالية" في بغداد (كلية التربية لاحقًا) إلى أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها، فتأسس أول تنظيم طلابي يمثل عموم طلبة البلاد في 14 من أبريل/نيسان 1948، وسمي بـ"اتحاد الطلبة العراقي العام" وهذا الاتحاد هو الذي جمع جهود الحراك الطلابي، وطور فيما بعد عنوانه إلى اتحاد الطلبة العام في الجمهورية العراقية بعد ثورة 14 من يوليو/تموز 1958 "المجيدة".

كان الأستاذ جعفر اللبان اول رئيس للاتحاد، وعقد أول مؤتمر للاتحاد في أجواء مناهضة أبناء الشعب العراقي الجسورة معادة "بورتسموث" وانتفاضة يناير/ كانون الثاني عام 1948، وحصل المؤتمر على شرف استضافة الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري.

كل هذا الحراك المؤسساتي مهد لولادة اتحاد طلبة النهوض الديمقراطي الذي توسع وتصاعد معه نضالات الحركة الوطنية العامة. وبعد ثورة 14 تموز المجيدة عُقِد المؤتمر الثاني للاتحاد في 16 من فبراير/شباط 1959 وحضره الزعيم عبد الكريم قاسم وكذلك الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري ووزير المعارف ونقيب المعلمين وممثل عن اتحاد الطلاب العالمي.

 

احد اهم وابرز محطات الحراك الطلابي العراقي هو "مؤتمر السباع الخالد"، نسبة الى ساحة السباع في بغداد، الذي شارك فيه طلاب ممثلون عن اغلب الثانويات، ومعاهد وكليات العراق وعن اغلب الالوية في البلاد، بمشاركة ٢٥٠ مندوبا يمثلون ٥٦ مدرسه ثانويه ومعهد من اصل ٧١ مؤسسة تعليمية آنذاك، ولكن هذا المؤتمر بدات عليه اعتداءات من شرطة العهد الملكي وجواسيسها، ولم يبقى الامر كذلك، فقد سقط عدد من الشهداء في وثبة ١٩٤٨ قبل ثلاثة اشهر من انعقاد المؤتمر انف الذكر، وسقط عدد من السهداء منهم "جعفر الجواهري" اخ الشاعر العراقي محمد مهدي الجواهري،. وقيس الالوسي وشمران علوان.

 

وعلى صعيد العمل السياسي، فقد اكتسح الطلبة العام الانتخابات الطلابية عام ١٩٦٧ في البلاد بتحقيقه ٨٠٪ من مجموع أصوات الطلبة، مما اضطر الحكومة آنذاك لالغاء الانتخابات وإعلان حملة ملاحقة شرسة ضد أعضاء الاتحاد، الى ان وصل العراق الى حقبة حكم البعث الشمولي اضمحل دور العمل الطلابي الإيجابي وغيب تماما عن الساحة السياسية، بسبب إصرار حكم البعث على الدور الاستئثاري المهيمن وتحويل هذا العمل الي رافد للتجسس المخابراتي، واستمر الحراك الطلابي رغم الملاحقات الى ان اضمحل تماما، فدفع الوزراء الى فروض قيود مجتمعية اجبروا المجتمع على إعادة هيكلته، وتجهيله وتسقيطه خلقيا واخلاقيا مربوط بدعم وغطاء ديني، حتى اصدر حينها وزير الداخلية، صالح مهدي عماش، سنة ١٩٦٩، قرارا بمنع لبس التنورة القصيرة الميني جوب (فوق الرقبة) ونزلت الشرطة الى شوارع بغداد ومحاسبة كل مخالف، برر وزير الداخلية هذا القرار بانه يسمح بالحفاظ على قيم المجتمع الفاضلة وعدم التشجيع على التحرش.

 

جيل جديد

 

محمد صبحي، احد منظمين اعتصامات الطلاب، فضل عدم ذكر اسم الجامعة خوفا من الملاحقات، قال: "لم ادرك قيمة الأجواء الجامعية حتى اتت تلك اللحظة التي تجمعنا بها واصبحنا يد واحدة، لطالما كانت بنظري عبارة عن أجواء اقل ما تقول عنها عادية تهتم بالمظاهر والمستوى العام"، مضيفا "حاليا احد اهم مكاسب استمرار تظاهرات تشرين هو تحريك تلك الطبقة بعد سبات طويل".

 

ويذكر صبحي "لو أراد الطلاب الان شيء سيفعلونه مهما كانت التحديات والظروف، وهذا اهم شيء لغاية الان بعد فرض هيمنتنا على وزارة التعليم العالي واجبرنا الدولة على سماع صوتنا رغم تجاهلهم".


ويتابع "اول تشويه ارادت الحكومة الصاقها بالطلبة ومحاولة قمعها من دون قتل هي عن طريق حرف مسارها وتحويلها الى شي غير أخلاقي وتنسيبها الى اعمال تخريبية تضر بالصالح العام، والتشويه الثاني هي محاولة استفزاز الجموع وزجهم للحرق وقطع الطرق، لكننا تصدينا لتلك التشويهات ومازلنا نحاول ضبط اكبر عدد ممكن، والصبر هو مفتاح الفرج حاليا".

 

مشاهد قاسية

 

ضربًا بالهروات وسحلاً إلى خارج مدرسته، مشاهد قاسية وثقت لحظة اقتحام الإعدادية المركزية في محافظة ذي قار واقتياد شاب على يد قوة ترتدي زيًا عسكريًا رسميًا.

ويظهر مقطع مصور متداول ، رجالاً ملثمين يرتدون زي قوات مكافحة الشغب وهم يضربون طالبًا ثم يقتادونه سحلاً إلى الخارج تحت أنظار الطلبة وإدارة المدرسة.

فيما أصدرت نقابة المعلمين في ذي قار، بياناً أدانت فيه قيام "قوة من الشرطة" باقتحام مدرسة في المحافظة.  

وجاء في بيان شديد اللهجة للنقابة، 13 كانون الثاني/يناير2021، "فوجئنا باقتحام مجموعة من منتسبي الشرطة بناية الإعدادية المركزية ودخولهم إليها عنوة لمطاردة بعض الشباب".

وأضاف البيان، "في الوقت الذي نستنكر فيه اقتحام مدارسنا دون مسوغ قانوني، أو أمر قضائي، أو إبلاغ المديرية العامة للتربية، فإننا نعتبر هذا التصرف منحى خطير وسابقة يجب أن لا تتكرر في انتهاك قدسية الصروح التربوية".

ودعا البيان، خلية الأزمة في المحافظة إلى "توجيه القوات الأمنية باحترام المدارس وعدم دخولها إلا بإذن رسمي وأن تحترم كوادرنا وتوفر الحماية الكاملة للطلبة"، دون أنّ يتطرق إلى سبب اعتقال الشاب من مدرسته.

وشهدت الناصرية، خلال الأيام الماضية، أحداث عنف على خلفية تصعيد الاحتجاجات بعد حملة اعتقالات طالت ناشطين ومتظاهرين، حيث قتل شرطي وأصيب العشرات بإطلاق نار، وفق خلية الإعلام الأمني.

فيما أعلن متظاهرو ساحة الحبوبي في مدينة الناصرية،  فجر الإثنين الماضي، وقفًا مشروطًا للتصعيد في مظاهر الاحتجاج السلمي، بعد قيام القوات العراقية بالإفراج عن ناشطين في التظاهرات تم اعتقالهم في وقت سابق

بينما صرح مدير الإعدادية المركزية، ستار جبار الناصري، ان " في يوم الثلاثاء، وفي تمام الساعة الخامسة عصراً وأثناء خروج الطلبة من المدرسة فوجئنا بدخول ما يقارب الـ 100 شرطي ملاحقين ثلاثة شباب من خارج المدرسة عزّل لم يحمل معهم شيء، ودخل أحدهم إلى إدارة المدرسة وإذا بالشرطة وقوات الأمن دخلوا خلفه"، موضحا " ولم نعرف ما هو الموضوع وتم ضرب الشاب بدون رحمة ولم نستطع أن نحميه لأنهم منعونا من الحركة وأهانتهم لنا داخل المؤسسة التعليمية هذا آخر ما توصلت إليه المحافظة من عدم أحترام المدرسة وقدسيتها ".. 

 

 

لافتات جذبت الراي العام

 

سابقا وفي احتجاجات تشرين دؤب الطلاب على رفع لافتات توعوية تعبر عن واقع حال المجتمع العراقي وما يسيطر عليه من ميليشات واكاذيب على لسان السياسيين والمتحدثين الرسميين، وتناولت وسائل اعلام عديدة دور اللافتات التي رفعت اثناء المسيرات الطلابية التي تتجه الى التحرير كل يوم احد من بداية الأسبوع التي أصبحت بعد ذلك منهج ثابت وطريق احتجاجي حقيقي تترقبه العالم بداية كل اسبوع، اليك بعض اللافتات التي اثارت انتباه الراي العام والوسائل الإعلامية العديدة أهمها "ثورة أكتوبر غربال" ، "الثورة بدات للتو"، "وهيا نترك كل اديان العالم ونؤمن بالعراق"، " الثورة الي ماينهيها قناص ماتنهيها توثية" ، "لنترك كل الديانات ونعتنق العراق" ، "بامكانك قطع نفسي لكنك ليس بامكانك قتل الفكرة"، "باجر الوطن يرجع النا" 

 

 

بيان رقم ١٥


اصدر سابقا من العام الماضي اتحاد طلبة بغداد، المسؤول المباشر للمسيرات التنظيمية للطلاب، بيان رقم ١٥ وذكر فيه : "يددين اتحاد الطلبة بغداد ما ما تعرض له طلبتنا الاحرار من انتهاك لحرمة مظاهراتهم، ويدعوا الى تقديم اعتذار رسمي للطالبة العراقية التي تم ضربها والاعتداء عليها لفظيا ولاخوتها الطلبة الذين تعرضوا لاساءات من قبلهم". 

ويذكر البيان : " اننا كاعضاء وكطلاب تعرضنا لضرب بالعصي والسكاكين ،كلمات تسئ لمن قالها وتمنحنا وسام شرف لكونها قيلت بحقنا لسبب واحد فقط الا وهو اننا اثبتنا نحن واخوتنا المستقلون المرابطون في الساحات حتى اللحظة ان "محد يحب العراق بكدنا"، مبينا انه " من الممكن ان نتجاوز قمع المسيرة والتهديدات التي تعرضنا لها كاعضاء اتحاد وكمنظمي مسيرة بشكل عام لمصلحة العراق ومن اجل درء الفتنه نتجاوز تلك الانتهاكات التي نتعرض لها من قبل قيادات لتيارات لها شعبية كبيرة، ونمتنى وضع حد لتلك الممارسات القبلية والمتخلفة من قبل أصحاب القرار".


 

مما اضطر اتحاد الطلبة الى التصعيد، وذلك عن طريق انتشار هاشتاكات على مواقع التواصل الاجتماعي، "مسيرة الكرامة والقلم"، "الطلاب جاهزين"، "الخميس موعدنا" ، يدعون الطلبة الى مسيرات حاشدة يوم الخميس، ردا على تلك الاعتداءات ورفضا لاختيار مرشح ليس لديه مقبولية من الشعب، وان الاخيتار كان بناء على توافقات الكتل السياسية غير ابهة ما يحصل في ساحات الاحتجاجات، وتقول الدعوة التي اطلقها اتحاد الطلبة: "ان قمعكم الذي فاق في قبحه ما تعرضنا له من قبل "الطرف الثالث"، والقوات الأمنية، لن يجلب الا الافا مؤلفة من الطلاب، وان اسكتت ايديكم فما بالقوة التي لا تعرفون غيرها لغة، فستنطلق غيره الاف من الافواه ولن تكون لكم ايد كافية لاسكاتها جميعا.

 

إرهاب مستمر

 

لا تزال القوات القمعية تحاول اسكات شرارة من شانها الحاق ضرر كبير بالمنظومة المهترئة، ومايزال النظام الديكتاتوري يستعمل الخوف والانتهاك رادع لجميع الأهالي بان لا يشجعوا الأبناء على ذلك، بينما انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي انتقاد كبير لما تعرضت له المدرسة من انتهاك حرمتها وعدم احترام قوانين الدولة، بينما يظهر فيديو متداول لانتهاك حرمة اعدادية للبنين في ذي قار.

حيث يقول احد الطلبة فضل عدم ذكر اسمه خوفا من الملاحقة: "بعد ان انتهى الدوام الرسمي بقليل وكنا للتو بدانا بالخروج اما الباب الرئيسي للمدرسة، حيث سمعنا صافرة انذار سيارات شرطة متعددة وراينا عدد من الشباب يتوجهون نحو الازقة خوفا من الملاحقة، اضطررنا للابتعاد قليلا خوفا من الاشتباه بنا أيضا، وبعد ثواني دخل عدة رجال بزي عسكري الى المدرسة حاملين هراوات وعصي، دخلوا مباشرة على غرفة مدير المدرسة"، مشيرا الى " ان الشاب استنجد بمدير المدرسة خوفا من الأشخاص الذين يلاحقوه، تم كسر باب المدير والدخول عنوة وانهالوا بالضرب على الشاب غير ابهين بكلام المدير الذي استنجد بهم وتوسل بهم لايقاف الضرب والتكلم معه".

 

ويكشف " تم ضربه بالهراوات وجره الى خارج المدرسة وبعد ذلك اقتادوه بسيارات لا نعلم الى اين سيذهبون به، حاولنا جميع من في المدرسة احاطة السيارات ومنعهم من اخذه، الا ان رجالاً ملثمين يرتدون زي قوات مكافحة الشغب وتحت أنظار الطلبة وإدارة المدرسة بتهديدنا بالضرب لفتح طريق امام السيارات بالذهاب".

 

مع ذلك تلك الحالات ليست بالجديدة على الطالب العراقي حيث بالعام السابق عثرعلى جثة الناشطة الشابة زهراء علي  تبلغ من العمر 19 عاماً قتلت بطريقة بشعة بعد خطفها وترك جثتها خارج منزل عائلتها.

 

 وقال علي سلمان والد الناشطة زهراء لوكالات انباء: "كنا نوزع الطعام والشراب على المتظاهرين في التحرير ولم نتعرض للتهديد قط، لكن بعض الناس التقطوا صوراً لنا". مضيفآ "أثبت تقرير الطبيب أنها تعرضت لصعقات كهربائية".























تعليقات

أحدث أقدم