إسرائيل تشعر بالخطر

مشاهدات

 


ضرغام الدباغ

كتبت مرة في مقدمة أحد كتبي أن رجل السياسة والكاتب والمؤرخ لابد له من متابعة يومية دقيقة لأحداث العالم وأن يمتلك القدرة على الغوص في أعماق الحدث وأبعاده لاستخلاص جوهر ما يحدث وأن أفضل معلم لنا هو التاريخ ...!

بالأمس يطلب الكيان الصهيوني من الولايات المتحدة وثيقة خطية تلتزم به حكومة الولايات المتحدة بحماية إسرائيل وإبقاءها متفوقة على محيطها وتجاه الأخطار ...! وعلى حد علمي أن هذه سابقة في العلاقات الدولية ... نعم لقد حدث التزامات أمن جماعي ضمن معاهدات سياسية / عسكرية ولعل أشهرها هو التزام حكومتا لندن وباريس عام 1939 الدولة البولونية حيال التهديد الهتلري لها وكان هذا ضمن معاهدات دولية للوقوف بوجه الهتلرية الصاعدة التي قادت مغامراتها (بعد وقت قصير جداً) إلى الحرب العالمية الثانية .

والغريب أن لا أحد أهتم بهذا الأمر ومؤشراته ... وهناك مقولة لأحد مشاهير أدباء القرن الثامن عشر ما معناه " هل يجب أشعر بالهزيمة يوم انتصاري " فهناك شعور كامن وإحساس بالهزيمة في ظل واقع الانتصار .. فأي من الحالتان أصح ..؟ الشعور بالهزيمة أم الشعور بالنصر ..؟

هذه مشاعر يحس بها القادة الكبار لفرط حساسيتهم حيال قضاياهم ... ففي آخر مقابلة لناحوم غولدمان رئيس المجلس الصهيوني الأعلى (في مطلع الثمانينات توفي بعدها / 1982) يقول أنه قصد إسرائيل بعد حرب حزيران / 1967 وذهب لمقابلة بن غوريون في مزرعته بالنقب وأخذته لهناك طائرة مروحية ويقول استقبلني بن غوريون بباب المزرعة وهتفت من بعيد قائلا له " إياك أن تخبرني أنكم انتصرتم بالحرب فهذه بداية الهزيمة ". فيقول له بن غوريون .. لا .... أنا أعلم أنها مقدمة سعيدة لنهاية تعيسة ...!
البداية والخطوة الأولى كانت خطأ ثم توالت الخطوات الخطأ فتح الملفات ليس أمرا ممتعاً فعليك أن تعين فريقا كفوءا لمتابعة الملف وضرورة أن لا يحدث شيئ خطأ أو يقع سهواً وإذا كان هذا الملف خطراً ولها أطراف مدببة جارحة يصبح التحرك والتصرف ضمن مداه ينطوي على مخاطر جمة .

وإسرائيل تتواجد في محيط صعب ترتاب في كل شيئ حتى بمن يبتسم في وجهها فهذا الشرق المسحور المليئ بالباطنية وبالقناعات والنوايا الخفية والسرية والأهداف المؤجلة أكثر من المعلنة وجوهر المسألة هو أنك قد سرقت شيئاً لا يعود لك وطالما هو بحوزتك فهناك مطالب بحقه ... وليس مهما هنا بدرجة جوهرية شكل وأسلوب المطالبة فهذه تحكمها عوامل متغيرة كثيرة معظمها ليست تحت سيطرتك .. بل تحكمها عناصر التطور التأريخي .. وهذه العناصر متغيرة ومتطورة وأحياناً يحمل التطور رياحاً ساخنة أو عاصفة هوجاء أو نسائم باردة .. فطب نفسا ولا تكترث كثيراً فهذا لن يغير من صلب وجوهر الموضوع ... فقد تخلع ريحا صرصرا شباك من شبابيك البيت أو باباً لم تحكم إغلاقه وهذا ليس بالشيئ المهم المهم هو قطعة الأرض التي لا تطيرها الرياح ولا تصادم الأفلاك والأقمار ...واللص يعلم جيداً أنه لص .. استولى على البيت بالقوة والقوة شأن سياسي ولكن ليس بالضرورة أن يبقى القوي قوياً ولا الضعيف على ضعفه..

وسرقة بلد بأسره ليس أمرا عابراً وليس بوسع أحد .. فرد كان أم جهة أن تعبر بأسم الجميع فهذا لا يجوز ولا يتفق مع روح القوانين إذ يقال " وهب ما لا يملك " أو " أعطى ما لا يحق " .. أو " أخذ ما ليس له "... فهذه مخالفات قانونية قبل أن تكون اخلاقية ولا قيمة لها إذ لا تعين حقوقا باطلة ولا تضيع حقاً شرعياً ... فهي بحكم اللاشيئ ..!

تعليقات

أحدث أقدم