الحرية أثمن من الخبز

مشاهدات


سعد احمد الكبيسي


يُروى في حكايا الإغريق أن ذئبًا هزيلًا التقى كلبًا سمينًا قويًا، فسأله عن سرّ عافيته، فقال الكلب :

تعال أقم عندنا، فالطعام وفير والعظام كثيرة والطبطبة من يد السيد لا تنقطع .


أعجب الذئب بالفكرة حتى رأى أثر السلسلة على عنق الكلب، فسأله عنها، فقال الكلب:


هذا أثر القيد الذي يربطني بسيدي .


فقال الذئب كلمته الخالدة : إني أختار الجوع مع الحرية على السمنة والسلسلة، امضِ في طريقك، فالعبيد لن يفهموا أبدًا أن الحرية أثمن من الخبز!


هذه ثاني أجمل مقولة سمعتها عن الحرية، أما الأولى فهي قول عمر بن الخطاب لعَمرِو بن العاص : متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا!


لقد أدرك عمر أن الحرية ليست منّة من أحد، بل هي أصل في الوجود الإنساني . وحين أُقرّ قانون تحرير العبيد في أمريكا، عاد كثير منهم طوعًا إلى مزارع أسيادهم، لأنهم تحرروا جسديًا فقط، أما أرواحهم فبقيت أسيرة الخوف والاعتياد. فالحرية الحقيقية تنبع من الداخل، من إيمان الفرد بأنه حر حتى لو عاش في قيد. قرأتُ مرةً على سيارة (كيا) لنقل الخضار جملةً تقول "الأحرار مع المبادىء والعبيد مع القوة، لهذا تجد الأحرار مع الضّحية والعبيد مع الجلاد"


ولذلك لا تعجب إذا ناديت بالحرية فكان أول من يقف في وجهك العبيد أنفسهم، لأن العبودية إذا سكنت روح الإنسان صارت له دينًا يدافع عنه! لقد تعلمتُ أن العبيد يصنعون جلّاديهم بأيديهم، وأنه لا يمكن لأحد أن يمتطي ظهرك ما لم تنحنِ له. لقد مضى زمن العبودية التي كانت تُقاس بلون البشرة، وصار الفرق اليوم في الموقف لا في المظهر . فكن حرًّا ولو جاع جسدك، فالجوع يُحتمل، أما قيد الروح فلا يُطاق.


تعليقات

أحدث أقدم