تحليل مادي ملموس لواقع مادي ملموس

مشاهدات

د.ضرغام الدباغ



خلال عمري وعملي السياسي، عايشت كافة اشكال الكوارث والمحن، غير أن ما يمر به وطننا الحبيب اليوم، يدعونا أن نفكر بعمق، من أجل فتح صفحة جديدة، للعراق، لمستقبله ليبقى لنا وطناً يمكن العيش به، ولأطفالنا وطناً يفتخرون به ...!

شهدت وعشت حروب كثيرة، وعاصرت سياسيين من شتى الصنوف، وعملت مع وطنيين ومناضلين لم يهتموا يوما لحالهم يوماً، كثيرون منهم قتلوا أغتيالاً، أو ماتوا تحت التعذيب وأعدموا ...عمالقة كثيرون استشهدوا وهم يذودون عن العراق حتى آخر ثانية في حياتهم التي كانت عبارة عن سلسلة لا تتوقف من العطاء بلغ درجة التضحية بحياتهم حين عانقوا ثرى الوطن العناق الأبدي، أتذكرهم كل يوم واحداً واحداً، ولا انسى أن لهم برقابنا دين لابد من سداده . اليوم نشاهد أن كل شيء صار في مهب الريح، والأوطان في خطر شديد، ومن أولى مستلزمات العمل الجاد المثمر هو تجاهل المصلحة والمصير الشخصي، ولكن للأسف أقول أن الشعور بالمسؤولية ضئيل، بل وضئيل جداً. السبيل لذلك هو التشاور مع أكبر قدر ممكن من القيادات الوطنية من أجل الوصول إلى موقف يصاغ بواقعية بعد دراسة عميقة، وخطط وبرامج معقولة مقبولة، للخروج من الأزمة الطاحنة بأقل ما يمكن من الخسائر.

اليوم لم يعد القبول ممكناً يمكن أن نقبل بجهة مهما كانت كبيرة أن تتقدم ببرنامجها الحزبي، على أساس المصالح الحزبية والفئوية، اليوم يعلو برنامج الانقاذ الوطني كعنوان أساسي فوق جميع العناوين ، تنضوي تحتها سائر الفقرات الثانوية . الشعار الرئيس هو " كافة القوى العراقية يداً واحدة لاستعادة الاستقلال وإعماره ". ثبت للجميع بعد التجربة المرة الطويلة، أن الفئوية والمناطقية، والطائفية هي معاول هدم مدمرة، مهلكة قاتلة، لا تنتج وطناً آمنا مستقراً، والواقع الموضوعي يشير إلى افلاس مريع لهذه القوى، العمل السياسي كطرف يمثل حركة سياسية تناضل من أجل مشروعها الحزبي، طريق أثبت فشله واندحاره ،اليوم بعد أكثر من عشرين عاما على احتلال وطننا، والاقتتال الداخلي العلني والسري، والقتل والإعدامات الممنهجة، واقتلاع السكان ومساعي محمومة للتغيير الديموغرافي ، لم يعد هناك عراقي واحد آمن على بيته، وعلى عمله، وعلى مستقبل أولاده، بل حتى على اليوم التالي/ الغد، فالمحرك أجنبي والأدوات الأجنبية (المحتلين الإيرانيين) متواطئين مع خونة عراقيين ، لايريدوننا أن نصل لبر النجاة ...

أيها العراقيون، لقد بدا واضحاً ومكشوفا لأقصى درجة، ما يضمرون للعراق وشعبه، ففي العراق الجميع مهدد جذرياً، وما يطبخون من خطط، وأمامكم أمثلة على بلدان احترقت ... والمأساة تكمن في أعوان تافهين لهم من حثالات المجتمع، سرقوا المفتاح وفتحوا الباب وأدخلوهم للبنان وسورية والعراق، وأعوان لهم في اقطار أخرى، والنتيجة هي ما تشاهدون، أنتم تخوضون معركة المصير بما تبقى ممن لم يقتل أو يهجر، واليوم وسط المخاطر وفيما يحاول المحتل واعوانه بالعمل الحثيث على تدمير ما تبقى من العراق . وحين يشعرون أن مشروعهم فاشل، وفي طريقه للأندثار، يصرخون ويهرجون والبعض منهم يشتم بقلة حياء وبالفاظ بذيئة ...؟ لا أيها السادة.. في هذا اليوم الذي تتهاوى فيه أمم كبيرة، وقوى عظمى تخشى على مصيرها، الكل يبحث عن خشبة الخلاص لينجو وشعبه من الغرق ... إلا أنتم فقد ربطتم مصيركم بالاجنبي، المشهد يبدو من بعيد أنه من أدب اللامعقول، ولكنه للأسف واقعي ...... واقعي لحد اللعنة ...

تعليقات

أحدث أقدم