حين ينكشف الستار مواقف تفضح النوايا

مشاهدات


سعد احمد الكبيسي 

 

يروي ليوناردو دافنشي في كتابه “الاعمال الادبية” قصة فيها عبرة عميقة : 


حمل غراب ثمرة جوز في منقاره وحلق بها عاليا، فسقطت منه في شق بجدار برج يعلوه جرس كبير  طلبت الجوزة من البرج ان يؤويها لانها لم تسقط تحت امها الشجرة ولا في ارض ترعاها فيها، ولا تريد سوى مكان صغير لتحتمي به فأشفق الجدار عليها واحتضنها في شقه، وهو يظن انه يقدم لها الحماية والامان ومع هطول المطر نبتت للجوزة جذور وبدأت تكبر شيئا فشيئا، وكلما قويت جذورها تصدع الجدار، حتى انهار بالكامل وحلت الجوزة مكانه .


قالت العرب قديماً :اتَّقِ شرَّ من أحسنتَ إليه. 

وهذا القولُ ليس تحريضاً على تركِ الإحسان، ولكنه تحذير على أن المعروف لا يُثمر دوماً في الناس!


اشترى المُتوَكل سيفاً بعشرةِ آلاف درهم وأهداه لباغر التركي! وأول ضربةٍ ضربها باغر بالسيف كانت في ظهرِ المتوكل! 


لقد عرف الناس أن الحياة موقف شريف يُسجَّل في صفحات العمر. فبالموقف يُعرف الإنسان : أهو حيٌّ بقلبه وضميره، أم ميّتٌ وإن كان يتنفّس؟


وليس غريبًا أن ترى اليوم من كنّا نصفه بالخُلق والطيبة والاخ والصديق، فنقول : جان فلان خوش إنسان بس تغيّرت نيتة. ذلك أن الامتحان لا يظهر إلا عند القوة والقدرة والمواقف.


كم أكرمنا وآوينا، فإذا صار في أظافره الطحين أنكر الزاد والملح!


ما غزر ملحنة جنت تاكل بي

لو أدري الشكر هم جان ملحتة


إنه وجه آخر للجحود، حين يغدو المعروف منسيًا، ويُقابل العطاء بالجفاء . وهكذا تمضي الأيام تختبر معادن البشر، وتكشف مع كل موقف من يحفظ العشرة ومن ينكرها، ومن يشكر ومن يجحد. حتى إذا جاء يوم الحساب الاجتماعي، لم ينفع التزيّن بالأقوال، ولا التنكّر للأفعال. تعسَ عيش الأذلاء، وتعست اللقمة التي من طحين المهانة، وذل الخيانة .

تعليقات

أحدث أقدم