لعبة الممالك غزة… الجدار الأخير

مشاهدات


سحر النصراوي



غزة ليست مجرد مدينة صغيرة محاصرة عند طرف البحر؛ غزة هي الجدار الذي تتكئ عليه كرامة أمة بأكملها. في لعبة الممالك، حين ينهار الجدار الأمامي، تدخل الوحوش من كل باب، وينهار الداخل بلا مقاومة. غزة هي هذا الجدار. إن سقطت، تسقط الفكرة ذاتها، فكرة أن الحرية ممكنة، وأن المقاومة ليست مجرد أسطورة.

اليوم، غزة لم تعد فقط جغرافيا محاصرة، بل هي بوصلة أخلاقية. تحدد موقعك من إنسانيتك ، هل تقف مع الضحية أم مع الجلاد؟ هل ترى الضحايا بشرا أم مجرد أرقام؟ غزة تختبر العالم، تكشف الأقنعة، تفرز الكلمات الفارغة من الحقائق. فوراء كل ذلك الدم والركام تقف منظومة أوسع ، مؤامرة أكبر وأطماع استعمارية متجددة تعيد إنتاج نفسها بأدوات الإمبريالية المعاصرة. غزة ليست مجرد ساحة قتال محلية؛ إنها عقدة جيوسياسية على المتوسط، تتحكم في توازن الشرق الأوسط، ومفتاح في صراع الممرات البحرية والطاقة والأسواق . من أجل ذلك تُحاصر غزة، لأنها ترفض أن تتحول إلى بوابة مطواعة في مشروع تفكيك المنطقة وإعادة تركيبها على مقاس المصالح الاستعمارية.

والمخطط لم يعد خيالًا أو مجرد نظرية. ملامحه تنفّذ بالفعل ، تفريغ مصر من دورها المركزي وتكبيلها باتفاقات اقتصادية وأمنية، إنهاك سوريا بالحروب الطويلة لتفتيت وحدتها، الضغط على لبنان عبر أزماته الاقتصادية والسياسية المستمرة، ومحاولة إغراق شعوبه في الفوضى والديون . كلها خطوات في استراتيجية واحدة هي جعل المنطقة هشّة، تابعة، بلا جدار يحميها. لهذا تصبح غزة الجدار الأخير. صمودها ليس شأنًا فلسطينيًا محضًا، بل شأن عربي وإنساني عالمي. من ينقذ غزة ينقذ نفسه، ومن يتخلى عنها يسلّم مصيره للهيمنة. إنها لحظة الحقيقة، إمّا أن نكون مع غزة فنصنع مستقبلًا حرًا، أو نتركها تسقط، فنُدفن جميعًا تحت أنقاضها. والطريق إلى ذلك يبدأ بإنهاء حكم الخونة الذين يحكمون وطننا العربي الكبير ، لأنهم يقفون جدار صد منيع أمام تحرير فلسطين ، تحرير العراق ، تحرير مصر ، تحرير اليمن ، تحرير السودان ،تحرير سوريا ، ليبيا ، الأحواز ، الجزر العربية وووو غزة لن تتحرر فقط بل ،ستقلب خارطة العالم.

تعليقات

أحدث أقدم