8 / 8 / 1988 يوم انتصار العراق باسم العرب جميعاً

مشاهدات



د . ضياء الصفار



في مثل هذا اليوم، الثامن من آب عام 1988، سُجل للعراق والأمة العربية جمعاء يومٌ من أعظم أيامها في العصر الحديث، يومٌ خطّه العراقيون بالدم والتضحيات، وتوّجوه بالنصر والصمود، ليُصبح تأريخ 8 / 8 / 1988 شاهداً خالداً على إرادة أمة لا تُهزم. إنه يوم وقف فيه العراق، قلب العروبة النابض، منتصراً بعد ثماني سنوات من حرب ضروس فرضتها إيران بقرارها العدواني منذ الرابع من أيلول 1980.


لم تكن الحرب العراقية – الإيرانية مجرد صراع حدودي أو خلاف سياسي عابر، بل كانت مواجهة مصيرية بين مشروعين: مشروع عربي قومي وطني يسعى لتعزيز الاستقلال والتنمية والنهضة، ومشروع صفوي فارسي يحمل في طياته إرث الحقد التاريخي والرغبة في الهيمنة. لقد أرادت إيران تصدير ثورتها وابتلاع العراق والمنطقة، بينما كان العراق يقاتل دفاعاً عن أرضه، وهويته، ونيابة عن أمته كلها. ومن هنا، سُميت هذه الحرب بـ”القادسية الثانية”، إذ استعاد العراقيون مجد أجدادهم الذين تصدوا للغزو الفارسي الأول، وأعادوا كتابة التأريخ ببطولات الجيش العراقي الباسل، الذي قاتل بشرف، ووقف كالطود الأشم رغم ضراوة المعارك، وقساوة التضحيات. ثماني سنوات من الحرب ، والدم، والرصاص، ومحاولات العزلة الدولية، لم تُثنِ عزيمة العراقيين ولا قيادتهم . رغم محاولات النظام الإيراني لمدّ الحرب إلى ما لا نهاية، ورغم وقوف كثير من القوى الدولية موقف المتفرج أو الداعم لإيران، صمد العراق، وقاوم، وواجه، حتى اضطر الخميني، في لحظة إذلال تاريخية، إلى “تجرّع السم”، وقبول وقف إطلاق النار، معلناً نهاية الحرب التي لم تحقق لإيران شيئاً من أطماعها ، فكان نصراً عظيماً بعد مسيرة ظافرة من الصبر والمطاولة والتحدي.


إن 8 / 8 / 1988 لم يكن فقط نهاية للحرب، بل كان إعلاناً عن فشل المشروع الصفوي التوسعي، وانتصاراً للمشروع الوطني القومي العربي الحضاري النهضوي ودرساً لمن راهن على كسر العراق العظيم. لقد كان النصر ثمرة صمود الجيش العراقي العظيم، برجاله وضباطه ومقاتليه،ومقاتلي الجيش الشعبي الأبطال الذين سطروا أروع ملاحم البطولة في الفاو والشلامجة وحلبچة وزرباطية ومجنون ودهلران وغيرها من جبهات القتال. كما كانت الجماهير العراقية برجالها ونسائها جنوداً في معركة الوجود، وقدمت التضحيات العظام في سبيل الوطن. ولا ننسى الدعم الشعبي العربي من أبناء الأمة الذين ساندوا العراق في مواقفه، ورأوا فيه خط الدفاع الأول عن شرف العروبة والأمة العربية المجيدة ووحدتها. لكن، ما أن وضعت الحرب أوزارها، حتى بدأ التآمر على العراق يأخذ شكلاً آخر من قبل القوى الدولية المعادية للعراق والتي راهنت على إضعاف العراق وإفشال تجربته المتصاعدة لاسيما بعد أن خرج منتصراً قوياً مهاباً من خلال أدواته وعملائه في المنطقة والتي أدت إلى غزوه وأحتلاله ، وبعد عام 2003، وبالتنسيق مع الاحتلال الأمريكي، أُعطي العراق لإيران على طبق من ذهب، في مشهد انتقامي مريع. غير أن التاريخ لا يُكتب بلحظة عابرة، والشعوب الحية، كالشعب العراقي، لا تُهزم إلى الأبد . فالذي انتصر في القادسية الثانية، لا بد أن يعود ليُكمل مسيرته، ويفضح خيانة الخونة، ويستعيد عزة وطنه، مهما طال الزمن.


في هذه الذكرى السابعة والثلاثين ليوم النصر العظيم، نُجدد العهد لدماء الشهداء التي سالت، ولأرواحهم الطاهرة التي ارتفعت. نُحيي قادة الجيش وضباطه وجنوده، ونقف إجلالاً لتضحياتهم. نُحيي القادة رمز العزة والكرامة، الذين قادوا العراق في أصعب لحظاته، فبقت اسمائهم محفورة في ذاكرة الأمة والتاريخ. 


سيبقى يوم 8 / 8 / 1988 علامة فارقة في تاريخ الأمة العربية. إنه يوم الانتصار على الطائفية، على التوسع الفارسي الصفوي ، على التبعية، وعلى الاستسلام. هو يوم كتب فيه العراق اسمه بأحرف من نار ونور، ليتحول إلى منارة لكل أحرار العرب.


المجد لشهداء النصر .. والخلود للبطولة


وسيبقى العراق.. رغم الجراح، ورغم المؤامرات، الرقم الصعب في معادلة الأمة. وإن غداً لناظره قريب.


8 / 8 / 2025


تعليقات

أحدث أقدم