غسان العسافي
بعد 37 عاما من هذه الذكرى العزيزة الغالية على قلوبنا وقلوب العراقيين الشرفاء المخلصين ، نشعر بغصة وحزن وألم ودموع تملأ أعيننا لما آلت إليها الأمور بعد الإحتلال ، و كيف أن هذا النصر العظيم الذي تحقق بتضحيات عموم الشعب العراقي ، إنقلب الآن علي أيدي المحتلين والخونة ليجعل العراق لقمة سائغة ، وأن يكون العراق " العظيم ؛ اليوم صغيرا وتعيسا وضعيفا للدرجة الذي باتت دويلات صغيرة على أطرافه لا تذكر من حيث القوة والعدة والعديد والتاريخ ولا حتى الجغرافيا ، أصبحت تلك الدويلات تعربد وتصرخ وتهدد وتهين العراق وشعبه ، دون أن نسمع الرد المناسب من أي ممن أستولوا على كراسي الحكم في هذا البلد ..
في مثل هذا اليوم وقبل 37 عاما ، تحقق النصر الكامل لابطال القادسية الثانية ، التي اجبرت الخميني على ان يقول جملته المشهورة " كان افضل لي ان اتجرع كأس السم على ان اوافق على وقف اطلاق النار" ، ولكنه تجرع كأس سم الهزيمة على ايدي ابطال القادسية الثانية، وانتصر الحق على الباطل، وانتصر العقل على الهمجية، وانتصر العدل والاسلام على العدوان والبغي والمجوسية، المتلفعة بعباءة الاسلام زوراً وبهتاناً .. سبع وثلاثون عاما، نعم ، 37 عاما مضت على هذا اليوم المبارك، يوم النصر العظيم، يوم إنتصرت الإرادة العراقية القوية على العدوان الإيراني الفارسي المجوسي، وكان إنتصارا طرزت أحرفه بدماء الآلاف الآلاف من العراقيين، الذين ضحوا بالغالي والرخيص من أجل الحفاظ على بلدهم وصيانة حدوده وسلامته وإستقلاله وكرامته .. لقد رفض الخميني، جميع المبادرات التي طرحت لوقف اطلاق النار بين البلدين، وراهن على خيار مواصلة العدوان ، ففي حديث بثه راديو طهران في 27 / 09 / 1980 ، قال خميني " نحن على استعداد لإرسال جميع أبنائنا لمحاربة الخونة بل وللحرب حتى آخر جندي لنا".. !! .. وقد سمى العراقيين بالخونة ..!!! مواقف اعضاء النظام الايراني لم تختلف عن موقف مرشدهم الأعلى ، ففي تقرير لوكالة (رويتر) للأنباء بث من بيروت في 23 / 02 / 1981 ، أكد هاشمي رفسنجاني رئيس "مجلس الشورى " الايراني " أن طهران لن تنظر في أي اتفاق لوقف إطلاق النار مع العراق ما لم تتم الإطاحة بالحكومة البعثية "، فكان شرطهم الاطاحة بالحكومة وهو ما تحقق بعد غزو العراق وإحتلاله عام 2003 على ايدي القوات الامريكية البريطانية الاطلسية الفارسية.. والعربية للأسف الشديد.
وقف اطلاق النار في 08/08/1988 لم يكن وليد لحظته بل ان هنالك الكثير من مبادرات السلام التي رفضها النظام الايراني سواء تلك التي قدمها العراق ، أو التي قدمت من مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، أو من حركة دول عدم الانحياز، أو منظمة المؤتمر الإسلامي ومبادرات أطراف أخرى .. فقد قدمت القيادة العراقية العديد من المبادرات الهادفة لوقف إطلاق النار وإيجاد حل شامل ونهائي للنزاع بين البلدين ، تلك المبادرات تم عرضها من موقع النصر والاقتدار، وانطلاقا من المسؤولية الإنسانية للقيادة العراقية ، وحرصها على مواصلة عملية البناء الاقتصادي والاجتماعي وليس من موقع الضعف والهزيمة كما حاولت ايران تفسيرها ، كل تلك المبادرات رفضتها ايران نتيجة لحساباتها الخاطئة .. هذا النصر لم يكن سهلا، فمواجهة طويلة أمدها ثمان سنوات، مع جار عدو لدود، إيران ، نظام فارس المجوسي ، وهي كانت قوة لا يستهان بها مدفوعة بحقد دفين تاريخي طويل ، ومرتبط بحقد وكره ديني ومذهبي، وهذا جعل الصراع دمويا وطويلا، كان سيكون عبرة لمن إعتبر لولا ما حصل بعد ذلك ، في الصفحات التالية من هذه الحرب ، التي كما يبدو لم ولن تنهي .. وكلنا يعرف ما حصل بعد إحتلال العراق عام 2003 ، ودور إيران في هذا الإحتلال منذ البداية، بل وقبلها من حيث الإعداد والتنسيق والتمويل والتخطيط بالتعاون مع مجموعات وأحزاب أبوا إلا أن يخونوا الوطن ويكونوا أداة بيد المحتل، وهكذا سارت الأمور لتتعاون قوى عديدة يدا بيد، أميركا، إيران، إسرائيل، أوربا، العديد من دول الخليج والدول العربية، ليصل حال العراق لما هو عليه اليوم ..
أنا، وعراقيون شرفاء صادقون كثيرون يدعون الله تعالى وينتظرون يوما جديدا للنصر العظيم، ويوما للأيام آخرا، ويوما يؤرخ تحرر العراق من جديد وعودته إلى أهله وطرد كل الغزاة والمحتلين والفاسدين والسارقين والمجرمين والقاتلين، ولا شئ على الله تعالى بكبير ولا بعيد ..
الله أكبر على كل من تكبر وتجبر وإعتدى وظلم ..
عاش الشعب العراقي الأبي الصابر الصامد ..
عاش العراق موحداً أبياً..
المجد والخلود لشهداء الجيش العراقي الباسل والشعب العراقي الأبي والخزي والعار لكل من خان وتنكر للتراب الوطني ..

إرسال تعليق