محمد البصيري جلالي
هل هناك أزمة فكرية أو أخلاقية ؟ دور الإعلام العربي الرسمي ووسائل التواصل الاجتماعي في تعميق الشرخ بين العرب . الغريب أننا الأمة الوحيدة التي لا تعرف أعداءها! لا تمر محنة إلا وقد كشفت عن عمق الهوّة وحدّة الخلاف حول القضايا المصيرية . والأعداء يحيطون بنا من كل جانب . وطبعاً، كل المتفرجين لو دُعوا لقتال بينهم لقاموا له . بمعنى أنه حين يصبح الرأي جريمة، فأنت في حرب أيضاً. فلا أحد يقبل الرأيَ الآخرَ المخالفَ بسبب التعصب . ترفعوا عن الشتائم والتخوين . فقراءة التاريخ تعطي لكل ذي حقٍ حقَّه . أما حاضرنا فهو كما خطط له الأعداء، لا كما تمنته الشعوب .
وأي شعوب ؟
لا يملك العرب من أمرهم شيئاً. شعوبٌ مقهورةٌ وأخرى متخمةٌ بالثروات، والبقية في صراعات وحروب من أجل السلطة، زيادةً على التطبيل والتعصب الذي أصبح منهجاً لكل الفئات والطوائف وحتى النزعات القبلية . ووطن العرب يعيش مرحلة حضيض الانحطاط أو: مرحلةً ذميمةً .
وتقريباً، النفط والإعلام او مروحة اللهب من مسببات الكوارث ، والأمثلة عديدة . ثروات نفط الخليج تغذّي الحروب في المنطقة العربية في آسيا وإفريقيا. الإعلام أيضاً، وما نشاهده أكبر مصدرٍ يُنتِج الفتن . فمن يقف وراء كل هذا؟ لصالح من تعمل كل هذه الفضائيات؟ حتى وإن كانت على غير نهج تحريري واحد، فالأهداف واحدة : ضرب الوعي العربي وتوجيه بوصلته لتفاهات العصر. أخذ الإعلام المعاصر دور استقطاب النخب ووضع حواجز وتصنيفات لكل تيار فكري . وهذا ما كان يحدث في الجامعات سابقاً من تصارع تيارات فكرية، لكل واحدٍ منها مسميات عدة لمكون واحد وليس الامس باليوم فقد كانت الغايات نبيلة لصنع المشهد برغم ارهاصات الواقع في تلك الحقبة. اما زمن الفضائيات الإعلام المأجور فالغرض هو التفريق، لا الاختلاف الذي ينتج عنه فكر راقٍ وواعٍ . والأشد غرابةً هو أن أغلب هذا الزخم في الانقسامات الفكرية دخيلٌ ولا يمتُّ للعروبة والإسلام بصلة . ونحن، حتى المذاهب أحدثت فروقاتٍ وخطوطاً متوازيةً لكل من لم يتمكن من فهم مقاصد دينه. لا شك في أن الحركة الصهيونية تنفذ ما خطط له كيسنجر من عقود، وتحريك الدمى وسيلةٌ لتنفيذ المشروع الضخم ليضرب العرب بعضهم ببعض، ويقدموا قرابين الولاء من دمائهم . وفي ظل كل خراب، يطيب العيش للأبطال الجدد على جماجم الأحرار، وتبقى الأرض تنزف لصبغ رايات الحرية."

إرسال تعليق