آخر السلالة العظيمة

مشاهدات

عائشة سلطان


ذات مرة  قال زياد لو أن الأمم المتحدة جاءت إلى لبنان تبحث عن شخصية تمثله فلن تجد سوى فيروز! وحين سئلت فيروز عن زياد قالت بعيداً عني كفيروز الأم التي ترى ولدها أجمل وأفضل ولد، فإنني كفيروز الفنانة مستعدة لأن أغني أي لحن لزياد لأنه فنان عظيم تكونت عبقريته الموسيقية من رؤيته للحياة والسياسة والوطن والشعب! وعندما رحل زياد يوم السبت قالت صديقتي اللبنانية (كل لبنان حزين) وعلى العديد من الصفحات في السوشال ميديا تساءل كثيرون عن حالة الحزن التي سيطرت على الكثير من الناس في كل مكان، وقالت زوجة أخي (أنا لا أعرفه، قرأت نعيه على صفحتك، لكنني حزنت كثيراً لوفاته)، وأردفت (يمكن لأنه ابن فيروز)، وقال أحدهم على الفيسبوك (غريب هذا الإجماع الانساني على زياد، الذي جعله ينال كل هذا التأسي والترحم والحزن الجماعي !)


أبكاني مشهد المرأة التسعينية المتشحة بالسواد وهي تجلس بشموخها الذي لازمها سبعين عاماً، لم تتخل عنه يوماً، وهي تجري مقابلاتها، وهي تغني على المسرح، وهي تسير وتجلس مع الناس، فيروز، الأم المكلومة، كانت تغالب بكاءها ودمعها بوضوح شديد، كانت تريد أن تكتب السطر الأخير في تاريخ الرحابنة العظيم كمن ينفذ آخر وصايا الأسلاف، فيروز أنت البقية الباقية، كوني كما عهدناك .. وهكذا كانت البارحة، أماً في التسعين تودع ابنها لمثواه الأخير، حبيب عمرها، ورفيقها في الموسيقى واللحن ورحلة المجد التي عاشتها !أما هذا الحزن العميق فلأنه في غياب الأخوين منصور وعاصي ووفاة زياد آخر السلالة وفيروز في التسعين، فإن صفحة وتاريخاً عظيماً شهدهما لبنان والعالم العربي يُطويان نهائياً مخلفَين إرثاً لن يتكرر أبداً. مظاهر التشييع بالأمس كانت حزينة كما لم نرها في أي جنازة في لبنان منذ سنوات، رحل زياد رفيق فيروز وابنها الذي كسر غيوم الحزن وسكبها ألحاناً عظيمة غنتها فيروز كأجمل ما يكون الغناء .. فعزاءً عظيماً جليلاً يليق بفيروز!

تعليقات

أحدث أقدم