مشاهدات
د. ضرغام الدباغ
قبل دقائق فقط ... كان يصول ويجول في الملعب ويهرج له المهرجون والمشجعون ... والسيف بيده يضرب ويطعن ... وينال التصفيق الحاد، ولما سقط سيفه ولم يقتل الثور .. أنهار باكيا حظه اللعين ومن دفعه لقاء عملة ورقية ليلعب دور البطل القاتل، والآن أصبح أمام الثور الذي يمكن بنطحة واحدة أن يسحق حياة البطل المزيف ويجعله هباء منثوراً ... وأخذ يبكي والموت على أطرافه وأطراف دنياه ... الثور المطعن بالجراح كان شريفاً ... شريفا لم يشأ أن يطيح بضربة واحدة ليس رجلاً، بل رجيجيل أو رجرجة، ممثلاً، بطلاً مزيفاً .. الثور تأسف على الرجل ...
كثيرة هي العبر في هذه الصورة ... بوسع الإنسان أن يكون مخلصا لإنسانيته، ولكن الحيوان يتفوق على بعض المحسوبين زوراً على الإنسانية ... الرجل أكتشف في لحظة واحدة أنه مجرد حثالة ... مجرد حثالة ... هكذا صرح فيما بعد وهجر لعبة مصارعة الثيران ... مستخدماً آخر ذرة في إنسانيته ..
أنظروا إلى الصورة ... التي انتشرت في أرجاء العالم واشتهرت ...تأملوا ... فكروا
أنهار مصارع الثيران الفارو مونيرا حين فشل في قتل الثور رغم ان المصارع قد طعنه عدة مرات في ظهره، وندم على ما فعله بالثور في حين تعامل الثور بصورة هادئة ولطيفة مع المصارع رغم أنه أثخنه بجراح ربما مميتة، التي تعرض لها وأخذ يحدق به وكأنه يحدثه ويقول ما هذه الهمجية أيها الانسان ...؟ كلنا سنموت يوما يا رجل لا تبتأس، وأنا خير لي أن أنال مصرعي مقاتلاً، أفضل مئة مرة من الموت بسكين الجزار ...! وأنت صرت تقتل ثيران بريئة، وإلا كنت ستموت في حروب استعمارية تقتل فيها البشر بدل الثيران ... الثور يصفح عن قاتله ... بل ويحزن لأنهياره باكياً ... للاسف لأننا في زمن فاقت فيه وحشية الانسان الحيوان بأشواط..
إرسال تعليق