النساء وأندية القراءة 2-2

مشاهدات

عائشة سلطان


لماذا تقبل النساء على المشاركة باهتمام وجدية كبيرة رغم الالتزامات الكثيرة والارتباطات التي تجعل من الالتزام بمشروع القراءة بشكل مستمر ودائم أمراً مرهقاً ومكلفاً كذلك ؟ 


لا يمكن الفصل بين انتشار أندية القراءة «النسائية في معظمها» وبين وفرة التعليم وانتشاره، فالنساء في الخليج اليوم متعلمات بنسبة تقارب الـ 100 %، بل ويتفوقن في كثير من الأحيان على الرجال في التحصيل الأكاديمي، وفي الدرجات العلمية. هذا الشغف بالتعليم جعلها أكثر قرباً من مصادر المعرفة أكاديمياً، وأشد رغبة في تعميقها خارج الإطار التعليمي الرسمي . لذلك كانت أندية القراءة هي المعبّر الأمثل عن ذلك. ولذلك فالبحث في اندفاع النساء نحو أندية القراءة لا يمكن فصله عن سياقاته الاجتماعية، ففي ظل التغيرات الاجتماعية وانتشار التعليم وإلزاميته، أصبحت الثقافة وسيلة تمكين للنساء، سواء على مستوى الفكر أو الشخصية.


ولا شك أن القراءة تفتح أمامهن أبواباً جيدة للتعبير، والاستقلالية وفهم الذات، والخروج من الصورة التقليدية المنكفئة أو الصورة الاستهلاكية الفارغة معاً. نحن إذن أمام شكل آخر للتمرد، ولكنه تمرد في اتجاه محمود وإيجابي . إن محدودية الفضاءات الترفيهية أمام النساء في بعض المجتمعات والمدن الخليجية أدت إلى أن أصبحت القراءة «والأنشطة الثقافية عموماً» وسيلة للتواصل وبناء علاقات واستكشاف العالم وتوسيعه دون الحاجة لخيارات الترفيه غير المتاحة، ودون أن نغفل طبيعة النوادي القرائية نفسها القائمة على الحوار، تبادل الأفكار، تطوير قدرات التعبير.. وهذه الخصائص غالباً ما تنسجم مع طرق التواصل التي تميل لها النساء أكثر، بعكس الثقافة الذكورية التقليدية التي قد لا تعطي وزناً كبيراً لهذه المساحات، ثم تأتي السياسات الثقافية الحديثة في دول الخليج لتقدم دافعاً أقوى وأكثر جذباً، فمعلوم أن دول الخليج، وخاصة الإمارات، قد ضاعفت استثماراتها في البنية التحتية الثقافية :


المكتبات، معارض الكتب، الجوائز الأدبية، المهرجانات والمنتديات الأدبية، ورش للكتابة، وكلها مفتوحة للنساء على نطاق واسع، كل هذا خلق بيئة مشجعة جعلت القراءة جزءاً من الحياة اليومية وليس مجرد ترف نخبوي. والأهم هو أن الثقافة لم تعد مرتبطة فقط بالنخبة أو بالرجال بل أصبحت شأناً «يومياً»، يمكن ممارسته بسهولة، والانخراط فيه بشكل اجتماعي، وسط تشجيع إعلامي ومؤسسي.

تعليقات

أحدث أقدم