كيف ارثيك يا وجدي أنور مردان

مشاهدات



د. محمود خالد المسافر

ترجل يوم امس السبت المصادف السادس من شهر فبراير/ شباط وفي الساعة الحادية عشر والنصف صباحا فارس شهم مرابط من فرسان العراق العظيم. ترجل وجدي أنور مردان نفطچي، الدبلوماسي الرفيع المستوى والكاتب المتميز والمثقف الملتزم عن صهوة جواده ملبيا نداء ربه بعد 75 عاما امضاها بشرف وعزة وثبات. لم يتنازل لاحد ولم يبع موقفه من الاحتلال لاحد ولم يزايد على حساب احد. اتذكر العزيز ابا تمارا وهو يزين جلساتنا الجميلة في ماليزيا باحاديثه الشيقة الرائعة التي لم تخل من المبادئ التي تربى عليها والتي تعكس اصالته الكركوكية (نسبة لمدينة كركوك) وثقافته العروبية الابية التي يحسدها عليه بعض عرب الاصل والثقافة. كان المغفور له باذن الله صديقا صدوقا صريحا لا يحب المجاملة غير المنضبطة، دبلوماسيا رفيعا خلوقا اذا تحدثت إليه يحملك مسؤولية مجاراته . يغبطه كل اقرانه ورفقاء دربه على المعلومات التي يحملها والتي يستطيع توظيفها رحمه الله في الكتابة على نحو حرفي تصعب على المختصين . العزيز ابا تمارا خاض غمار الكتابة نصرة للمقاومة العراقية لمواجهة الاحتلال الأمريكي منذ عام 2003 وكان من ابرز من كتبوا في المقاومة العراقية، فضلا عن كتاباته عن حقائق كثيرة اعطته السبق لا سيما في قضايا أرقت الضمير العراقي والعربي والاسلامي مثل قضية حلبچة وغيرها . ورد رحمه الله الكثير من التهم التي اطلقها اعداء العراق ونظامه الوطني. شارك رحمه الله في الكثير من الفعاليات والنشاطات الوطنية وكان متقدما الصفوف ولا يذهب في كل قراراته إلى منطقة الوسط المائع غير الحاسم .

أبو تمارا ظل وفيا عاشقا لمدينته كركوك التي تركها وهو في ريعان شبابه والف فيها كتابا وقد كلفني بطباعته واتمام نشره بعده . وسافعل ما اوصيتني به يا ابا تمارا باذن الله . فقدنا والجالية العراقية في ماليزيا ذلك الرجل الطيب المؤدب قليل الكلام الحاضر في كل ما يفرحنا والحاضر في كل ما يواسينا اذا تألمنا وحزنا. أنا شخصيا فقدت أخا كبيرا وعما ناصحا ورفيقا صادقا وعراقيا وطنيا وثابتا. ربطتني به علاقة تعود لربع قرن حين عملت معه في قسم مذكرة التفاهم في دائرة المنظمات بوزارة الخارجية، ثم التقينا مرة أخرى في كوالالمبور عندما لجأ إليها بعد أن بدأ الاحتلال وعملاؤه بمطاردة الوطنيين . رحمك الله تعالى يا اخي وصديقي ورفيقي أبا تمارا، لم تكن تكلف أحدا في قضية صغيرة كانت او كبيرة وعندما اوصيتني وصيتك الأخيرة اعتذرت مني لأنك توصيني ولكنك كما قلت انك لا بد أن توصي أحدا، واحمد الله أنني كنت ذلك الشخص . احمد الله انك وضعت ثقتك في وانا اعلم أن حولك وحولي عمالقة الرجال واشرفهم. الحمد لله أننا نفذنا وصيتك كما تحب وكما اوصيتنا. رحمك الله تعالى وها أنا أنفذ وصيتك مرة أخرى وانا ارثيك إلى اصدقائك وزملائك حتى يدعوا لك كما طلبت. فقدت الوطنية العراقية والعروبة وفكرها، والتاريخ ومدونوه علما كبيرا من اعلامها ولكن لا نقول الا ما يرضي الله تعالى أنا لله وانا إليه راجعون. وادعو الله له أن يسكنه فسيح جناته وان يلهم زوجته السيدة الفاضلة ام تمارا وابنتيه تمارا وتيجان واخوته واهله واصدقائه ورفاقه وزملائه الصبر والسلوان.

تعليقات

أحدث أقدم