مشاهدات
صباح الزهيري
قصـة المثل الشعـبي :
كله بالورق إلا الزلق
ويروى كله كتبته بالورق إلا الزلق ,
وكل شي مكتوب بالورق إلا الزلق ,
ويضرب هذا المثل لمن لايمكنه حصره من المكائد والحيل , يحكى أن رجلاً كان زير نساء فأكـثر من مواصلتهن , و كان يسأل كل من يواصلها عن الحيلة التي تذرعت بها للخروج من دارها , فتذكرها له ويسجلها في دفـتر إحتفظ به لهذه الغاية , فتجمع لديه كثير من الإجابات و الحيل بعضها مما لا يخطر على بال إنسان , فتصور إنه بلغ النهاية في جمع مكائد النساء وحيلهن , وإنه إذا تزوج فلا تفوته حيلة من حيلهن , و لما قرر الزواج , فتزوج من إمرأة إعتقد إنها شريفة , و مع هذا الإعتقاد فكان لا يدعها تخرج من الدار لشدة حرصه عليها , ولتخوفه من إنزلاقها في حمأة الرذيلة , فإذا سألته الخروج إلى الحمام أو إلى الخياطة , أو طلبت زيارة أهلها , كان يقول لها في كل مرة أراجع الدفـتر ثم أعطي الجواب , فإذا طالع الدفتر وجد فيه ما يشابه طلبها حينذاك لا يسمح لها بالخروج , وتضايقت زوجته من تشدده وتشككـه , وإستغربت من قضية الدفـتر وما شابه في أمر خروجها من الدار, فلما سألته عن علاقة الدفتر بخروجها , قص لها قصته وقصة الدفـتر , فأرادت أن تلقنه درساً جديداً لا ينساه , وذات يوم طلبت زيارة إلى أهلها شريطة أن يصحبها , فوافق في الحال وخرجا معاً , وبينما كانت سائرة وجدت في طريقها ماءاً مراقاً بكثرة فأوقعت نفسها في الوحل موهمة زوجها إن قدمها زلت , ثم تطينت عباءتها نتيجـة سقوطها , فطلبت من زوجها الدخول إلى الدار المقابل لغسل عباءتها فوافق , فدخلته وبقى زوجها ينتظرها قرب الباب , فغسلت عباءتها , وقالت له :
إنني إتصلت بعشيقي في هذه العجالة , فهل هذا الشيء مدوّن في دفترك ؟
فقال غاضباً : كله بالورق , إلا الزلـق ,
فذهب مثلاً , ثم أفهمته الحقيقة وإنها لم تتصل بأي أحد وإنما عمدت إلى هذا القول لتفهمه أن المرأة إذا كانت غـير شريفة لا يفيد معها تشدد , أو مراقبة , أو مطالعة دفـتر , وإذا كانت شريفة فلتتركها و شأنها , فإقـتنع الرجل من عفاف زوجته ومزق دفتره وعاشا معاً حياة سعيدة . يا له من مثل شعبي ثاقب , كله بالورق إلا الزلق , فن الموازنة بين العقل والعاطفة , هل فكرت يومًا أن هذا المثل قد يكون مفتاحًا لفهم فنون ذكاء المرأة وقدرتها الفائقة على التعامل مع الرجل ؟ ربما كل الورق الذي نراه في حياتنا , من خطط ومبادئ وقواعد , هو مجرد واجهة , أما الزلق الحقيقي , الذي لا يمكن حصره بورقة , فهو تلك اللمسة الأنثوية الخفية , تلك الشرارة غير المتوقعة التي تقلب الموازين وتجعل الأمور تسير بطريقة لا يفسرها منطق الرجال , لنركز الآن على ذكاء المرأة وقدرتها على التلاعب بمعناها الإيجابي أو السلبي بعقل الرجل , ودعونا نتخيل الرجل المخطط , هذا الكائن الذي يوثق بالورق ويضع خططًا محكمة ليومه , لمستقبله , لعلاقته , يرى أن كل شيء يجب أن يكون مدونًا , واضحًا , ومنطقيًا , يعتقد أن كل مشكلة يمكن حلها بورقة إضافية , بقانون جديد , أو بتسلسل خطوات مدروس , إن عالمه منظم , ومبني على أسس صلبة من الحقائق , يقول لنفسه :
سأتبع هذه الخطوات , سأقدم هذه الحجج المنطقية , وسأحصل على النتيجة التي أريدها ,
هو يجهز أوراقه جيدًا , يوثق , يجمع كل الأدلة , وكأنه يدخل قاعة محكمة حيث الكلمة الفصل للعرف وللقانون المدون .
يأتي دور الزلق الأنثوي , لمسة السحر غير المتوقعة , وهذا الزلق ليس خطأ أو فشلًا , بل هو تلك اللمسة الساحرة , تلك القدرة الفطرية للمرأة على فهم ما وراء الورق , إنها تعرف أن عقل الرجل , مهما بدا منطقيًا ومنظمًا , لديه نقاط ضعف , أماكن يمكن الزلق منها إلى القلب , أو إلى مناطق التأثير غير المباشر , فقد تكون ابتسامة في الوقت المناسب , أو كلمة عفوية غير متوقعة , أو نظرة تحمل ألف معنى , قد تكون القدرة على قلب الموازين بمجرد تغيير نبرة الصوت , أو الإشارة إلى شيء عاطفي يمس وترًا حساسًا , وبينما الرجل يجهز أوراقه المنطقية , تكون المرأة قد أعدت زلقها العاطفي او النفسي الذي يتجاوز كل الحسابات هي تعرف متى تكسر الروتين , متى تبتعد عن الخطوط المستقيمة , ومتى تستخدم الحدس بدلًا من الدليل القاطع . تخيل نقاشًا بين رجل وامرأة , الرجل يمتلك ملفًا كاملاً من الأوراق , والحجج المنطقية لإقناعها بشيء ما , هو مستعد تمامًا , فنقاطه واضحة , وبراهينه دامغة , بينما هو يورد حقائقه ورقة تلو الأخرى , قد تبتسم هي ابتسامة بسيطة , أو تهمس بكلمة فيها عاطفة , أو ربما تذكر ذكرى مشتركة , فجأة , يرى الرجل كل أوراقه تتطاير , حججه تتلاشى أمام هذا الزلق العاطفي , يجد نفسه يوافق على ما كانت تريده , ليس لأنه اقتنع بمنطقها , بل لأنه انزلق عاطفيًا , هذا لا يعني أن المرأة تتلاعب بسوء نية دائمًا , بل هو اعتراف بقدرتها الفريدة على فهم الديناميكيات البشرية المعقدة التي تتجاوز مجرد الحقائق المجردة , إنها تعرف أن الحياة ليست مجرد مجموعة من الأوراق الجامدة , بل هي تفاعلات بشرية , وعواطف , ومشاعر تتدخل في كل قرار .
المثل كله بالورق إلا الزلق , ان الزلق الأنثوي او لمسة السحر غير المتوقعة , يذكرنا بأن الحياة ليست مجرد قواعد ونظم , هناك دائمًا جانب غير متوقع , لمسة سحرية , أو قدرة فطرية تتجاوز كل التخطيط , وفي عالم الرجال , قد يكون هذا الزلق هو الفن الذي تتقنه المرأة في التعبير عن ذكائها وقدرتها على التأثير , هذا المثل قد يكون مفتاحًا لفهم فنون ذكاء المرأة وقدرتها الفائقة على التعامل مع الرجل , ربما كل الورق الذي نراه في حياتنا , من خطط ومبادئ وقواعد , هو مجرد واجهة , أما الزلق الحقيقي , الذي لا يمكن حصره بورقة , فهو تلك اللمسة الأنثوية الخفية , تلك الشرارة غير المتوقعة التي تقلب الموازين وتجعل الأمور تسير بطريقة لا يفسرها منطق الرجال , وهنا يأتي دور الزلق , هذا الزلق ليس خطأ أو فشلًا , بل هو تلك اللمسة الساحرة , تلك القدرة الفطرية للمرأة على فهم ما وراء الورق , إنها تعرف أن عقل الرجل , مهما بدا منطقيًا ومنظمًا , لديه نقاط ضعف , أماكن يمكن الزلق منها إلى القلب , أو إلى مناطق التأثير غير المباشر , قد تكون ابتسامة في الوقت المناسب , أو كلمة عفوية غير متوقعة , أو نظرة تحمل ألف معنى , قد تكون القدرة على قلب الموازين بمجرد تغيير نبرة الصوت , أو الإشارة إلى شيء عاطفي يمس وترًا حساسًا , بينما الرجل يجهز أوراقه المنطقية , تكون المرأة قد أعدت زلقها العاطفي أو النفسي الذي يتجاوز كل الحسابات , هي تعرف متى تكسر الروتين , متى تبتعد عن الخطوط المستقيمة , ومتى تستخدم الحدس بدلًا من الدليل القاطع .
عندما تفوز الزلقة على الورقة , فيتجاوز تأثير المرأة الخفي أو جمالها الذي يتجاوز المنطق كما يقول الشاعر :
ولكنَّ العيونَ لها خفاءُ تُصيبُ القلبَ منْ غيرِ حسابِ , فكمْ ورقاتُ عقلٍ قد تلاشتْ ببسمةٍ أوْ رقيقٍ منْ عتابِ ,
ولك ان تتخيل نقاشًا بين رجل وامرأة , الرجل يمتلك ملفًا كاملاً من الأوراق , والحجج المنطقية لإقناعها بشيء ما , هو مستعد تمامًا , نقاطه واضحة , وبراهينه دامغة , بينما هو يورد حقائقه ورقة تلو الأخرى , قد تبتسم هي ابتسامة بسيطة , أو تهمس بكلمة فيها عاطفة , أو ربما تذكر ذكرى مشتركة , فجأة , يرى الرجل كل أوراقه تتطاير , حججه تتلاشى أمام هذا الزلق العاطفي , يجد نفسه يوافق على ما كانت تريده , ليس لأنه اقتنع بمنطقها , بل لأنه انزلق عاطفيًا , وهكذا فالمثل كله بالورق إلا الزلق , يذكرنا بأن الحياة ليست مجرد قواعد ونظم , هناك دائمًا جانب غير متوقع , لمسة سحرية , أو قدرة فطرية تتجاوز كل التخطيط , وفي عالم الرجال , قد يكون هذا الزلق هو الفن الذي تتقنه المرأة في التعبير عن ذكائها وقدرتها على التأثير , وهذا لا يعني أن المرأة تتلاعب بسوء نية دائمًا , بل هو اعتراف بقدرتها الفريدة على فهم الديناميكيات البشرية المعقدة التي تتجاوز مجرد الحقائق المجردة , إنها تعرف أن الحياة ليست مجرد مجموعة من الأوراق" الجامدة , بل هي تفاعلات بشرية , وعواطف , ومشاعر تتدخل في كل قرار , وفي بيت شعري يلخص فوز الزلق على الورق :
فكلُّ الأمرِ قدْ خطتْهُ يَدٌ ولكنَّ
الزِّلْقَ أدهى في الصِّعابِ ,
......
يُلينُ الصَّخرَ أوْ يُعمي عيونًا
فلا منطقٌ يدومُ على الضَّبابِ
إرسال تعليق