مشاهدات
الظروف الضاغطة لتوقيع الاتفاقية
أوردت اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات الدولية التي تم توقيعها في 23 أيار/مايو 1969، ودخلت حيز التنفيذ في 27 كانون الثاني/ يناير 1980م، جملة من الشروط من أجل صحة انعقاد المعاهدات والاتفاقيات ، ولا بد من توفرها في المعاهدة كي تكتسب شرعيتها ، وهي أهلية التعاقد، والرضا، ومشروعية موضوع المعاهدة . وفيما يتعلق بالأهلية، فإن جميع أشخاص القانون الدولي العام، يملكون هذه الأهلية، ويشترط بالدول أن تكون متمتعة بتمام الأهلية، ولا تدخل في نطاق هذه الدول، الدول الواقعة تحت الاحتلال أو الحماية أو الوصاية أو الانتداب. كما يشترط لصحة انعقاد المعاهدة ألا تكون مشوبة بأحد عيوب الرضا، وهي ثلاثة :
أ - الغلط : والغلط في المعاهدات الدولية له معنيان:
الأول :
الغلط في صياغة نص المعاهدة، وإذا ما ظهر هذا الغلط حتى بعد أن أصبحت المعاهدة سارية المفعول ، يتم تصحيح الغلط .
الثاني :
وقوع غلط في الرضا بين إرادة المتعاقدين، وهذا ينصرف إلى عنصر أساسي من مكونات المعاهدة، مما يؤدي إلى بطلانها .
ب - التدليس :
ويقصد به إقدام أحد طرفي المفاوضات، على تقديم معلومات مضللة بهدف خداع الطرف الأخر موحيا أنها صحيحة، ولو أن من قدمت له هذه المعلومات عرف بحقيقة الأمر، لكان رفض التوقيع على المعاهدة، وفي حالة اكتشاف التدليس جاز للطرف الذي وقع ضحية له، أن يطالب بإبطال المعاهدة.
ج - الإكراه :
والإكراه على نوعين، إما أن يتعرض له ممثلو الدولة من جانب ممثلي الدولة الأخرى، وإما أن يقع الإكراه على الدولة نفسها لتوقيع المعاهدة. وما يعنينا هنا هو الإكراه الواقع على الدولة، فالعراق تعرض لظروف قاهرة أرغمته على توقيع معاهدة 1975م مع إيران، وغيرها من المعاهدات والاتفاقيات سواء عندما استقل عن الدولة العثمانية، أو قبل ذلك عندما كان جزء منها، من دون أن تنظر الإستانة إلى شؤون العراق إلا كإقليم محتل من بين عشرات الأقاليم الواقعة تحت سيطرتها . ويلاحظ المراقب المحايد، أن الضغط الذي ظلت إيران تسلطه، على المجتمع العراقي، فتفرض عليه حروبا داخلية وتثير له مشاكل وفتناً متعددة الوجوه، مثل الحرب المسلحة في شماله أو الفتن الطائفية في الأوساط التي تتأثر بالخطاب الإيراني، كانت من بين أكثر أدوات الضغط التي اتبعتها إيران، لإيصال العراق إلى النقطة التي كان يذهب إليها مضطرا لاختيار توقيع معاهدة جديدة تجنبا لما هو أسوأ من ذلك، وهنا علينا أن نقر بحقيقة مؤلمة ومرة، وهي أن إيران هي البلد الأكثر قدرة على التلاعب على الوضع العراقي والتأثير السلبي فيه . وهنا يذهب القانون الدولي في اتجاهين، الأول يرى (عدم جواز إرغام أي شعب على قبول معاهدة تفرض عليه أوضاعا وأحكاما لا يقرها، لمجافاة ذلك لمبادئ العدالة والقواعد القانونية، من جهة ولأن ذلك سيؤدي إلى عدم استقرار الوئام بين الشعوب من ناحية أخرى، فالشعوب لا ترضخ أبدا لما يفرض عليها رغم إرادتها، وإذا كانت قد خضعت لوسائل الضغط والإكراه المادي أو المعنوي، فإنها لن تستسلم لمثل هذه الظروف، وستسعى لاسترداد ما أخذ منها متى أتيحت لها الفرصة).
ولذا فإن اتفاقية الجزائر لعام 1975م بين العراق وإيران تعد باطلة، لأن الحكومة الإيرانية جرّت العراق إلى حرب استنزاف واسعة النطاق، عبر حركة مسلحة طويلة شهدتها المنطقة الكردية، والتي كانت تحظى بدعم خارجي مفتوح . مع نقص في توريدات العتاد الحربي السوفيتي إلى الدولة العراقية، على الرغم من وجود معاهدة صداقة وتعاون تربط بين العراق والاتحاد السوفيتي، تلزم الأخير بتقديم كل أشكال الدعم، الذي يمنح العراق القدرة على الدفاع عن سيادته الوطنية بوجه الأخطار الخارجية، كما أن أي مجتمع يخطط للدخول في مواجهة للدفاع عن سيادته الوطنية ووحدة أراضيه، يجب أن يمتلك اقتصادا قويا قادرا على تلبية متطلبات هذه الحرب المفتوحة على كل الاحتمالات، ولأن العراق كان في ذلك الوقت ما زال يعيش تداعيات معركته مع الاحتكارات النفطية الدولية، فإن أوضاعه لم تكن تسمح له بفتح معركة إضافية، مع جار مدعوم دوليا، ويمتلك الكثير من أدوات التخريب في الداخل العراقي. لقد تمكنت إيران، نتيجة الدعم الخارجي متعدد الجوانب، من إيصال العراق إلى استنزاف بشري واقتصادي، لم يكون ميسورا الخروج منه، إلا الذهاب إلى هذه الاتفاقية المجحفة وغير المتكافئة، صحيح أن غالبية فقهاء القانون الدولي التقليديين لا يجوّزون لدولة ما الاحتجاج بالإكراه للتوصل إلى إبطال معاهدة أبرمتها تحت تأثير الضغط السياسي أو العسكري، إلا أن هذه القاعدة التي ظلت سارية في ظل الحالة البدائية للمجتمع الدولي، لم تعد منسجمة مع الأوضاع الجديدة التي طفت على السطح بعد الحرب العالمية الثانية، وبروز نظام يستند على معايير وقواعد جديدة، فقد حرم ميثاق الأمم المتحدة اللجوء إلى استخدام القوة لتحقيق أهداف تتنافى وأغراض الميثاق، على هذا فإن اتفاقية عام 1975 تعد باطلة من وجهة نظر القانون الدولي، على ما يرى فقهاء قدموا رؤى جديدة لعالم تسوده قيم ومبادئ العدالة والسلام. إن المعاهدات التي لا تلتزم بمبدأ الامتناع عن التهديد باستخدام القوة أو استخدامها فعلا ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي، لأية دولة أو على وجه لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة، أي بعبارة أخرى، إن المعاهدات التي تستند على الإكراه تعد معاهدات غير متكافئة، وهو حال اتفاقية الجزائر لعام 1975م بين العراق وإيران . وإذا ما سحبنا هذه الظروف التي عانى منها العراق، نتيجة التدخل الإيراني في شؤونه الداخلية، واستقواء إيران بالدعم الأمريكي المفتوح لانتزاع تنازلات عراقية عن حقوقه التاريخية والقانونية في أراضيه، وفرض سياسة الأمر الواقع على إدارة شؤون الملاحة في شط العرب منذ عام 1969، ونتيجة لتصاعد العمليات الحربية في شمال العراق من جانب الحركة الكردية المسلحة، بعد حصولها على أحدث ما تنتجه مصانع السلاح الأمريكية، هذه الحركة التي تم استغلالها كورقة من الجانب الإيراني لينتزع التنازلات من العراق، فإن توقيع اتفاقية آذار 1975م هي نتاج لهذه الظروف القاهرة وتعد اتفاقية غير متكافئة، بكل المقاييس القانونية، واستنادا إلى ميثاق الأمم المتحدة والصكوك الدولية واتفاقية فيينا للمعاهدات الدولية.
وكجزء من تنويع مصادر الضغط على العراق، سارعت إيران إلى تنفيذ تجاوزات داخل الحدود البرية، تمثلت بإقامة مخافر إيرانية داخل الأراضي العراقية، ولم تكتف بذلك بل بدأ الجيش الإيراني جهدا هندسيا كبيرا، لشق الطرق بين المخافر الجديدة وفي عمق كبير داخل الأراضي العراقية لتسهيل حركة القطعات الإيرانية، وجهز النظام الإيراني الحركة الكردية المسلحة بأسلحة حديثة، ووصل تدخله هذا إلى حالة أدت إلى إثارة القلق والتساؤلات في أوساط الشعب العراقي، عما يجب على حكومته أن تتخذه من ردود فعل على إجراءات الشاه المدعوم أمريكيا بلا حدود، على حين يفتقر العراق إلى قوة خارجية تدعمه على الأقل في مجال التسليح والتجهيز ، في هذا الوقت كانت الإشارات الصادرة عن طهران تبعث برسائل إلى الحكومة العراقية تطالبها بتعديل الحدود في شط العرب، خلافا لما جاء في معاهدة عام 1937م والتي جاءت مجحفة أصلا بحقوق العراق، وحينما ألغت إيران المعاهدة من طرف واحد، فإنها فعلت ذلك بعد أن وجدت أن فرصتها قد حانت للتنصل من اتفاقية، أعربت عن رفض بنودها منذ 28 تشرين الثاني 1958م ، أي أن إيران ظلت تحبس تململها من تلك المعاهدة أكثر من عشر سنوات، واعتبر قرار إيران آنف الذكر باطلا جملة وتفصيلا استنادا إلى مبادئ الرضا في توقيع المعاهدات وعدم وقوع إكراه عليها حينما وقعتها ولم يكن العراق قادرا حين توقيعها على فرض رأيه على إيران أو التدليس عليها، ولكن هذا الالغاء لن يرتب لإيران على العراق شيئا من الحقوق، وتمسك العراق بحقوقه المنصوص عليها في معاهدة 1937م، على الرغم من خرق إيران لالتزاماتها في موضوع الإدارة المشتركة للملاحة في شط العرب، ومن دون أن يتمكن من منعها من ذلك، ومن أجل ان تفرض إيران الأمر الواقع على العراق، فقد بدأت صفحة جديدة من التدخل المباشر في الشؤون الداخلية للعراق، فبعد أن كانت قد جندت رجال الدين الشيعة من الأصول الإيرانية لتحريك الشارع العراقي ضد السلطة الوطنية، وخاصة مهدي الحكيم في مؤامرة الدركزلي الراوي . ولم تتوقف إيران عند استفزازاتها التي استمرت لعدة سنوات، منذ أن ألغت من طرف واحد معاهدة 1937م، بل ذهبت أبعد من ذلك، إذ شهدت الأعوام اللاحقة تحرشات عسكرية مناطقية على كثير من نقاط الحدود، وتعدتها إلى العدوان المسلح على بعض مناطق حدودية كثيرة من أجل فرض الأمر الواقع على الحكومة العراقية. ونتيجة لتصاعد وتائر التدخل الإيراني المباشر في الشؤون الداخلية العراقية، ذهب العراق إلى اعتماد منطق الدول المتمدنة فقدم مذكرة احتجاج رسمية إلى الأمم المتحدة بتاريخ 12/2/1974م للنظر في الاعتداءات الإيرانية المتكررة على سيادته الوطنية. وعقد مجلس الأمن الدولي جلسة لمناقشة الوضع على جانبي الحدود العراقية الإيرانية في 28 شباط/ فبراير1974م وأقر المجلس توصية دعا فيها الأمين العام للأمم المتحدة إلى تعيين ممثل شخصي له لزيارة المنطقة ودراسة أبعاد الأزمة، وتقديم تقرير مفصل حولها للمجلس. وتم تكليف السفير المكسيكي (ويكمان مونيوز) للقيام بمهمة الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، فزار بغداد في 3 نيسان/ أبريل 1974م وقابل المسؤولين في وزارة الخارجية العراقية، الذين أطلعوه على الحقائق التي تؤكد حقوق العراق والتي تسعى إيران للعدوان عليها، ومن ثم أضافتها إلى مكاسبها التي راكمتها في عهود سابقة، وأخذوه في جولة ميدانية في مناطق النزاع البرية والمائية في شط العرب، وبعد زيارة للعراق استغرقت اسبوعا، توجه ممثل الأمين العام للأمم المتحدة إلى طهران، وبحث مع المسؤولين هناك ظروف المشكلة وتطوراتها الجديدة، وعند قيامه بزيارة للجانب الآخر من المناطق المختلف عليها، أطلعه الجانب الإيراني على خرائط وجدها تختلف كليا عن الخرائط التي أطلعه عليها الجانب العراقي . وبعد ثلاث زيارات لكل من بغداد وطهران، قدم ممثل الأمين العام للأمم المتحدة تقريره إلى الأمين العام للأمم المتحدة في 16/5/1974م، موثقا فيه حوادث الحدود التي وقعت بين البلدين، وأكد قناعاته الشخصية بصحة الخرائط والوثائق التي قدمها الجانب العراقي، وقدم تقريره النهائي وقال فيه إن الجانبين قد اتفقا على :
1 - أن يلتزم كل من الطرفين بقرار مجلس الأمن بوقف إطلاق النار والذي كان قد اتخذه في السابع من آذار/ مارس 1974م .
2 - أن يلتزم كل من الطرفين بسحب قواتها العسكرية المتمركزة على طول الحدود بموجب ترتيبات يتفق عليها الطرفان.
3 - أن يلتزم كل من الطرفين بتهيئة جو مناسب للبدء في المفاوضات وذلك بالامتناع كليا عن القيام بأية أعمال عدوانية .
4 - أن يلتزم كل من الطرفين بالاستئناف المبكر وبدون أية شروط مسبقة لعلاقاتهما من أجل تحديد مكان ومستوى المفاوضات المباشرة من أجل تسوية جميع القضايا المتنازع عليها .
وتم عرض التقرير على مجلس الأمن الدولي الذي أصدر قرارا برقم 348 في 28/5/ 1974م، وتضمن القرار الفقرات الأربع التي أوردها ممثل الأمين العام، وقبلت الحكومة العراقية بقرار مجلس الأمن آنف الذكر، وبدأت المفاوضات العراقية الإيرانية في مدينة اسطنبول التركية وفي أعقاب الاجتماعات صدر في 31/8/1974م بيان صحفي، جاء فيه أن وفدي العراق وإيران عقدا سلسلة اجتماعات في اسطنبول للفترة من 12 إلى 18آب/ أغسطس 1974م لتبادل الآراء والتحضير لاجتماعات أخرى بين ممثلي الحكومتين، وعلى هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة عقد وزيرا خارجية العراق وإيران لقاء في نيويورك في 16 تشرين الأول 1974م، أعلنا فيه عن استئناف المفاوضات بين البلدين . ومع ذلك وعلى الرغم من صدور قرار مجلس الأمن، فإن إيران في واقع الحال، واصلت تحديها للعراق والمجتمع الدولي ممثلا بمجلس الأمن، كما هو سائد اليوم، وما كان لها أن تفعل ذلك، لو أنها وجدت دعما عربيا ولو من الناحية السياسية للعراق، سواء في تفعيل ميثاق جامعة الدول العربية، أو عملاً بمعاهدة الدفاع العربي المشترك، ولو لم تكن إيران تتوقع أن الولايات المتحدة لن تخذلها في ساعة العسرة وستقف إلى جانبها، على عكس حليف العراق الاستراتيجي الاتحاد السوفيتي، الذي لم يسجل لنفسه مأثرة واحدة بالوقوف إلى جانب أصدقائه، بل كان يورطهم بمواقف صعبة تماما، ويتركهم عند منتصف الطريق، ليواجهوا قدرهم أمام تحديات ظنوا أنه سيؤازرهم فيها ويقف إلى جانبهم، لأنه كان يوظف علاقات الصداقة التي تربطه ببعض البلدان العربية، في معادلة صراعه مع المعسكر الغربي.وقد حصل هذا للعراق في علاقاته مع الاتحاد السوفيتي في أكثر من حالة، صحيح أن العراق لم تكن له أوهام بالمراهنة على أية قوة خارجية لتحارب نيابة عنه، ولكنه كان يظن أن هناك طرفا دوليا سيقف إلى جانبه في المحافل الدولية، إلا أن الاتحاد السوفيتي كان طيلة علاقاته مع العرب، كان يمد يد الصداقة مع أعدائهم، ظنا منه أن العرب لن يفرطوا بعلاقاتهم معه، لأنهم يحتاجونه في كثير من الصفحات الاقتصادية والعسكرية، هذا حصل في علاقاته مع مصر وإسرائيل، وفي علاقاته مع العراق وإيران، ربما يتحمل العرب هذا القصور في طريقة إدارتهم لسياستهم الخارجية، لأنهم تعاملوا بأخلاق الفرسان في صداقاتهم وعداواتهم، ولم يتحولوا إلى منطق الدولة العصرية التي ترتقي في تعاملاتها الخارجية استنادا إلى منطق المصالح المشتركة، وخطوة صداقة بخطوة صداقة، مع الاطراف الدولية أيا كان الحليف أو الطرف الصديق. إن طبيعة المعارك العصرية في عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية، تتطلب تسليحا لا يستطيع تأمين منظوماته المتكاملة في العالم، في مناطق التوترات الثابتة والحروب المحتملة، إلا الولايات المتحدة أو الاتحاد السوفيتي، وربما ستبقى هذه المعادلة سارية المفعول لوقت طويل . وقد خذل الاتحاد السوفيتي العراق أكثر من مرة، وأوقف عنه، تجهيزات السلاح والعتاد الحربي، عندما كان العراق بأمس الحاجة إليها، لخوض معركته في الدفاع عن سيادته ووحدة أراضيه، من تهديد أطراف تدعمها أمريكا وإسرائيل وإيران، ولهذا مر العراق في ظروف صعبة وخيارات محدودة لم تصادفها دولة أخرى من دول العالم، فإما أن يحافظ على وحدة أراضيه الوطنية، كي يمضي في برامج التنمية للتحرر من الحاجة إلى الآخرين، في مجالات الصناعة بشكل خاص، ومن ثم ليمتلك قراره السياسي السيادي الوطني، وإما أن يتمسك بشيء يعرف أنه لن يستطيع المحافظة عليه، لأنه أصلا بحوزة الطرف الآخر وهو التمسك بحقه في كامل شط العرب، ومع هذه الخسارة المرة فإنه سيدفع ثمنا أكبر، بتفكيك وحدته الوطنية، على وفق ما كان دافيد بن غوريون قد رسمه من مستقبل للعراق، بتفتيته إلى ثلاث دول، كردية في الشمال وسنية في الوسط وشيعية في الجنوب. وعلى الرغم من أن المشكلة كانت من الخطورة بمكان، وفي منطقة لها أهميتها في الاستراتيجيات الدولية، إلا أن حجم الاستجابة التي تحركت بها الأسرة الدولية لتطويق المشكلة، كان باهتا ولافتا لنظر المراقبين، مما حدا بكثير منهم إلى الاعتقاد، بأن رأس العراق مطلوب في كل الظروف، سواء تراجع عن موقفه أو ثبت عليه، "وما أشبه يوم العراق بعد الاحتلال الأمريكي/الإيراني البغيض، بما عاناه في الماضي القريب".
إرسال تعليق