سحر النصراوي
في السياق الاجتماعي الحديث، أصبحت السلوكيات السامّة ظاهرة متفشية لا تقتصر على الأفراد فحسب، بل تمتد إلى مجموعات، مؤسسات، وحتى ثقافات فرعية بأكملها. يُمكن ملاحظة هذه الظاهرة في البيئات المهنية، حيث تُمارس سياسات التلاعب والإقصاء بهدف السيطرة على الفرص والموارد، أو في العلاقات الاجتماعية حيث تنتشر عقلية الاستنزاف العاطفي والتلاعب النفسي كأدوات لبسط النفوذ . في المجتمعات الرقمية، تفاقمت هذه السلوكيات بفعل وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تُستخدم المنصات لخلق بيئات من السخرية، الإذلال العلني، والضغط النفسي الجماعي، مما يعزز مناخًا سامًّا يُؤثر على الصحة النفسية للأفراد . هذه السلوكيات ليست وليدة الصدفة، بل تنبع من عوامل اجتماعية ونفسية مترابطة، منها :
- التغيرات الاقتصادية والاجتماعية :
في بيئات تعاني من الأزمات الاقتصادية وعدم الاستقرار، يتزايد التنافس على الموارد، مما يدفع البعض إلى تبني سلوكيات انتهازية وقاسية لضمان البقاء .
- الاضطرابات العائلية والتنشئة السامة :
الأفراد الذين نشأوا في بيئات يطغى عليها التلاعب العاطفي والعنف النفسي غالبًا ما يعيدون إنتاج هذه الأنماط في علاقاتهم المستقبلية
- الثقافة الفردانية والمادية :
مع تصاعد قيم النجاح الشخصي على حساب الجماعة، أصبحت العلاقات تُدار بمنطق "ماذا أستفيد؟"، مما يؤدي إلى غياب التعاطف والاستغلال المتبادل.
- تأثير الإعلام والمنصات الرقمية :
الترويج المستمر للدراما، الصراعات، والتنمر الإلكتروني جعل السلوكيات السامّة أكثر انتشارًا وقبولًا كوسيلة لتحقيق النفوذ الاجتماعي أو الشهرة .
- تطبيع العنف الرمزي في المجتمع :
في بعض الثقافات، يتم تشجيع الهيمنة والسيطرة العاطفية بوصفها علامات قوة وذكاء اجتماعي، مما يرسخ أنماط التلاعب كسلوكيات مقبولة بل ومرغوبة.
رسالة شخصية :
لا تدع نفسك تُستنزف في علاقات أو بيئات مسمومة. ضع حدودًا واضحة، لا تتسامح مع التلاعب، وتذكر أن الانسحاب من علاقة أو مكان سام ليس هروبًا، بل حفاظ على كيانك النفسي . لا تبحث عن تبرير لسلوكيات الآخرين، فالأشخاص السامّون بارعون في إقناعك بأن الخطأ فيك، بينما هم من يعيثون في حياتك فسادًا. اختر دائرتك بعناية، ولا تخف من خسارة من لا يستحقك، فوجودك بحد ذاته قيمة، ومن يعرف قيمتك لن يجعلك تشك بها أبدًا. لا تسمح لأحد أن يطفئ نورك أو يُقلل من شأنك، فأنت أكثر وعيًا من أن تُستخدم، وأقوى من أن تُستنزف .
في النهاية ، العالم مليء بالمشاعر الحقيقية، فلا تهدر نفسك في حروب نفسية لا طائل منها .
إرسال تعليق