مشاهدات
د.سعد الدوري
رُوسيا ليست ضَعيفة كما يُحاول الكَثير مِن (مُحللين) اليوم تَرويجهُ عبر المحطات الفضائية .!؟ (روسيا) هي المُتقدِمة علىٰ الأرض وليسَت (أوكرانيا) - لقد حَررت (رُوسيا) مُدنّها - (جزيرة القرم - عام 2014 )، ثم بعد شباط/2022 -(دونيتسك، دونباس لوغانسك، ماريبول،ميليتوبول .. ومئات الأميال المُربعة الأخرىٰ - اليوم تَحت سَيطرتها العسكرية .! هٰذه (المُدن) كانت قَد خَضعت "لِلخارطة الأوكرانية" بَعد تَفكُك "الإتحاد السوفياتي" عام 1991 ! من ناحية أخرىٰ تُثبِّت الحقائق العسكرية المَيدانية أن (روسيا) تتفوق علىٰ (أوكرانيا) في كُل الجوانب العسكرية.. ولا ننسىٰ أنها (ثامن قوة عسكرية) في سُلم القوىٰ الكُبرى في العالم، و(أوكرانيا) تَحتل المَرتبة (18) .. وتُشير البيانات انّ التفُوق الروسي في القدرات العسكرية تَتصاعد وتتطور مع وتيرّة الحَرب لِصالح روسيا .. ووفقًا للتقارير الأميريكية - ( 500,000+) - جُندي أوكراني قُتلوا وجُرِحوا .. وَقالها (ترامب) بوجه (زِيلينسكي) في لقاءهما مؤخراً - حينما كشف إفلاس الأخير أمام تَعنتّه الأحمق للأستمرار بالحرب ! والإقتصاد الرُوسي أظهر "مُعجِزات في القُدرة والتحمل" علىٰ التَكيّف مع تحديات الحرب وَتجنُب الفوضىٰ في الهياكل الإنتاجية في إقتصادها وشؤونها المالية .. رُغم أكوام العقوبات التي فَرضتها عليها (دول الناتو) .!من هُنا لابُد الإشارة بدءاً - الىٰ أن مُخطط (الغرب + ناتو) لإسقاط (روسيا بوتين) مرسُوم ومُقرر - قبل أن يتَم تغيير "النظام الأوكراني" عن طريق انقلاب مُبرمج عام 2014 - الذّي عُرِف بإسم ثورة "الميدان الأورپي" - لِلعلاقة الوثيقة لدول أورپا بها مِن جهة، ولأن (أوكرانيا) ساحة النِزال الفعلية لأورپا لمواجهة (روسيا) وإسقاط "نظامها البوتيني" .. ذٰلك الإنقلاب الذي إنتهىٰ بعد احداث عنيفة مُطاردة الرئيس الأوكراني (فيكتور يانوكوفيتش) وتغيير النظام .. لأنه كان مُوالياً (لروسيا) ويَعمل علىٰ أن تكون بلاده مع (روسيا) وحدة متكاملة متحالفة .. ومِن المُثير أن نجد مَخاوف الإتحاد الأوروبي بلغت نحو فرض "عقوبات جماعية" علىٰ (الرئيس فيكتور) وحتىٰ علىٰ (نجله) - لِشله مِن العودة للحُكم ! وثم مِن بعد تغيير (نظام حكم أوكرانيا) - هيكلياً ونظمياً وإدارياً خلال أعوام قلائل .. تم تَسليك (سُلم الصعود) - لشخصية (زيلنيسكي) لِتولي الرئاسة - لِيقفِز مِن مُمثل ساخِر مُهرج علىٰ إثرِّ مَسرحية مثلَّ فيها دور (مُدرس وطني) يَنتفِض من أجل أوكرانيا، أكسبتهُ الشعبية لِخوضِ الإنتخابات كما رُوِّج له ولم يُمارس المهنة السياسية يوماً ولو منصب (عُضو برلمان) كما هُم جميع الرؤساء السابقون له .. لِيحِل رئيساً بعد الإنقلاب البائس وبعد (رَئيسين - إلگسندر وبِترو) - فِي مَنصب الرئيس (فيكتور) ذو الخِبرّة الطويلة في السياسة وإدارة البلاد وصاحب باع طويل في تولي المناصب الرسمية في الدولة - وَحامِل شهادة (دكتوراه في فلسفة إقتصاد) - التي جَميعها في المقاييس الإعتبارية العقلانية تَعِّد أطول مِن قامة (زيلنيسكي) بِكثير !! ثم سُوِقت الأمور بِالتَدرُج السريع نَحو وَضع (أوكرانيا زيلنيسكي) علىٰ سكة الإنضمام الى "حلف الناتو" - وهي "الخطوة" التي دفعت (روسيا) عِندها أن تُبادر الحَرب .! كل هٰذا وغيرّه مِن تفاصيل - كان بِهدف السير في مُخطط إسقاط (نظام بوتين) وَجعل (رُوسيا) كدولة تابعة مُطيعة للغرب ولِرئاسة نظام العَولمة المّقبلة .. لاتتجاوز الحُدود المرسومة لها (غربياً - ناتوياً) .! كما أن وجود (شخصية بوتين) يعنّي حِماية (للكنيسة الشرقية الأرثودوكسية) .. التي يَتبعها أكثر من (200) مليون مَسيحي يَتوزعون في (14) دولة أورپية شرقية .. وهُناك 67% في أوربا الغربية .. ولا تَتفق مع الكنيسة الغربية عقائدياً ..؟ أي لا تَتفق مع البرامج السياسية للغرب !
وتجدر الإشارة الىٰ أن المخاوف (الناتوية) تضطرب حينما تُشير التقديرات - إلى أن 70% من (مسيحي أوكرانيا) هم (أرثدوكس) - لكن أغلبهُم لا يفصحون عن ذٰلك بسبب تَعسف النظام السياسي الذي حلَّ في (أوكرانيا) بعد الإنقلاب الأورپي عام 2014.! هٰذا الإختلاف (الكنسي) كان دونَّ أدنىٰ شك من بين أسباب العداء (لبوتين) .. أمام مخاوف (أنظمة الغرب) مِن تأثيرات "التعاطف الديني" مع (روسيا) .. قد لا تصُب مستقبلاً لِصالحها !! عليه صار "التكُهن سهلاً للقارئ - لِمعرفة أسباب تَشكي (الروس) في المدن التي تحررت مِن قَبضّة (النظام الأوكراني) من الإضطهاد الديني الذي كانوا يعانون منه تحت ظل "الزيلينسكية "بِسبب تبعية (الكنيسة الأرثودوكسية الأوكرانية - لبطريرك روسيا) .. ولا يَغفل أي مُتابع للأخبار - كيف سارع (زيلنيسكي) لِصد تيار التعاطف الدينّي داخل (كييف) بِفرض قِيُود لِلتضيق على ( بطريريك الكنيسة الروسية الارثودوكسية) داخل (كييف) مع بدء الحرب ! ثم ينبغي التذكير - أن نسبة كبيرة من "الأراضي الأوكرانية" روسية الأصل - تاريخيا , جغرافياً ، وَديمغرافياً .. بل إن (إسم - أوكرانيا) هي الأخرىٰ روسية ، وتعنّي - (الحقول البعيدة) .. التي كانت في زمن قديم مضىٰ- "عِصابات" دول غرب اليوم - تسعىٰ الى سرقة "محاصيلها الغنية من القمح" في عهد القيصرية ! كما أن "جزيرة القرم"روسية - وسكانها الأصوليون مِن (التتار الأتراك) .. وتم إضطهادهم وقتلهم وتهجير اعداد كبيرة منهم بعد الحرب العالمية الثانية لأنهم كانوا (خانيون) تابعين (للدولة العثمانية) حَليفة (ألمانيا) في الحرب العالمية الأولىٰ .. ومنهم مَن قاتل الىٰ جانب الألمان .. لٰكن بعد تولي "خروشوف" رئاسة "الإتحاد السوفياتي" قام بإهداء إدارة "الجزيرة" لولاية (أوكرانيا) عام 1954.. ويُقال كان دافِع الأهداء ، لأنه كان (أوكرانياً) ! عليه قد سَعت أمريكا والغرب الى تغيير إسم (أوكرانيا) مِرارا وتكراراً بعد تفكك (الإتحاد السوفياتي) لكنهما فَشلتا ! علىٰ ضوء ما تقدم أن (الغرب + الناتو) يرى "نظام بوتين" منذ توليه السلطة - كمعُوق لمشاريعها القادمة في الشرق على وَجه العُموم وقاعدتها الغربية هي أوكرانيا .. لكن حِنكة ودراية (بوتين) كرجل مخابرات ذكي وماهر عطلَّ دوما مخططاتهم .. إذ إنتبه (بوتين) منذ البدء - كيف أن مخطط (الغرب الناتو) - لا يَستهدف إسقاطه وحسب ، إنما يَبغِّي جَعل (روسيا) مِثل (أوكرانيا) مَيدانها وحَقلها الخَلفي - تابعة وخاضعة لها .. خصوصاً بعد أن تمكن (بوتين) مِن أن يُوقِظ التَطور والنهوض الرُوسي من جديد للصعود إقتصاديا وتسليحاً وعلمياً بعد سقوط "منظومة الاتحاد السوفيتي"!من هنا لم يجد "الرجل" بُداً سوىٰ أن يَستبق ضَربَّهُ وضَرب بلاده عن طريق (أوكرانيا) في أن يُعجِل بضربة وقائية .. فبدءت الحرب التي لا رغبةً منه كما يُشاع ،إنما لحماية (روسيا) ! خصوصا أن نزعة الإنتقام من (روسيا) إحتدت وإشتدت بعد نجاح (بوتين) من إسترجاع (جزيرة القرم) عام 2014 .. استناداً علىٰ تطور المواقف الروسية من القضايا الشرق أوسطية كما يُصطلح عليها اليوم وبضمنها القضايا العربية .. نرىٰ في رأي متواضع - لو لم يتم إشغال (روسيا) بحرب (أوكرانيا) ما كانت الأمور تبلغ (بغزة) هٰذا الحد مِن الوحشية والتدمير ! و لا نَستبعِد أن إطالة إشغال (روسيا) في الحرب مع (أوكرانيا) ينفصل عما مخطط لهُ مِن ترتيبات في (العقلية الصهيونية النازية) .. لأن ( زِيلنسكي - صهيوني يهودي) ويحمل (جنسية الكيان الاسرائيلي) مع الكثير من أعضاء نظامه .. خصوصاً مع تزايد المواقف الإيجابية (لروسيا بوتين) لصالح (القضية الفلسطينية) وتكور علاقاتها مع العرب .. وبخاصة بعد تزايد قوة التأثير الروسي مع تأسيس - (منظمة بريكس) وتطور مواقف أعضاءها سياسياً علىٰ الأصعدة الدولية - وتبلور بروز "التعدد القُطبي" من جَديد ! كما ينبغي الإشارة في أن (بريكس) هي الأخرىٰ تدخل بذٰلك من بين أسباب التَخطيط (الغربي الناتوي) لإسقاط (روسيا بوتين) ..! لأنها أصلا (منظمة) تستهدف الوقوف أمام (مشروع العولمة) ومنعه من التحقُق .. ومشروع "شرق الأوسط الجديد" هو جزء المُهم مِن تكوين (نظام العولمة) .! كُل المشاهد المرئية وغير المرئية مترابطة بعضها مع البعض في قضية حرب أوكرانيا .! أما التساؤل - لماذا روسيا لم تَستطع فرض إرادتها السياسية علىٰ (أوكرانيا) لإجبارها علىٰ وقف الحرب ، إن كانت هي منتصرة ؟!
بدءاً - لقد لَطخَ (مَستر ترامپ) في جَبين (زيلينسكي) عار فشله وخسارته الحرب وجهاً لوجه - حينما قال لهُ في لقاءه المُتشنج معه - «إستمع إلي إنك في مُشكلة كبيرة ولا تملك اية أوراق ضغط» ! أي كان يعنّي بوضوح تام إنك يا (زيلينسكي) الخاسر .! ثم نُغنِّي جواب التساؤل بكل بساطة بالقول - في أن من أسباب عدم فرض "الإرادة السياسية" الروسية لإيقاف الحرب .. لأن (أورپا + ناتو) عَنونّت شٌعارها - (لا سقوط لأوكرانيا الزيلينسكية) ..! في ذات الوقت - ( السيد بوتين) لا يرغب في تصعيد القَسّوة الروسية في إستخدام سِلاح (الجحيم) في الحرب .. لأنه لا يُريد السقوط في (فخ - الحرب العالمية الثالثة) - فيكون هو المُبادر والبادئ لها أمام الرأي العام العالمي .. وتكُون لهُ (أوكرانيا) عِندها أشبه (بِفخ الكويت للعراق) .. أو (كَمُستنقع أفغانستان ثانية) ..! فَعدم فرض (الإرادة السياسية) رُغم تَفوق روسيا في الحرب وَتحقيقها إنتصارات ملموسة علىٰ أرض الواقع - يعود كما قلنا - لأن (أوكرانيا) مدعُومة بِشعار -(عدم الإستسلام المُطلق) - مِن قِبل (الغرب الناتو) و (الصهيونية العالمية) وهٰذه هي التي تَجعل مِن أن تُزيد عَنجهية (الصهيوني زيلنيسكي) في التصرف بِتبختُر وبكبرياء علىٰ مدىٰ سنوات الحرب الماضية .. والدليل تَصرفه الأخير مع (ترامپ) .! فهو "صهيوني" - وَيَعرِّف كيف يأكل مِن لَحم أكتاف (الغربيين), وله خِبرّة عالية في كيفية "الإستنزاف" بعد تجربة (التعويضات الهولوكستية) المعروفة ..! أي أنّهُ يعرف جيداً - أن (الغرب الناتوي) تحت سيطرة الصهيونية العالمية بِحاجة (لأوكرانيا) تحت إدارته .. أكثر مِن حاجته (كزيلينسكي) لأوربا - من أجل بقاء إستمرارها (كإسرائيل غربية)- ولِضمان ديمومتها كمستودع ضخم للحبوب .. وكَمصنع غنّي لكل أخطر أنواع الأسلحة الالكترونية الحساسة Chip - للسيطرة علىٰ العالم أجمع !! هٰذه الحقيقة لم يٕشِّر إليها أيّا من "المُحللين الخُدج"وفق معلوماتنا علىٰ مدىٰ سنوات الحرب ! ومن أجل إدراك وفِهم أهمية (أوكرانيا كإسرائيل غربية) - (للحركة الصهيونية العالمية ونّظم الصهيونية المسيحية في الغرب) - علينا أن نعود الىٰ فهم ما ذكره سبحانه في كتابه العزيز - ﷽ - ﴿وَقَضَيْنَا إِلَىَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنّ فِي الأرْضِ مَرّتَيْنِ وَلَتَعْلُنّ عُلُوّاً كَبِيراً﴾ .. وَإنْ وقفنا وقفة مُدرك واعي لِمعنىٰ (الأرض - جغرافياً) في الآية الحكيمة لفهمنا قصد الله تعالىٰ - لا يَعنّي بالأرض- (أرض الشرق الأوسط ) فقط .. التي يَعلو عليها "بنو شمعون".. إنما أرادَّ بها - كَل "أقطار الأرض"- وجَميع "أقطار الارض" تستوجب الحاجة في أن تكون (إسرائيل اليهود) بِجناحين شرقي وغربي ! بل وأكثر من "الأجنحة الزوجية المزدوجة" - لو أخذنّا ما تُقدمها بعض الدول - علىٰ شاكلة (إيران الفرس - للكيان الصهيوني) مِن خدمات لم تُذكر حتىٰ في أساطيرها .! مِن هُنا - لو رَجعنا الىٰ تفحص "جنسيات الأوكرانيين" اليهود ال(145 ألف) .. لوجدّنا أنهم جميعا يتمتعون (بِجنسيتين إسرائيلية وأوكرانية) - في آن واحدا .. هٰذا عدا المُتعاطفين معهم ! و (أوكرانيا - يهودية القيادة والزعامة والإدارة) ، رُغم أن غالبية سكانها (مَسيحيون) ! في الحقيقة الموضوع شائك وبِحاجة الىٰ إغناء جديد وواقعي يختلف عن تنظيرات (المُحللين - المُخللين) علىٰ تَمجيد (الديمُقراطيات الليبرالية) التي نسمعها علىٰ مدىٰ ما يقرب من اربع سنوات .. هذا ما تمكنّا من عرضه بإختزال أمام القراء في هذا المقال - نرجوا الله - لعلهُ ينفع !؟ والسلام عليكم !
إرسال تعليق