مشاهدات
د. كاظم المقدادي
د. كاظم المقدادي
الشارع مؤشر خطير على تقلبات المجتمع في التفاوت الطبقي ، والشوارع نقطة دالة على توجهات الناس ومزاجهم وانزلاقاتهم ، وفي غناهم وفقرهم . الشارع فيه الستوتة ، والتوك تك ،، وفيه التاهو والجي كلاس والكاديلاك .لا يوجد في شوارع العالم من مشاهد ، مربكة ومرتبكة مثل ما هو موجود في شوارع بغداد ، اختناقات مرورية قاتلة ، وعنتريات وسط تذمر وحالات نفسية ضاغطة ، وعندما ترتفع نبرات الصوت ،، تسحب فجأة مسدسات الموت ..!! السيارات في شوارع بغداد ، صارت هوية فأن كنت من حديثي النعمة ، فالتاهو تحت قدميك ، وان كنت من محبي حسين نعمة فالستوتة نصيبك ، وان كنت من ( العبرية) فالكوستر في خدمتك.
كنت أفكر ملياً بالحادثة المؤلمة التي ذهب ضحيتها الصحافي المغدور ليث محمد رضا ، في منطقة العرصات التي سكنتها لأكثر من ثلاثة عقود ، ولماذا ذهب ضحية لتهور سائق الجي كلاس ، وهذا مثال واحد لآلاف المتهورين الضالين من ابناء المسعورين . شارع العرصات ،، مزحوم أصلاً بالسيارات ، شركة إيرث- لنك ، اضافت للشارع اختناقات مرهقة ، المئات من موظفي الشركة يتركون سياراتهم مركونة في الأزقة وعلى الأرصفة . الشارع اصبح من أهم الشوارع التجارية ، فيه أشهر الماركات من الملابس الرجالية ، معظم الشوارع الداخلية ، متخمة بالشركات الوهمية ، وبمقار خفية للفصائل الشقية . قسم من البنايات تابعة للاخوة المسيحيين ، بيعت بثمن بخس إلى جهات متنفذة ، مهتمة بشراء العقارات بأساليب مبتكرة . لم يعد شارع عرصات الهندية ،كما كان يوصف بشارع " الحمرا البيروتي" أيام زمان ،، أنه يعج اليوم باولاد المسؤولين المتهورين من حديثي النعمة والجاه والسلطان ، هؤلاء يتنافسون ويتنابزون بنوع سياراتهم الذكية ، وهي أحياناً بلا ارقام ولا سنوية ،، وكأن الشارع أمسى معارضاً شخصية .
وهنا يبدو التساؤل المر .. إلى متى ستظل شوارعنا سارحة لاهية ، خاضعة للمتجاوزين من اصحاب الخناس ، وتحت رحمة من يطلق الرصاص لأتفه الاسباب على الناس ..!! اشعر أحياناً بالغثيان ، فشوارع بغداد تثير الرعب ، وهي مكتظة بالناس والآهات ، وبالمطاعم والمقاهي والسيارات والمولات . لايمكن التمييز ، بين المواطن والأجنبي ،، ألاف الأجانب يعملون بلا شروط الإقامة ، والبعض من ابناء المحافظات يتصرفون بلا ذوق ولا أستقامة أما ظاهرة التسول فحدث ولا حرج ، كأنك محشوراً في سوق هرج ، ما ان يتركك متسول حتى يقابلك ثان وثالث وعاشر . والطامة الكبرى تكمن بتصرفات اولاد وحمايات المسؤولين ، من الذين يقودون سياراتهم بجنون ،، بلا ذوق ولا اخلاق ولا هم يحزنون . سيماهم في سياراتهم ، وهي تلهث بألوانها ، وأرقامها الخاصة ، برقمين او ثلاثة ، ومثل هكذا ارقام تكون من حصة التاهو والكاديلاك ، من موديلات گام الداس يا عباس ..!! معظم السواق بلا هوية ولا اخلاق ، يكفي انهم يحملون الباج وسلطة المزاج ، يهددون رجال المرور بلقب ابن الحاج ، وصاحب التاج . سياراتهم مضللة ، وعيونهم مسمرة ، الرونك سايد عندهم عادي ، والتعالي على شرطة المرور ماشي ، يشعرون ان كل من في الشارع دون مستواهم وغناهم ، بعضهم اهدوا سيارات التاهو لعشيقاتهم ، كل هذا يحدث يومياً في معارض وشوارع الكاكي ، مع وجود وزارة للداخلية بمليون منتسب ، ووزير للداخلية ، هو المحتسب و الحاسب ، أما مدير عام المرور ، فسلطته وتنمره فقط على الكاسب وأم چاسب ..!!
ختم الكلام …
لا تسألوني لماذا هي مزدهرة سوق السيارات ، لأنها صارت للتباهي والكشخة، وصرف المال بلا رحمة ، واصحاب المعارض يعرفون من هم وراء تجارة السيارات من احزاب فاسدة عبثية ، بيدها الاستيراد ، وتحت سلطتها المنافذ الحدودية ، واقول لكم مثلما ما قال السيد حيدر العبادي عمن يمتلك عقارات منطقة الجادرية .؟ختم الكلام … مزاجنا ، يظل وسيظل متوتراً في جميع ايامنا العادية ، بعد ان صار اطلاق النار اسهل من اطلاق الالعاب النارية .

إرسال تعليق