عائشة سلطان
قرأت الكثير من سير العظماء وأعلام الأدب والعلم، كما اطلعت على قصص حياة العديد من الفنانين والموسيقيين والممثلين الكبار، الذين كانوا علامات فارقة في مسيرة الفن والسينما، شخصيات لطالما أضحكت الجماهير وأسعدتهم مثل شارلي شابلن أو أمتعتهم عندما تحولت إلى أيقونات سينمائية غاية في الجاذبية والجمال مثل مارلين مونرو وأودري هيبورن، وهناك من هؤلاء العظماء من قدم أدباً رفيعاً مثل ديستويفسكي وإرنست همنجواي وستيفان زيفايغ، أو أبدع فناً وموسيقى وغناء عظيماً مثل السيدة فيروز وفينسنت فان غوخ وبيتهوفن، لكن كل هؤلاء كانوا يضحكون الجماهير وهم يعضون على جروحهم وآلامهم ، فما من أحد منهم إلا وعاش مأساته الخاصة منذ طفولته وحتى أواخر شبابه، وبعضهم صحبته المأساة حتى انتهى بها .
ومع ذلك، تعتبر هذه الشخصيات رموزاً في دنيا الإبداع، لكن رغم ما قدموه للعالم من فنون وأدب ساعدت في تشكيل ثقافات الشعوب، إلا أن حياتهم كانت في الغالب تتخبط في ظروف قاسية، حتى انتهت ببعضهم نهايات مأساوية كالانتحار أو الموت جوعاً وأحياناً القتل غدراً! فشارلي شابلن، الذي دخل قلوب الناس بابتسامته ومشيته المضحكة وعصاه وعروضه الكوميدية المميزة والصامتة، وُلد في عائلة فقيرة في لندن، وعاش طفولة مليئة بالفقر، وظل يعاني من الحروب والصراعات الاقتصادية، التي كانت تكبل طموحه . مع ذلك، استطاع أن يكون أحد أبرع الممثلين والمخرجين في تاريخ السينما فقط عندما ترك بلاده وهاجر إلى أمريكا، ليستبدل الفقر بالشهرة، ولكن في ظل الوحدة والظروف الصعبة في آخر حياته، مما أدخله في عزلة تامة، أدت إلى تدهور حالته النفسية . أما الكاتب الأمريكي إرنست همنغواي، الذي خلد في رواياته معاناة الإنسان في عالم مضطرب، فإنه عانى من الاكتئاب ووقع في فخ الإدمان على الكحول، وفي النهاية اختار إنهاء حياته بنفسه بطلق ناري في صبيحة شتائية، ليترك وراءه إرثاً أدبياً ضخماً ومؤلماً. مثل همنغواي ، كان الكاتب الروسي فيودور دوستويفسكي الذي كان يعاني من مشاكل عديدة بسبب فقره وإدمانه القمار ومشاكله العائلية الأخرى، لكنه مع ذلك قدم أعمالاً أدبية خلّدت اسمه بين أعظم كتّاب التاريخ . في النهاية، قد تكون المعاناة جزءاً من عملية الإبداع، والألم قد يولد إبداعاً لا يُضاهى، ولكن سؤال النهاية لا شك في غاية الأهمية!
إرسال تعليق