ضرغام الدباغ
كانت محطة إذاعة موسكو أيام الاشتراكية، محطة تسمع، والأهم أن المواطنون السوفييت كانوا يحرصون على سماعها ، لأنها محطة تسمع فعلاً، وبرامجها راقية بكل معنى الكلمة، ويجد المستمع فيها ضالته بكل الفئات العمرية، بكل المستويات، الكل يجد فيها شيئاً راقياً، إن كان أدباً، أو فناً، والفنون على أتجاهاتها، ولكن المادة المقدمة كانت دوماً راقية وتستحق الأنصات، والأهتمام، وهكذا تفعل إذاعة تكسب مستمعيها، تمتعهم تعمق من ثقافتهم، المواطن يبحث عنها ويستمع إليها، وتتشكل علاقة بين الإرسال والتلقي علاقة أحترام . وقد علمت في موسكو أن إذاعة موسكو تذيع لمغنية عربية واحدة .. وهي المغنية الكبيرة فيروز، وأكثر من ذلك علمت أن الإذاعة تترجم أغانيها، وتذيعها على المستمعين باللغة الروسية، ومن ثم تعمد إلى إذاعة الأغنية الأصلية بلغتها الأصلية باللغة العربية. حقاً أنه لشيء يملأ بالفخر أن تصدح فيروز من إذاعة موسكو إلى كافة مستمعيها في العالم (بمئات الملايين) أنا كنت وما أزال من مدمني سماع فيروز، وقد حضرت أحد عشر مرة لحفلاتها في دمشق وبيروت، وكنت دائماً أحصل على التذكرة في الصف الأمامي، وتأخذنا فيروز لساعات في روعة متواصلة بأغانيها أداء وكلمات وموسيقى الرحبانيين .
فيروز شيء ثمين جداً وقيمة فنية عالية، حظه جميل من شاهدها وحظ جيلنا وقد عشنا وسمعنا وشاهدنا أروع الأعمال الفنية : فيروز، أم كلثوم، محمد عبد الوهاب، فريد الأطرش، ناظم الغزالي، صباح فخري وغيرهم من أمثال جواد سليم وفائق حسن، إبراهيم جلال، عوني كرومي، جعفر السعدي، بدر شاكر السياب، عبد الوهاب البياتي، كاظم جواد .. منير بشير، يوسف عمر .. وعشرات من الأسماء الأخرى عراقياً وعربياً .. أي جيل عجيب هذا ...! في هذه الأغنية أنكأ ذكرياتكم أصدقائي وأهيجها، فنحن جميعاً (تقريباً) في سن قد تكونت لنا ذكريات قديمة تقبع اليوم في كهوف مظلمة مهجورة ... هنا أحاول أن أذكركم ببعض من تلك الذكريات الحية / المنسية، والزعل الشرقي الجميل ... كم خربت الكبرياء والكرامة من علاقاتنا الجميلة، هي تشتهي المصالحة ولا تقدم عليها، هي ما زالت تعشقه، زعلي طول معك سنين، حاولت أن أنساك .. وفشلت .. وتقول له لو جئت لبيتي لن تجد أي أثر لغيرك .. كأنك قد غادرت لتوك .. يمنعها حياؤها أو كبريائها أن تقول له مشاعرها، فتكتبها على ورقة ... ثم تنهار أخيراً وتصارحه .. يا ريتك كنت هنا .. يا ريت ... ما أجمل هذه الاعترافات التي جاءت بعد فوات الأوان . يسرني هنا أيتها الصديقات أيها الاصدقاء أن أنشر لكم كلمات واحدة من أجمل أغاني فيروز، مع رابطين لسماعها .. أرجو لكم المتعة والسعادة، رغم كلمات الاغنية الحزينة، لكنها تحمل في نفسي ذكرى معينة تحملني والقراء والمستمعين على التفكير والتأمل ولقيمتها الذاتية والموضوعية
فيروز : زعلي طوّل أنا وياك
كلمات جوزيف حرب
زعلي طوّل أنا وياك
وسنين بقيت
جرّب فيهن أنا إنساك
ما قدرت نسيك
لو جيت نهار ع بيتي لقيت
إنك حبيبي بغيابي جيت
بتشوف إن ما مرقوا
إلا إيديك على هالبيت
كإنك حبيبي أنت وعينيك
هلق فليت
يا ريتك هون حبيبي وليل
ويكون نبيذ وشمع الليل
وأكتبلك عـ ورقة حتى ما قول
ما بقدر قول
يا ريتك مش رايح
يا ريت بتبقى عطول
إرسال تعليق