عائشة سلطان
منذ خلق الإنسان وهو لا يفعل شيئاً أكثر من تغيير واقعه وظروفه وكل ما حوله وعلى كل المستويات الشخصية والجماعية. ولأن التغيير مفهوم واسع ومتطلب جداً، وخاصة تغيير النفس والسلوكيات ، فإنه غالباً ما يعيش معظم الناس في دوامة من الأفكار والوعود بأنهم سيصبحون أفضل غداً، وسيتغيرون في اللحظة التي يقررون فيها، وأنهم فقط بحاجة إلى نقطة انطلاق جديدة، لحظة إلهام أو استيقاظ مفاجئ، اللحظة التي لا تأتي لمعظمنا غالباً، لأن التغيير ليس مجرد رغبة أو أمنية، يتطلب التغيير الحقيقي أكثر من ذلك بكثير.
مقولة للكاتب الأرجنتيني لويس بورخيس: «لم يكذب عليّ أحد مثلما كذبت أنا على نفسي، فمنذ عرفتني وأنا أخبرني بأنني سأتغير عندما أستيقظ، استيقظت كثيراً، ولم أتغير أبداً»، تلخص هذا الصراع الداخلي الذي يعيشه كل واحد منا. فبورخيس، يعبر هنا عن خيبة أمله الشخصية من نفسه، وهو يشعر بأن التغيير هو حلم بعيد المنال، حتى عندما كان يتمنى أن يحدث . لا يكفي أن يملك الإنسان الرغبة في التغيير، بل يجب أن تكون هناك إرادة حقيقية تدفعه إلى اتخاذ خطوات عملية نحو ذلك. الرغبة وحدها ليست سوى أداة في لعبة العقل مع الذات، حيث يمني الإنسان نفسه بتحقيق التغيير دون أن يواجه الواقع أو يلتزم بالخطوات الفعلية التي يجب أن يتبعها.
من المهم أن ندرك أن الرغبة في التغيير تصبح في كثير من الأحيان مجرد حيلة نفسية لتهدئة الضمير. قد نقول لأنفسنا إن الغد هو الوقت المثالي للبدء في العمل لتغيير عاداتنا السيئة، أو تطوير مهاراتنا، لكن عندما يأتي الغد نعود لحلقة الوعود مجدداً، بينما التغيير بمعناه الفعلي يظل بعيداً وغائباً، وهكذا ندور في حلقة مفرغة من الكذب على الذات. أحد أكبر التحديات التي تواجه الناس في مسألة التغيير هي التغلب على ما يسمى بـ«الركود الذاتي»، الذي ينشأ من الانشغال بالأفكار والعواطف السلبية. يتحدث الفيلسوف الأمريكي ويليام جيمس عن فكرة ما يطلق عليه «الخيارات المغلقة»، التي تتلخص في وقوع الإنسان في حلقة مفرغة من التمنيات فقط، بحيث إنه كلما تمادى في تصديق أنه سيتغير يوماً ما، يبتعد عن الفعل الحقيقي تجاه التغيير.
إرسال تعليق