مقامة ألأدمان

مشاهدات




صباح الزهيري


صبحنا احد الأصدقاء ببيت شعر يقول : 

 دربٍ لا يعز ممشاك , أقصر خطاك عنه  ,

ترى كيف وانا المدمن على الخسارات ؟ 

وهمستي تسرق من الروح روحها , 

وخلجات النفس تتمردني كسرب من نايات , 

تعزفني كصلاة شجون للعصافير ؟ 

وأنا تعودت أن

لا أحد منا يسامح الحياة , 

حين تطعمنا المرارة , فتشتد المكابرة.


يزيد على البيت نصيحة تقول : 

لا تعتنق شيئًا أنت غير مُؤمن به ,  ولا تمشِ طريقًا لم تختَره  , 


فأرد وأقول : 

ليس من السهل تقفي صوتك , 

وتلجني مدايات أفقك اللامنتهي حد دوار دهشة الأغنيات , 

فيقشعر لها البدن , ليساقطني ثمرات الوجد , 

وأخرى يتشظاني ازدحام ذاكرتي , كنغمة فريدة الايقاع بها , 

تصيخ السمع لتهجداتك  , فكيف السبيل و اللغة ثرية , 

والفكر عانق زمن الأنبياء في صحو وحرية منسيين .


لايقتنع بخذلاني , فيضيف :

لا تُضيع وقتك في مَا لا تَحب , ولا تعِش مُجبرًا ولا تضحِّ براحتك لمن لا يقدر قيمتك  , ليسمعني أردد :

ثمة أشياء من ضرورات اكتمال الوجود, 

معه تتحول إلى نقيضها , 

وأظل ابحث عن السبيل إليه , 

وبعد الضياع , أئشنق الفراق ؟  

أم أستعيذه من همزاته ؟ 

فأن غيابه أصابني بالفقد وبهزة قلبية , 

وهطلت الروح بعدها أمطار الحزن ,

 فهل لي بليل لا يعرف الوسن ؟


لازال مصرا , هاهو يؤكد :

لا تحمل هم شخص لا يهتم بمشاعرك , 

ولا تجتر الألم من أجل إقناع أحد برأيك  , 


فأجيبه بمرارة ألآثمين :

بت مدمنا على الخسارات , 

ومن بعدي يتناسخ الخاسرون , 

وهناك المكتظون بالانتظارات  لصفعات الغربة المباغتة لأرواحنا , 

ربما سأبلغ عنه أقرب واقعة قلب ,

عن وجود ( لو) في أمنية , 

ومن طقوس نواياك العاشقة سيرفض مجلس أمن الواقعة انعقاده , 

هربًا من تفاقم الغيابات  , 

حينها ستكون الخديعة , 

أن ألقي برأسي بين الخصلات  .


حنانيك ياصديقي , وأنت تضيف : 

لا تشتت تركيزك على من لا يهمه أنك على صواب  , 

لا تتعذب في محادثة مع من لا يريد فهمك , 


فأرد بخيبة : 

عندما يلوكني لظى الغياب , 

يجعلني أتحسس وشمه على شغاف القلب , 

وأتشبث بضلعه , 

وأنا أحسده فهو كالشمس , 

تلقن النهار بالصمت , 

وتورث الليل بنوره , 

وتهدهد الفجر بهسهسات نهار , 


ليصيح بي : 

أيها الحاسد , 

كف أنفاسك عني , 

ستحرق ظلي .


لا يكل ولا يمل , هاهو ينادي :

لا تتنازل عن سلامك الداخلي لأجل شخص إختار الظلام , 

ماذا أقول له وأنا أرتل اسمه كترنيمة قداس , 

تخضر لها جدب القلوب

حروفه بلون قوس قزح , 

أنادمها كعاشق تحتسيه انثيالات القصائد , 

ليته ينثرني بعضه , 

لأعمد صوتي الحزين بغياباته الناشبة في الروح , 

التي تعثرت برسالة بائتة منه , 

فكانت تعج بالصوفية وقداسة الحرف , 

وقد أروت القلب والفكر من ضمأ .

وقيل أنهُ كان يَرى ولا يُرى , 


وزادَ ثقاةٌ رعاةٌ من طرف المدينة أنهم شاهدوه وهو يعبر البحر العظيم ماشياً فوق الماء مستقيماً حتى تلاشى وغار بعين الشمس  , 

فكيف أقصر خطاي وأنا أدمنه مع كل هذا الصهيل من القلب , 

وذاك الغناء الندي الذي لا يزيدني إلا اشتعالاً , 

كل ذاك الحديث الشفيف , 

كأنما أشعة الشفق تخترق عتبة القلب , 

فهو لم يكن يزيدني إلا ذوباناً , 

يا من تركتَ في الصمتِ بقاياك , سأُعيدُ للكونِ طيفَ رؤياك , 

مهما نُفيتَ عن الحلمِ قسرًا , 

ستعودُ يومًا , 

ويبقى صداك , 

وأنا علمني مولانا جلال الدين الرومي : 

هروبك مما يؤلمك سيؤلمك اكثر ,

لا تهرب تألم حتى تشفى , 

لقد تعودنا ان نصف كل مرحلة دقيقة نمر بها بأنها اخطر المراحل , 

والذي يدفعنا إلى ذلك هو الخوف من المعلوم لا من المجهول , 

وكل الناس تسمع صوتي إلا أنت تسمع قلبي . 


صدق مولاي :

لا يُعرضُ عنك صَادقٌ في ودِّهِ  إنَّما يهجُرُك من كانَ ودُّهُ مكذُوبًا  .


 


تعليقات

أحدث أقدم