صبحنا احد الأصدقاء ببيت شعر يقول :
دربٍ لا يعز ممشاك , أقصر خطاك عنه ,
ترى كيف وانا المدمن على الخسارات ؟
وهمستي تسرق من الروح روحها ,
وخلجات النفس تتمردني كسرب من نايات ,
تعزفني كصلاة شجون للعصافير ؟
وأنا تعودت أن
لا أحد منا يسامح الحياة ,
حين تطعمنا المرارة , فتشتد المكابرة.
يزيد على البيت نصيحة تقول :
لا تعتنق شيئًا أنت غير مُؤمن به , ولا تمشِ طريقًا لم تختَره ,
فأرد وأقول :
ليس من السهل تقفي صوتك ,
وتلجني مدايات أفقك اللامنتهي حد دوار دهشة الأغنيات ,
فيقشعر لها البدن , ليساقطني ثمرات الوجد ,
وأخرى يتشظاني ازدحام ذاكرتي , كنغمة فريدة الايقاع بها ,
تصيخ السمع لتهجداتك , فكيف السبيل و اللغة ثرية ,
والفكر عانق زمن الأنبياء في صحو وحرية منسيين .
لايقتنع بخذلاني , فيضيف :
لا تُضيع وقتك في مَا لا تَحب , ولا تعِش مُجبرًا ولا تضحِّ براحتك لمن لا يقدر قيمتك , ليسمعني أردد :
ثمة أشياء من ضرورات اكتمال الوجود,
معه تتحول إلى نقيضها ,
وأظل ابحث عن السبيل إليه ,
وبعد الضياع , أئشنق الفراق ؟
أم أستعيذه من همزاته ؟
فأن غيابه أصابني بالفقد وبهزة قلبية ,
وهطلت الروح بعدها أمطار الحزن ,
فهل لي بليل لا يعرف الوسن ؟
لازال مصرا , هاهو يؤكد :
لا تحمل هم شخص لا يهتم بمشاعرك ,
ولا تجتر الألم من أجل إقناع أحد برأيك ,
فأجيبه بمرارة ألآثمين :
بت مدمنا على الخسارات ,
ومن بعدي يتناسخ الخاسرون ,
وهناك المكتظون بالانتظارات لصفعات الغربة المباغتة لأرواحنا ,
ربما سأبلغ عنه أقرب واقعة قلب ,
عن وجود ( لو) في أمنية ,
ومن طقوس نواياك العاشقة سيرفض مجلس أمن الواقعة انعقاده ,
هربًا من تفاقم الغيابات ,
حينها ستكون الخديعة ,
أن ألقي برأسي بين الخصلات .
حنانيك ياصديقي , وأنت تضيف :
لا تشتت تركيزك على من لا يهمه أنك على صواب ,
لا تتعذب في محادثة مع من لا يريد فهمك ,
فأرد بخيبة :
عندما يلوكني لظى الغياب ,
يجعلني أتحسس وشمه على شغاف القلب ,
وأتشبث بضلعه ,
وأنا أحسده فهو كالشمس ,
تلقن النهار بالصمت ,
وتورث الليل بنوره ,
وتهدهد الفجر بهسهسات نهار ,
ليصيح بي :
أيها الحاسد ,
كف أنفاسك عني ,
ستحرق ظلي .
لا يكل ولا يمل , هاهو ينادي :
لا تتنازل عن سلامك الداخلي لأجل شخص إختار الظلام ,
ماذا أقول له وأنا أرتل اسمه كترنيمة قداس ,
تخضر لها جدب القلوب
حروفه بلون قوس قزح ,
أنادمها كعاشق تحتسيه انثيالات القصائد ,
ليته ينثرني بعضه ,
لأعمد صوتي الحزين بغياباته الناشبة في الروح ,
التي تعثرت برسالة بائتة منه ,
فكانت تعج بالصوفية وقداسة الحرف ,
وقد أروت القلب والفكر من ضمأ .
وقيل أنهُ كان يَرى ولا يُرى ,
وزادَ ثقاةٌ رعاةٌ من طرف المدينة أنهم شاهدوه وهو يعبر البحر العظيم ماشياً فوق الماء مستقيماً حتى تلاشى وغار بعين الشمس ,
فكيف أقصر خطاي وأنا أدمنه مع كل هذا الصهيل من القلب ,
وذاك الغناء الندي الذي لا يزيدني إلا اشتعالاً ,
كل ذاك الحديث الشفيف ,
كأنما أشعة الشفق تخترق عتبة القلب ,
فهو لم يكن يزيدني إلا ذوباناً ,
يا من تركتَ في الصمتِ بقاياك , سأُعيدُ للكونِ طيفَ رؤياك ,
مهما نُفيتَ عن الحلمِ قسرًا ,
ستعودُ يومًا ,
ويبقى صداك ,
وأنا علمني مولانا جلال الدين الرومي :
هروبك مما يؤلمك سيؤلمك اكثر ,
لا تهرب تألم حتى تشفى ,
لقد تعودنا ان نصف كل مرحلة دقيقة نمر بها بأنها اخطر المراحل ,
والذي يدفعنا إلى ذلك هو الخوف من المعلوم لا من المجهول ,
وكل الناس تسمع صوتي إلا أنت تسمع قلبي .
صدق مولاي :
لا يُعرضُ عنك صَادقٌ في ودِّهِ إنَّما يهجُرُك من كانَ ودُّهُ مكذُوبًا .
إرسال تعليق