الفريق الركن صباح نوري العجيلي
بعد القتال العنيف وحرب الإبادة التي يشنها جيش الاحتلال الاسرائيلي في غزة منذ السابع من اكتوبر 2023، أي ما يعادل 15 شهر و466 يوم قتال ، وبوساطة امريكية وقطرية ومصرية تم الأتفاق على وقف اطلاق النار وتبادل الاسرى بين الطرفين وشمل الأتفاق ثلاث مراحل . لقد أستخدم جيش الاحتلال كل وسائل التدمير المتيسّرة من طائرات حديثة وطائرات مسّيرة وتشكيلات مدرعة والمدفعية الثقيلة باستهداف السكان المدنيين وسقط 46 الف شهيد معظمهم من النساء والأطفال وحولت العمليات الحربية قطاع غزة الى منطقة مدمرة غير صالحة للسكن . ولّدَت حرب غزة حروباً اخرى في لبنان وسوريا واليمن ، ووجهت ايران رشقات من الصواريخ الباليستية على الارض المحتلة ولمرتين، رد عليها الطيران الاسرائيلي بضربة استهدفت منظومة الدفاع الجوي الايراني وأحد المنشأت النووية .
أهداف الحرب الاسرائيلية :
بعدما تباغتت حكومة وجيش الاحتلال والأجهزة الأمنية بعملية طوفان الاقصى التي نفذتها المقاومة الفلسطينية بالسابع من اكتوبر 2023 والتي أخلت بتوازن الاحتلال وتمكن المقاومون من خطف المئات من الأسرى الاسرائيليين عسكريين ومدنيين ، وكرد فعل وضعت حكومة (نتن ياهو) المتطرفة اهداف استراتيجية عدة أهمها الهدفان الرئيسان :
- تصفية حركة حماس وأنهاء وجودها في غزة
- اطلاق (تحرير) سراح الاسرى والرهائن
ترجمت رئاسة الاركان الاسرائيلية الاهداف الاستراتيجية الى أهداف عملياتية ونفذت عمليات برية وجوية وبحرية مستمرة ضد قطاع غزة ضمن مسؤولية المنطقة الجنوبية وحشد الاحتلال أفضل قواته القتالية وقوات الاحتياط لأجتياح القطاع وباشر بتهجير السكان المدنيين وتدمير المربعات السكنية بحثاً عن المقاتلين من كتائب القسام والاسرى الاسرائيليين . ولم تفلح القوات الاسرائيلية من العثور على الأسرى .
الحرب اللامتكافئة :
طوفان الاقصى إنموذجا للحرب غير المتكافئة بين طرفين، الاول جيش الاحتلال المتفوق مادياً والذي يمتلك آلة حرب متطورة مسندة من الولايات المتحدة ، والطرف المقابل قوة القسام وهي قوة فلسطينية عقائدية صغيرة مؤمنة بالحق الفلسطيني ، تسليحها خفيف وتمويلها محدود ، تعتمد حرب العصابات كأسلوب قتال وقد نجحت في مباغتة الإحتلال وكسر هيبته وخطفت الأسرى من مستوطنات غلاف غزة ولم يتمكن الإحتلال من الإستدلال على مكانهم واطلاق سراحهم بالقوة . إستمرت المقاومة بالمساومة على إطلاق سراح الاسرى ونجحت بالنهاية من تحقيق عملية تبادل الاسرى وتحرير اسرى فلسطينيين يخضعون لفترات سجن طويلة في سجون الاحتلال .
حرب الإبادة :
حرب غزة نموذج لحرب الإبادة وجرائم الحرب والارض المحروقة والقتل الجماعي والتجويع التي تعكس سياسة الأنتقام التي ينتهجها الاحتلال في الارض المحتلة لكسر إرادة المقاومين وأهل غزة ، حيث سقط اكثر من 150 الف بين شهيد وجريح ومفقود من ابناء القطاع وتدمير 70 % من ابنية القطاع الذي شهد اكبر عملية نزوح بعد هجرة عام 1948, وأتبع الاحتلال سياسة التجويع وغلق المنافذ مع دول الجوار و تدمير المستشفيات ومنشئات الطاقة والمياه . كعادته يضرب الاحتلال الاسرائيلي بالقوانين والاعراف الدولية الخاصة بالتعامل مع السكان المدنيين ، عرض الحائط ولايعير اي اهتمام لأي قرارات دولية بسبب وقوف الولايات المتحدة وبريطانيا والمانيا الى جانبه .
سياسية الأغتيالات والقيادات البديلة :
لغرض إضعاف المقاومة وإرباك منظومتها القيادية ، أستهدف الإحتلال رموز وقيادات المقاومة بخطة محكمة لتنفيذ إغتيالات الشخصيات المهمة وبالفعل نجح الإحتلال في تصفية بعض القيادات المؤثرة وبمقدمتهم اسماعيل هنية في طهران وصالح العاروري في ضاحية بيروت ويحيى السنوار في غزة ، وأمام هذه التداعيات حافظت المقاومة على تماسكها وإستمرت بالقتال والصمود والتفاوض بالقيادات البديلة حتى أرغمت الاحتلال على قبول شروطها وهذه نقطة قوة تحسب للمقاومة الفلسطينية في غزة .
فشل الاحتلال في تحقيق أهداف الحرب :
بعد 15 شهرا من إعلان أهداف الحرب ورغم تداعيات حرب الإبادة والجراح المؤلمة التي تسببت لسكان غزة وفقدان كواكب عزيزة من الشهداء ، توصلت اليوم اطراف الحرب إلى إتفاق وقف إطلاق النار بين الطرفين وتبادل للاسرى ووافقت حكومة الاحتلال مرغمة على قبول الاتفاق وبالمحصلة النهائية لم يحقق الاحتلال اي من أهداف الحرب حيث مازالت حماس وقوة القسام متماسكة رغم تلقيها ضربات شديدة وحافظت على توازنها ومازال مقاتليها ينفذون عمليات تعرضية على جنود الإحتلال وبنفس اليوم تتفاوض القيادة العليا كطرف رئيسي بالحرب وتفرض شروطها كما لم يتمكن جيش الإحتلال الذي استعان بالمساعدة الامريكية من إطلاق (تحرير) سراح الاسرى على الرغم من مسح ارض غزة بالكامل والمراقبة المستمرة بالأقمار الاصطناعية . كما عجز الأحتلال من فك شيفرة أنفاق غزة احد نقاط قوة المقاومة التي استخدمتها للقتال والاسكان وخزن الاسلحة والذخائر واخفاء الاسرى الاسرائيليين.
واخيراً : مثلما للاحتلال أهداف عدوانية من الحرب تتمثل بالابادة والقتل والانتقام والتهجير والتجويع وارتكاب جرائم الحرب وهذه من خصائص الاحتلال الاسرائيلي القابع في فلسطين المحتلة ، هناك في الجانب المقابل أهداف سامية للمقاومة الوطنية الفلسطينية تتلخص في تحربر فلسطين المغتصبة من الاحتلال الصهيوني وإعادة اللاجئين الى ديارهم وتحرير الأسرى من سجون الاحتلال .
إرسال تعليق