القاعدة وايران ودورهما الخفي

مشاهدات

محمود خالد المسافر


أن القاعدة هي ام التنظيمات المتطرفة في النصف الثاني من القرن العشرين، إذ انبثقت من رحمها كل التنظيمات المتطرفة الاخرى، واقول متطرفة ليس تطابقا مع المفهوم الغربي، لأنني لا اعد قتال المحتل ومقاومته تطرفا ولا اعد مقاومة الاستيطان تطرفا، بل أعده متطرفا لانه لا يقبل بالاختلاف، ويرى نفسه منفردا بالحق، وكل ما غيره باطل، ولأنه يشرّع قتل الإخوة وأصحاب الدين الواحد تحت يافطة الضلالة . أن هذا التنظيم الذي كان ولا يزال يقتل على الهوية لم يكن لديه مانع في أن يلجأ إلى إيران الولي الفقيه أكثر الأطراف كفرا وضلالة كما يؤمن قادة التنظيم ومنظروه، بعد انهيار حكم طالبان في أفغانستان بسبب الغزو الأميركي لها في عام 2001، ولم يكن لدى شريكهم في منهج التكفير وهو الولي الفقيه اية مشكلة في استقبال أعضاء تنظيم القاعدة واستضافتهم في إيران ومن ثم تدريبهم وإرسالهم إلى العراق بحجة مقاتلة المحتل الأمريكي في حين أنه استهدف تحطيم النسيج المجتمعي في العراق وتأجيج المشاعر الطائفية وتقسيم العراق وتقديم حالة الفوضى على طبق من ذهب للسياسة الأمريكية في العراق . 


وعلى هذا الاساس انتقل المجرم ابو مصعب الزرقاوي من ايران الى العراق عبر ادوات إيران وخاض في دماء العراقيين أكثر مما خاض في دماء الامريكان وكان، في أول ثلاث سنوات من الاحتلال ، يقتل من رجال المقاومة أكثر مما يقتل من الامريكان بحجة أنهم بعثيون أو صوفيون أو اخوان مسلمين أو لأنهم لم يبايعوا قائد تنظيم القاعدة . حتى شقوا وحدة صف المقاومة ضد المحتل مما ساعد المحتل على احتواء بعض فصائل المقاومة تحت مظلة "الصحوات" بحجة مقاتلة داعش وخلايا إيران السرطانية ومنها جيش المهدي ومنظمة بدر وما تفقس لاحقا عنهما . وتحولت هذه الفصائل بفضل عبث داعش وايران وميليشياتها وخبث الامريكان إلى أداة  بيد الامريكان استخدمها المحتل لفترة ثم تلاشت بعد أن غادرت القوات الأمريكية العراق صاغرة تاركة وراءها اتفاقية أمنية وقعتها الحكومة الأمريكية مع نوري المالكي وكيل إيران في العملية السياسية في العراق . أننا لا نحتاج إلى عقدين من الزمن لنكتشف الحقيقة لأن نتائج الأفعال على الأرض تؤدي إلى معرفة النيات والمستور من الحقيقة الذي يخفيه الأعداء . 


لقد تبرعمت الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) في ذات الوقت الذي تبرعمت فيه الميليشيات الولائية وباسماء مختلفة، وعملت كل هذه الأطراف، التي تبدو مختلفة في المنهج والعقيدة ولكنها مرتبطة في الهدف ومتوافقة في النتائج، على تدمير البنى الاجتماعية التحتية ومصادرة ما تبقى من قوى النظام الضعيفة التي جاء بها دستور اجنبي لكاتبه القانوني اليهودي الأمريكي المعروف نوح فيلدمان . وكان تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام السبب الرئيس في إنقاذ حكومة نوري المالكي والميليشيات الولائية، التي كادت أن تسقط سقوطا نهائيا بضربات انتفاضة العشائر 2013 و 2014 بعد أن تحررت ثلاث محافظات عراقية وبدأت روح الانتفاضة تنتشر إلى باقي المحافظات في وسط  العراق وجنوبه، حين تآمر نوري المالكي وبأمر من أسياده الإيرانيين مع تنظيم الدولة وأخرج لهم مئات من قياداتهم الذين كانوا في سجن أبي غريب ومن ثم سلمهم الموصل بعد ان سحب القوات الحكومية منها لصالح تنظيم الدولة ليسد الطريق على ثوار انتفاضة العشائر والمجالس العسكرية المنبثقة عنها من أن تأخذ طريقها للسيطرة الكاملة على الموصل كما حصل في محافظتي الانبار وصلاح الدين. ولم تكن لاحقا الحرب الأمريكية الايرانية على تنظيم الدولة في الموصل إلا محاولة أخرى لتدمير البنى التحتية في الموصل وتهجير عشرات الالاف من العوائل التي كانت حاضنة للمقاومة وليست حاضنة للإرهاب كما يدعون. ومن ثم لينهوا صفحة داعش من خلال تمثيلية التخلص من قائدها ابو بكر البغدادي بنفس تمثيليتي التخلص من أسامة بن لادن وايمن الظواهري. وسيبقى شبح التنظيمات المتطرفة قائما في بلدنا وكل منطقتنا التي نعيش فيها طالما أن زواج المتعة الأمريكي الايراني لا زال ساري المفعول والذي لا يفصلنا عن نهاية عقد هذا الزواج إلا خمسة أيام وعندها سنرى إذا أراد ترمب أن يجدد عقد المتعة المؤقت أو ان يوقفه لمدة أربعة اعوام ومن ثم ليعيده الديمقراطيون المغرمون بالولي الفقيه، أو أنه سينهيه إلى الأبد.

تعليقات

أحدث أقدم