مشاهدات
أ.د. فائق السامرائي
التحقت بالدراسة الجامعية الاولية في مطلع الستينات من القرن العشرين في جامعة بغداد _كلية التربية _ قسم الرياضيات .حينها لم يكن في العراق سوى جامعة بغداد والموصل والبصرة وعدد محدود من المعاهد . واقع الطلبة في كل كلية خليط من كل مدن العراق ٫فضلا عن وجود عدد معدود من الطلبة من خارج العراق من بلدان عربية واخرى غير عربية . طلبة المحافظات ملتحقون معظمهم باقسام داخلية ميسرة والطالب فيها يتقاضى منحة شهرية محدودة لكنها كانت مفيدة لي ولغيري ومن دونها لا يستطيع الكثير الاستمرار بالدراسة . الاساتذة كانوا متمكنون في مجال اختصاصهم ومعظهم ممن انهوا دراستهم في بلدان متقدمة غير العراق وخصوصا التخصصات العلمية ٫ فنجد معظمهم من حاملي الشهادات العلمية من بريطانيا وامريكا ودول اخرى ٫ وهناك نسبة واضحة من التدريسيين من جنسيات غير عراقية ممن قدموا من خارج العراق وعملوا بالتعاقد في العراق فعلى سبيل المثال تتلمذت على يد الهندي والباكستاني والجيكي والروماني والمصري فضلا عن اساتذتي العراقيين الكرام وجميعهم شهاداتهم من خارج العراق وبذلك حصلنا على تمازج ثقافات عالية المقام .
اما الكتب الجامعية العلمية كنا نشتريها من دار الكتب وبطبعاتها الحديثة وباسعار نجدها في الغالب غالية لكن مكتبات الكليات كانت ساندة لنا فالكتاب الذي لانستطيع شرائه نستعيره من المكتبة فضلا عن تداول الكتب فيما بيننا اذ كنا جماعات كل واحد منا يشتري كتاب ونتداولها فيما بيننا والقسم الداخلي الذي يجمعنا يسهل المهمة .المهم ان الكتب كانت حديثة في طبعاتها. المكتبات في الكليات كانت غنية بالمصادر ومعظم الطلبة كانوا يرتادون المكتبة وبشكل مستمر وتقضي الطلبة يومها بين المحاضرات والمكتبة . اما القاعات الدراسية فكانت جيدة في بنيتها ولم تكن مكتضة باعداد غفيرة من الطلبة وخصوصا التخصصات العلمية ٫ المختبرات غنية باجهزتها وموادها٫ وكان الدوام طيلة ايام الاسبوع عدا الجمعة . حضور الطلبة الى قاعة الدرس منتظم في وقته وبدون متابعة من الاستاذ ٫فالاستاذ يدخل يدخل قاعة الدرس في وقته المحدد ويجد كافة الطلبة موجودين ونادرا ما يسجل حضور لانهم موجودين دائما ٫وهناك تحضير ومتابعات وامتحانات يومية وفصلية وباشكالها المختلفة وجيدة جدا ٫ ونادرا ما نلاحظ ظاهرة غش او تأجيل امتحان او غياب او او. الخ . نظام الدراسة سنوي تراكمي ٫ بمعنى يتعرض الطالب الى امتحان نهاية العام الدراسي في كل ما درسه خلال العام مما يضيف تعزيزا لتعلمه ويرفع من مستواه ٫ مخرجات التعليم في هذه الحقبة سجلته الوقائع فكانت عالية والمتخرجون الذين عملوا في العراق وخارجه تشهد لهم ساحات العمل . لم اشاهد خلال مدة دراستي الجامعية الاولية والماجستير والدكتوراه تجاوزا لطالب على اصول السلوك المطلوب . والعكس لم اسجل خلال فترة عملي والتي تجاوزت ال45عاما في التعليم الحكومي واقتربت من 10سنوات في التعليم الجامعي الاهلي تجاوزا على السلوك المهني المطلوب ولربما يعود السبب الى (التقيد بمعايير العمل الجامعي )فالعمل بالمعايير يقود الى نتائج عالية المقام .
اما عن الدراسات العليا كانت في اولها محدودة جدا ولها هيبة وعالية في النفوس والملتحق بها ينظر له بمنظار ذا طبيعة متقدمة . وعندما التحقت للدراسة العالية في العام الدراسي 1976_1977. كنت متخوفا كثيرا من ان لا احقق نجاحات ٫وعند التحاقي بها تعلمت فيها الكثير منها اولا السلوك الاكاديمي والامانة العلمية واحترام الوقت والعلم واساتذتي والدقة في تعاملاتي واشياء اخرى كثيرة ٫وكنت احضر معظم مناقشات الرسائل الجامعية ٫وابقى واقفا امام استاذي الى ان ياذن لي بالانصراف ٫تعلمت كثيرا كيف احترم الكتاب عندما امسكه ولا أؤذيه ٫وحينها كان يسمح لي الدخول داخل مخازن الكتب في المكتبة المركزية ٫ لكن كنت وزملائي لانؤذي الكتب ونعيدها الى ادراجها وفقا لتصنيفاتها ولم اسمع يوما شكوى من العاملين في المكتبات عن سوء تصرف طالب . ان يوم مناقشة الرسالة هو يوم مهم جدا ولم يكن سهلا حصول الرسالة على درجة عالية لان الخطاء مهما كان بسيطا يهبط درجتها من مستوى الى مستوى ادنى منه رغم ان اجهزة الطباعة حينها كانت بدائية جدا قياسا لما هو متوفر حاليا . اعداد الطلبة المقبولين في الدراسات العليا كانوا بعدد الاصابع وكانت درجة البكلوريوس حينها كافية لمعظم الناس . لاحظت في الثمانينات كثرة التوجه والطلب للالتحاق بالدراسة العالية واخذت اتجاهاتها منحى اخر . مايمكن قوله في نهاية منشوري : ان مراجعة الماضي قد تعطينا تقييما جيدا للواقع الحالي وتساعد على وضع خطوط المستقبل . وصيتي العمل بمعايير العمل الجامعي بوضوح وشفافية عالية .
ا.د. فائق السامرائي جامعة بلاد الرافدين _كلية الادارة والاقتصاد _قسم المحاسبة (صورة تخرج سنة 1968_1969)
إرسال تعليق