د.محمود خالد المسافر
ظهر علينا عدد كبير من سياسيي واعلاميي الصدفة لنظام ما بعد الاحتلال الامريكي في عام 2003 وهم يقدمون النصيحة للادارة السورية الجديدة في مرحلة ما بعد سقوط النظام الدموي لعائلة الاسد في سوريا، وبدت تلك النصيحة التي يكررها اولئك وكأنها مبرمجة اعلاميا، او كأنها شيء متفق عليه وغير قابل للنقاش او التشكيك، ويذكرنا هذا الفعل بالمثل القائل "اكذب اكذب حتى يصدقك الناس". ومفاد تلك النصيحة هو "انه على الادارة السورية ان تستفيد من التجربة الديمقراطية في العراق !!". ولعل اهم شخصيتين في هذه العملية السياسية تبنتا تلك المقولة هما قيس الخزعلي قائد ميليشيا عصائب اهل الحق والذي يسيطر على الحصة الاكبر بين الوظائف السياسية في الحكومة الحالية وصاحب الكلمة المؤثرة على القضاء والجيش وقوى الامن الداخلي والتعليم وغيرها من اجهزة الدولة، وكذلك محمد شياع صبّار رئيس الحكومة والمسؤول التنفيذي الاول وما يسمى بالقائد العام للقوات المسلحة وممثل حزب الدعوة الذي يمثل الدولة العميقة لصاحبها نوري المالكي. كلا السياسييْن المعمم قيس الخزعلي والمدني محمد شياع صبار اكدا على ان الإدارة الجديدة في سوريا ولكي تنجح عليها ان تحذو حذو العملية السياسية في العراق التي تمادى بعض اتباعها ليطلقوا عليها صفة الافضل والاحسن والنموذج. وإزاء هذه الدعاية الإعلامية المنظمة اود ان ابين لكل اولئك المشاركين في العملية السياسية بعض الحقائق الاساسية :
1- ان العملية السياسية في العراق ليست من نتاج افكاركم ولا هي نتاج اعمالكم ونضالكم، ولا حتى تحالفاتكم وممارساتكم السياسية. بل هي من نتاج الفكر الغربي وعمل الجهات الاستخبارية الاجنبية، وانه لولا الاحتلال الاميركي الغاشم للعراق لما وصل اي منكم الى السلطة، ولكان حلم نوري المالكي في ان يصبح مديرا لتربية طويريج لا زال يراوده في الليل والنهار. لقد قررت الحكومة الامريكية غزو العراق تساعدها بعض الدول التي كانت تتأمل في ان تكون حصتها من الموارد الاقتصادية العراقية بعد الاحتلال حلا لمشكلاتها الاقتصادية المزمنة. ودعمتها بعض القوى الاقليمية التي كانت دائما ترى ان العراق القوي الموحد خطرا على امنها ودورها الاقليمي. ومنها ايران التي تتخذون مرشدها الخامنائي آلهة تعبدونه من دون الله.
2- ان العملية السياسية مبنية على دستور كتبه قانوني يهودي امريكي اسمه نوح فيلدمان وهو الذي زرع كل مواد وفقرات الاختلاف التي تعيشها احزاب العملية السياسية. ولا يحق لكم ان تتغنوا بعملية سياسية وضع دستورها اجنبي ينتسب الى دولة ترفعون شعار الموت لها في كل ادبياتكم الكاذبة.
3- ان العملية السياسية هي التي اقرت الاتفاقية الامنية بين العراق واميركا والتي سمحت ان تخرج القوات الامريكية من الباب بعد ان كبدتها المقاومة العراقية الحقيقية وليست مقاولتكم او مقاولة قوى التطرف العميلة للاجنبي، واعادتها اتفاقيتكم الامنية من الشباك.
ولذلك لا يحق لكم في كل الاحوال ان تتباهوا بهذه التجربة في الحكم لانها ليست تجربتكم، بل تجربة المحتل التي فرضها عليكم وعلى كل اتباعه، وفرض قبولها على كل حلفائه في المنطقة والعالم حتى مكنكم من ان تشغلوا زورا وبهتانا مقعد العراق في الأمم المتحدة ومقعده في الجامعة العربية وباقي المنظمات الاقليمية والدولية الاخرى. واما بما يخص تباهيكم بتطبيقاتكم الديمقراطية جدا فاقول لكم نعم صحيح انتم تمارسون ارقى الأساليب الديمقراطية في المنطقة!!! ويمكن أيضا على مستوى العالم، وإليكم الادلة الثابتة عند العراقيين وعند جيرانهم. وانا ادعو الاخوة في الإدارة السورية الجديدة التمعن في هذه المزايا التي يتصف بها النظام العراقي الديمقراطي جدا!.
1- أن في سجونكم تُباع الفتيات ويُباع الصبيان لأغراض الممارسات الجنسية الشاذة، وارجعوا في ذلك الى اعترافات الفارين من قواكم الامنية والذين قدموا تقارير كاملة للمنظمات الحقوقية الدولية في خارج العراق مشفوعة بالأدلة التي تثبت تورط كبار المسؤولين في الحكومة والاحزاب والميليشيات المسيطرة على الشارع في هذه الانتهاكات الصارخة.
2- ان في سجونكم نساء يستحلفن اهلهن ليقتلونهن بعد أن أنجبن من سجانيهن الذين اغتصبنهن تحت مرأى سياسييكم ومرجعيتكم الرشيدة جدا.
3- انتشرت في حكمكم الديمقراطي جدا الفنادق من فئة الخمس نجوم من تلك التي يتم فيها ممارسة الدعارة بإسم المتعة بالنساء والغلمان، ولتتاكدوا من ذلك ارجعوا الى مئات الفديوهات التي تنقل فضائح قادتكم وبرلمانييكم وسياسييكم.
4- تتم تحت مظلة الديمقراطية عمليات بيع الفتيات والصبية لجهات اجنبية وتورط كبار السياسيين في هذه الجريمة المنظمة. ولن يمر وقت طويل حتى يتم الكشف عن تفاصيل هذه الجريمة الدولية المنظمة.
5- يتم وفي ظل الديمقراطية السماح للجنس الثالث بالظهور والتاثير اجتماعيا لكونه مطلوب من قبل كبار قادتكم، وارجعوا الى فديوهات واحاديث المنشقين عن منظمة بدر وغيرها من الفصائل المسلحة والمنشقين عن المرجعية وحوزاتها السردابية وهم يفضحون يوميا ما يحصل في ما تسمونه بالمدارس العلمية او الدينية.
6- انتشار مئات الملاهي ودور القمار في الاماكن التي تسيطر عليها الميليشيات والاحزاب المشاركة في العملية السياسية. ولا يوجد عراقي لا يعرف ماذا فعل المعمم عمار الحكيم في منطقتي الجادرية والكرادة خارج.
7- انتشار الجامعات الخاصة والكثير منها مملوكة لكبار السياسيين وقادة الميليشيات. ولقد كشف لنا الناشطون السياسيون والاجتماعيون عمليات بيع الشهادات الجامعية التي تتم في اروقة هذه الجامعات مقابل المال والجنس والسلطة والنفوذ. راقبوا اذا شئتم كم الفضائح التي يتعرض لها قادة التعليم الجامعي الخاص والتي تظهر على العلن بين الفينة والاخرى على الرغم من كل محاولات التعتيم وتكميم الافواه كما حدث مع قضية عماد الشاوي عميد كلية الحاسبات في البصرة، وكذلك الاستاذة الجامعية المغدورة سارة العبودي في البصرة ايضا.
8- سيطرت في ظل ديمقراطيتكم ما يسمى بالعتبات على الكثير من مرافق الاعمال الخاصة والمصانع والمزارع والجامعات والمستشفيات حتى اصبحت العتبات شريك حيوي في القطاع الخاص، ولا يعلم احد اين تذهب اموالها وكيف تدار ولا هي تقع ضمن قائمة الأجهزة الحكومية او الخاصة التي تخضع للمحاسبة والحوكمة.
9- اجتمع في ظل ديمقراطيتكم ممثلوا الشعب المنتخبون بطريقة ديمقراطية جدا ليقرروا منح جوازات السفر لكل البرلمانيين والرئاسات الثلاث ونوابهم ومستشاريهم وابنائهم واحفادهم مدى الحياة . بمعنى سيحمل جواز السفر الدبلوماسي بعد اربعين عاما من يعمل خبازا او حمالا او صاحب اية مهنة لا تتطلب شهادة فقط لأن جده كان برلمانيا، مع احترامي لهذه المهن ومن يعمل بها.
10- يحدث يوميا في زمن ديمقراطيتكم الدينية ان يُسب عرض رسول الله ويُنكل بصحابته في ممارسات طائفية مشينة ولا يتصدى لها احد من اجهزة الدولة، بل هي تحدث تحت مظلة الدولة وحمايتها كما هي حالات استهداف وحرق القرآن الكريم في بعض الدول الغربية والتي تتم تحت حماية اجهزة تلك الدول. كلتا الحالتين تمثلان واقعا واحدا وهو الحرب ضد الرموز الدينية للمسلمين.
11- في نظامكم الديمقراطي يُترك السراق من امثال نور زهير الذي سرق المليارات من الدولارات من اموال العراقيين طليقا هو ومن ورائه من حيتان فساد النظام الديمقراطي جدا وزج الاطفال في السجون بسبب سرقات بسيطة.
12- في عهدكم الديمقراطي تم تهريب السجناء من المنتمين لتنظيم الدولة الاسلامية (داعش) وقامت حكومتكم الديمقراطية بتسليم الموصل على طبق من ذهب لهم وفيها خزينة من خزائن البنك المركزي واعداد هائلة من الاسلحة.
13- في زمنكم الديمقراطي لم يعد احد يستحي من العمالة والخيانة واصبحت العمالة لإيران محط فخر سياسييكم ومجرمي الميليشيات الولائية.
14- لقد باعت ديمقراطيتكم الأراضي ومياه العراق الدولية للكويت، ولا ندري لحد الان ماذا باعوا ايضا من اركان سيادة العراق.
15- رهنت حكومتكم الديمقراطية الاقتصاد العراقي بالسياسات المتقاطعة الهدامة للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي وشركات النفط الاحتكارية.
16- لقد حصلت ابشع المجازر في زمنكم الديمقراطي ومنها مجزرة الحويجة ومجزرة مسجد مصعب بن عمير ومجزرة سبايكر ومجزرة جسر بزيبز وعشرات غيرها.
17- وحصلت في ظل سلطتكم الدينية الديمقراطية جدا اكبر الفضائح لوكلاء المرجعية الرشيدة، ومنها فضيحة مناف الناجي وكيل المرجعية في مدينة العمارة وسلسلة الفضائح المرجعانية الكثيرة الاخرى.
18- وتصدر المشهد السياسي في ظل ديمقراطيتكم امعات ومهازل السياسة من امثال ابو مازن وهيبة الحلبوسي وهادي العامري وحميد الهايس وقيس الخزعلي وابو فدك وابو خميني وابو علي العسكري ومئات من حثالات المجتمع التي طفت على السطح مع بوادر ظهور ديمقراطيتكم في عام 2003.
تلك هي حقيقة تجربة ديمقراطيتكم الفريدة التي تطلبون من الاخرين الاقتداء بها. ولن يمر وقت طويل ان شاء الله لتنكشف كل الحقائق امام العراقيين، ويعود المغيبون ويتحرر الاسرى والموقوفون بلا ذنب ويفرح الناس في عراقنا الحبيب بمناسبة القضاء على افسد واجرم طبقة سياسية شهدها العالم المعاصر.

إرسال تعليق