نظام الملالي الإيراني : نمر من الفلين

مشاهدات



د. ضرغام الدباغ


مقابلة ومقال مهم :
هاتان مقالتان في غاية الخطورة تكشفان الكثير، من أسرار التمدد الإيراني في المنطقة، وألعاب وخدع، وشغل أطفال، وكيانات تافهة لعبت برؤوس الشعب البسيط، وأستخدمت شعارات طائفية زورا وخداعاً، الأطراف الرئيسية : إيران، سوريا الأسد، حماس، حسن نصرالله، وباقي الأذرع الإيرانية في العراق واليمن، وغيرهم، كلهم متآمرين اغبياء ، غير مخلصين في أعماقهم، عبارة عن لصوص صغار تافهين، نجحوا لوقت قصير لسبب واحد وحيد، أنهم أخذوا الضوء الأخضر من أميركا، وتعاونوا مع إسرائيل، حماس صدقت بسذاجة نادرة هذه الأباطيل وصدقت مشروع المقاومة والممانعة، وفيما كانت الأطراف الأخرى يعلمون أنها خدعة الموسم ...صنعوا كارثة سخيفة، ومكنوا الامريكان والإسرائيليين من تحقيق ما يريدون ويخططون , مقالتان من موقع (ASAS) جمعناهما في في مقال واحد لسهولة الأطلاع وبدون تدخل أو تعديل .......



من رباعيّة سليماني إلى الهروب الكبير
قاسم يوسف
2024-12-17

عام 2017 وصل قاسم سليماني إلى الحدود السورية العراقية قادماً من البادية على رأس لواء “فاطميون”، ثمّ أدّى الصلاة إماماً في منطقة التنف. وصار مذّاك…سنّة لبنان يتعاطفون ولا ينزلقون ثمّة كلام مكتوم بدأت تهمس به الألسن في لبنان، وهو يتمحور حول الخوف العميق، وربّما المشروع، من ذهاب الأمور في سوريا نحو إمساك فروع الإسلام… إنّا من العرب… وإنّا إليهم راجعون لجرحنا الغائر في سوريا صوتٌ كصرير الأسنان، وهو جرح قديم ورهيب ومستدام، يسبق الفجيعة بشطب رفيق الحريري ويعقبها . حتى بات ربيع بيروت ينتظر أوان الورد… في غرفة أقرب ما تكون إلى الظلمة منها إلى الضوء ، جلست ومعي قلم ودفتر بعدما سحبوا منّي آلة التّسجيل . كانت الساعة فوق الموقد المشتعلة تُشير إلى الثامنة والنصف بتوقيت موسكو . ثمّ بعد خمس دقائق دخل بشار الأسد . تبادلنا السلام البارد . كان مكفهرّ الوجه وعاقد الحاجبين . سألته عن حاله، أجاب: لا بأس. قلت: هل نبدأ الحوار،

قال : أنا جاهز .
لماذا هربت؟
لا أحبّذ كلمة هروب . وحده الجبان يهرب، وقد قلت سابقاً إنّ الرجل الوطني لا يهرب ولا يفرّ خارج الوطن، لكن لا بأس، لن أتوقّف عند هذا التعبير الذي شاع وانتشر بين الناس كالنار في الهشيم . الحقيقة أنّ الخيارات كانت محدودة جدّاً. كنت أودّ طبعاً أن أخرج من الشام على نحو طبيعي، لكنّ تسارع الأحداث بشكل دراماتيكي أجبرني على الرحيل في عجالة . يحيى السنوار خرّب كلّ شيء. بدأ الانهيار الشامل منذ أحداث السابع من أكتوبر العام الماضي . كان المحور برمّته يعيش على الضجيج . نقول للعوامّ إنّنا نقاوم ونمانع، وكانت الناس تُصدّق ما نقول، لكنّ السنوار لم يفهم أنّ ما نقوله هو مجرّد كلام نردّده فوق المنابر وعلى الشاشات، فسارع إلى تنفيذه، وهنا وقعت الطامة الكبرى .

وكيف تعاملت مع الوضع المستجدّ؟
صرت بين سندان إيران وميليشياتها وأذرعها، وبين مطرقة إسرائيلية لا ترحم . حاولت أن أوازن الموقف بالتشاور مع روسيا. من جهة أترك لإيران حرّية الحركة المطلقة في سوريا، ومن جهة ثانية أخبر الإسرائيليين بكلّ تحرّكاتهم ومواقعهم ومخازنهم .

هذا يعني أنّك غدرت بالإيرانيّين؟
لا أحبّذ كلمة غدر . بشّار لا يعرف الغدر. لنقل تضارب مصالح . إيران احتلّت سوريا وسيطرت على كلّ مفاصلها الحيوية. وأنا صرت مجرّد واجهة لا أكثر . لقد كنت مُجبراً على ذلك . لم يكن أمامي خيار آخر للخروج حيّاً من سوريا. نتنياهو لا يرحم . ومن قطف رأس حسن نصر الله لن يتورّع عن قطف رأسي.

لماذا لم تُخبر شقيقك ماهر وكبار ضبّاطك قبل رحيلك؟
لا أثق بأحد منهم . كلّهم يعملون لدى إيران و”الحزب”. ولو أنّ أحداً في سوريا شعر بأنّني سأفعل ما فعلت، لقامت الدنيا ولم تقعد .

أين جماهيرك التي منحتك ما يفوق 95% من أصواتها ؟
لا يوجد شيء اسمه جماهير. أنا كنت على رأس نظام أمنيّ مخابراتي. وهذا النظام هو الصوت وهو الجماهير وهو صندوقة الاقتراع .

ماذا تقول للشّعب السّوري الثائر في عموم سوريا؟

لقد ربحتم سوريا، لكنّكم خسرتم بشّار الأسد.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من رباعيّة سليماني إلى الهروب الكبير
قاسم يوسف
2024-12-14

إنّا من العرب… وإنّا إليهم راجعون
لجرحنا الغائر في سوريا صوتٌ كصرير الأسنان، وهو جرح قديم ورهيب ومستدام، يسبق الفجيعة بشطب رفيق الحريري ويعقبها. حتى بات ربيع بيروت ينتظر أوان الورد…
عام 2017 وصل قاسم سليماني إلى الحدود السورية العراقية قادماً من البادية على رأس لواء “فاطميون”، ثمّ أدّى الصلاة إماماً في منطقة التنف. وصار مذّاك القائد الفعليّ لأربع عواصم عربية، وهي العواصم التي تباهت طهران بالسيطرة عليها، عبر تصريح رسمي لوزير الاستخبارات في حكومة أحمدي نجاد عام 2015. فكيف سقطت تلك الرباعية في موجة واحدة؟ بدأت الرحلة في حرب تموز عام 2006، وتحديداً من الصورة الشهيرة التي جمعت سليماني مع السيّد حسن نصرالله وقائد “الحزب” العسكري عماد مغنية، وقد بدا أنّ الصورة ملتقطة من اجتماع عسكري لمواكبة الحرب، ونُشرت عقب اغتيال مغنية في دمشق، لتكون الدليل الأبرز على مشاركة سليماني وحضوره شخصياً في كلّ مفاصل المعارك، عسكرية كانت أم سياسية . ما إن وضعت الحرب أوزارها، حتى استدار “الحزب” إلى الداخل اللبناني، حيث تبلورت الرغبة في تقريش الانتصار محليّاً، مع ما يعنيه ذلك من سيطرة مطلقة على كامل القرار السياسي والعسكري والأمنيّ. وهذا تماماً ما حدث بعد موجة طويلة من الاغتيالات والاشتباكات والمواجهات العنيفة، انتهت جميعها بقبْض “الحزب” على رقبة الدولة بلا شريك أو منازع . سقطت بيروت في الحضن الإيراني بالتوازي مع عمليّات ممنهجة للإجهاز تماماً على بغداد، ثمّ ما إن اشتعل الربيع العربي حتى بدأ سليماني وأذرعه العسكرية في المنطقة بإحكام السيطرة الكاملة على صنعاء ودمشق . وهذا ما صارت إليه الأحداث والتطوّرات، وسال دم غزير على مساحة المنطقة برمّتها، ولامس الخطاب المذهبي أعلى مستوياته على الإطلاق، وتمّ إنجاز أكبر “ترانسفير” طائفي عرفه الكون منذ نشأته. وقد كنّا نظنّ أنّ مجرّد الحديث عن تهجير سنّة سوريا من مدنها وحواضرها وعواصمها هو وهمٌ من الخيال أو ضربٌ من الجنون .ارتبكت إيران وارتبك المحور برمّته، ثمّ جاءت القشّة التي قصمت ظهر البعير : اغتيال الأمين العامّ لـ”الحزب”

وحدة السّاحات
هتك النظام الإيراني كلّ الأنسجة الاجتماعية في المنطقة ، وحوّل عواصم الخلافة الإسلامية إلى امتداد طبيعي لثورة إيرانية مترامية الأطراف. وقد ظلّ سليماني يتجوّل بين العواصم الأربع كحاكم بأمره، لا جيش يعلو سلطانه ولا دولة ولا مؤسّسات. كان يجتاح الخرائط ويبعثرها بلا حسيب أو رقيب، بعدما أنهكها وأتعبها وأوغل عميقاً في إخضاعها وترويضها، عبر أعنف الأيديولوجيات فتكاً في التاريخ، وأكثرها شراسة وقدرة على السحق بلا هوادة. كان سليماني يظنّ أنّه محميّ الرأس، وأنّ إسرائيل أو أميركا لن تغامرا بقتله أو استهدافه، لأنّ عواقب حدث مماثل قد تكون زلزالية على طول المحور وعرضه، لا سيما أنّ رباعية العواصم قد استحالت وحدة ساحات. وهو ما يعني أنّ ضربة في مأرب قد يتردّد صداها في الزبداني، كما أنّ خطاباً في ضاحية بيروت قد ترتفع لأجله القبضات في آخر أحياء الأعظمية .

يقول دونالد ترامب إنّ بنيامين نتنياهو انسحب في آخر اللحظات قبل تنفيذ اغتيال سليماني . الأرجح أنّ نتنياهو خاف من العواقب. وظنّ أنّ عملية مماثلة قد تأخذ المنطقة برمّتها إلى فوهة بركان، لكنّ ترامب كان أكثر حماسة وأقلّ خشية من ردّة الفعل، وقد نظر إلى كبير جنرالاته
وسأله : هل يُمكننا أن نفعل ذلك؟
نعم سيّدي،
أجاب الرجل المرقّط بالنجوم.
إذاً دعونا ننفّذ الأمر .

هكذا بهذه البساطة يروي ترامب قصّة قتل سليماني، عبر عملية “البرق الأزرق”، حيث طارت مقاتلة من دون طيّار على مشارف مطار بغداد، ثمّ ألقت حمولتها فوق موكب عرّاب الرباعية وقتلته على الفور، ومعه مؤسّس الحشد الشعبي في العراق أبو مهدي المهندس . كان سليماني يظنّ أنّه محميّ الرأس، وأنّ إسرائيل أو أميركا لن تغامرا بقتله أو استهدافه

حُسين زمانه
كان الحدث فارقاً، ومدوّياً، وهائلاً، ليس لأنّه شطب شخصية استثنائية لا يُمكن استنساخها أو استبدالها، بل لأنّه حدث مؤسّس لاستهداف هذه المنظومة، بعيداً من كلّ توازنات الردع. وقد بدا أنّ الاختلال الذي حصل مع قتل سليماني انسحب على المحور برمّته، لا سيما أنّ الردّ الإيراني الباهت، الذي تمّ تنسيقه مسبقاً مع أميركا، شرّع الأبواب أمام كسر كلّ المعادلات في المنطقة. جاءت بلورة هذا الكسر بعد سنوات، وتحديداً حين اتّخذ نتنياهو قراراً بسحق القنصلية الإيرانية في دمشق، ثمّ بقتل إسماعيل هنية في غرفة نوم الحرس الثوري الإيراني، وهو ما اعتبره نصرالله اعتداءً موصوفاً، ليس على سيادة إيران وأمنها، بل على شرفها. لكنّ إيران بدت مرتبكة جدّاً وغير قادرة على توجيه ردّ مؤلم ورادع، وهو ما دفع نتنياهو إلى تفجير أجهزة الاتصال في لبنان، وهو قرار مفصليّ وغير مسبوق، لأنّه ينمّ عن رغبة بقتل جماعي لآلاف الأشخاص في لحظة واحدة، وربّما يكون على رأسهم نصرالله نفسه، علاوة على كبار قادة “الحزب” والحرس الثوري وحتى السفير الإيراني الذي أصيب إصابة بالغة بعد انفجار الجهاز بين يديه.
ارتبكت إيران وارتبك المحور برمّته، ثمّ جاءت القشّة التي قصمت ظهر البعير: اغتيال الأمين العامّ لـ”الحزب”، وهو ليس مسؤول الحزب وحسب، بل القائد الأعلى للمحور برمّته، وخليفة قاسم سليماني، والمتحدّث الرسمي باسم إيران الكبرى، وحُسين زمانه، ليس لشيعة لبنان وحسب، بل لكلّ شيعيّ يدبّ فوق الأرض. بدأت الرحلة في حرب تموز عام 2006، وتحديداً من الصورة الشهيرة التي جمعت سليماني مع حسن نصرالله وعماد مغنية .

الهزيمة الكبرى
وقعت الهزيمة الكبرى، وصار العلاج مستحيلاً أو شبه مستحيل. خضعت إيران ومعها “الحزب” بعد ضربات متتالية فوق الرأس، وقرّرت أن تقبل باتّفاق إذعان لوقف إطلاق النار، علّها تحافظ على ما ومن بقي من “الحزب”. خلعت دمشق بشار الأسد. هرب الرجل تحت جنح الظلام خوفاً من اجتياح موصوف على شاكلة تسونامي مجنون. عصفت العاصفة في حلب، ثمّ حماة، ثمّ حمص، ثمّ سقطت عاصمة الأمويين. أصيبت طهران بصدمة مُركّبة، إذ قال وزير خارجيتها عباس عراقتشي إنّ الحدث مرعب وغير مفهوم. ارتعد المشروع الإيراني برمّته. اهتزّ بعنف عنيف ثمّ سقط. إيران نفسها باتت في مهبّ الريح، وخامنئي نفسه بات يرتجف.

سنّة لبنان يتعاطفون ولا ينزلقون
لحقت بغداد وصنعاء بركب النعامة التي زرعت رأسها في الرمال، واستحالت رباعيّة قاسم سليماني أثراً بعد عين، بل وتحوّلت من سيطرة مطلقة على أربع عواصم عربية، إلى الذعر من سقوط طهران، وقد قيل في غابر الأزمان إنّ من يزرع الريح لا بدّ أن يحصد العاصفة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نظام الملالي الإيراني : نمر من الفلين

ضرغام الدباغ
ابتداء، ينبغي على كل باحث في الشؤون الإيرانية أن يضع حقيقة مؤكدة نصب عينيه، ليأتي بحثه دقيقاً ومصيباً. الحقيقة هي أن النظام الإيراني بأنماطه القديمة والحديثة ( منذ العهد الصفوي / القاجاري / البهلوي / الملالي) هو نظام يعمل بإشارة من الغرب (بريطانيا، ثم بريطانيا والولايات المتحدة)، وإن أي إغفال لهذه الحقيقة، سترغمه على العودة في التحليل للمربع الأول، أو يقع تحليله في تناقض جوهري، تفسد تحليله. قد يخرج أحياناً بهذا القدر أو ذاك عن النص، فينال غضب مشغله، ولكنه يحاول تصليح غلطته. قادت نتائج الحرب العالمية الأولى، التي أسفرت، من بين عناصر أخرى، إلى نتيجة أن الغرب الاستعماري (وكان بقيادة بريطانيا) أدرك أنه سيغادر المنطقة إن آجلا أو عاجلاً منسحباً أو مهزوماً، فعادة الاستعمار البريطاني، ان يخلف وراؤه مشكلة تسبب الحرائق، عملوها في الهند والصين، وأفريقيا، فكان قراره القذر بتأسيس الكيان الصهيوني هو مفرز ونفايات مجتمعاتهم ليكون قاعدة الاستعمار والامبريالية ، في المنطقة، وكيان آخر هو من عناصر المنطقة، ولكن بتأسيس كيان جديد اختاروا له أسم غير موجود لا في التاريخ ولا الجغرافية (إيران ــ Iran) عام 1935 تحسبا من استفحال أمر الدول العربية الحديثة الاستقلال، إلى بروز أولي لكيانات عربية، أوضحت التطورات السريعة (ثورة العشرين العراقية، الثورة السورية) أنها مجرد بداية لموقف سوف يتطور ويفضي لنتائج غير مرغوبة ما لم يحتاطوا لها سلفاُ لإجهاضها، أو لمنع تطورها لدرجة متقدمة. هذه كانت المهمة المسندة للكيان الإيراني، ومن أجله تأسست الدولة من مكونات: آذرية (اقتطعت من اذبيجان) وبلوشستان، (اقتطعت من الهند) والاحواز (اقتطعت من العراق) واقتطعت مساحة من تركمانستان، والحقت بإيران، وبقاء هذا الكيان الإيراني صامدا بوجه المتغيرات الدولية مرهون بدعم الغرب السياسي والعسكري له . ففي الحرب العالمية الثانية، كادت إيران أن تتمزق إلى أشلاء حين أنفصل الاقليم الآذري وتأسست جمهورية أذربيجان، والمقاطعات الكردية إلى جمهورية مهاباد، وكان إقليم بلوشستان سيتبع موطنه الأم في الهند التي انقسمت، واقتطع بلوشستان ومنحت لإيران، ودخل الجيش السوفيتي للأراضي الإيرانية، وخفت الجيوش البريطانية واحتلت إيران دون مقاومة رصاصة واحدة، وأوقف الإنكليز التقدم السوفيتي، وكانت موسكو تتلقى مساعدات عسكرية عن طريق إيران، وأنهى الإنكليز والاميركان جمهورية مهاباد، وأقنعوا السوفيت (وكانوا في تلك المرحلة حلفاء حرب ضد النازية) بالكف عن الدعم السياسي والعسكري لجمهورية مهاباد . ولم يشأ السوفيت المشاحنة مع الأمريكان وبريطانيا، في وقت كانوا يناورون الغرب في أوربا الشرقية، وهكذا نجت إيران من التقسيم المحتم. وفي الخمسينات 1954) حين نجح التحالف الشعبي الإيراني بتأميم النفط (الأحوازي)، وهيمن التيار الوطني على البلاد بقيادة رئيس الوزراء د. مصدق، فر شاه إيران وزوجته إلى أوربا، ولم يعاد للسلطة إلا بانقلاب عسكري بقيادة الجنرال زاهدي دبره الغرب . وفي هزات عشارية (كل عشرة سنوات)، لم تتوقف في إيران، هزت تظاهرات شعبية النظام وخلخلته، تطورت لثورة شعبية أساسها نقابات العمال والتيارات الوطنية واليسارية، نظام الشاه عام (1979)، كان بوسع الجيش والامن القضاء عليها، إلا أن الولايات المتحدة تدخلت ومنعت الدعم لحكومة الشاه الليبرالية. فقد أدرك الغرب أن الشاه لن يكون بوسعه حماية نظامه بلا دولة حديثة ديمقراطية، وهذا سيجعل نفوذها في مهب الريح، الشاه كان قد أظهر في مناسبات عدة، أن ثراء الدولة وجيشها الضخم، جعلته يغرق بالاحلام، وزينت له أنه على وشك إقامة امبراطورية تصل للمحيط الهندي. وغلطة فادحة ارتكبها الشاه، وهذه مخالفة لنظرية تأسيس القواعد المحيطية " نحن نجعل منك قوة، ولكن لتعمل لحسابنا، وتشتغل حارساً عندنا لا أن تفتح لنفسك حساباً ..! ولا تستعرض قوتك إلا حين نطلب نحن منك ذلك ..! " فالعملية تغدو غير مجدية سياسيا ولا عسكريا ولا اقتصادياً ..!

هكذا حكم الشاه على نفسه بالتشرد، فهو لم يتعظ من تجربة أبوه، ومات ودفن بجوار أبيه، ومن أشفق عليه كان رئيساً عربيا (الرئيس السادات) حفظ له ميتة كريمة ...!الملالي مجرد مساكين حيال حاكم شبه مثقف مثل الشاه، سذج يؤمنون بالخرافات، مولعين بالمتع وبالطعام الفاخر ، وهذه لا تزعج الغرب، ويغضون النظر حين يقمعون شعوبهم ويقتلون بالآلاف ويعدمون منهم بالمئات ويتدخلون في بلدان أخرى ويقيمون المجازر، فهذه ليست معادية لحقوق الإنسان، طالما تتفق مع سياساتهم ... ولكن إذا بالغوا وخالفوا نص التعليمات، واعتقدوا أن بوسعهم اللعب بأعلى من درجة الهواة والوكلاء وحراس المصالح .. تبدأ المخاطرات والمجازفات .. والملالي الفرس يبالغون ويحاولون التهام حصة غيرهم، وهذه تؤدي لاختلاطات وتداخلات ... فتخلط الأوهام بالحقيقة، وحين يشتد غضبهم، سيطلبون من الأذناب أبداء الغضب .. وحين يتردد الأذناب (بعض الأذكياء منهم تعلل بالصداع وأمتنع عن إبداء الغضب). يزعل الخفاش الأعظم ويقرر أن يأخذ الأمر على عاتقه، فيطلب من كتيبة الصواريخ الخلبية رقم 1001 التهيؤ، ..وقد يطول التهيوء ربما حتى لسنة كاملة، ... في طهران الصبر مفتاح الفرج ..! بمهزلة كهذه تدار عمليات سخيفة تصورها المخابرات الدولية والاعلام المأجور إلى "ضربات استراتيجية" يضحكون على الناس ويأكلون برؤوسهم حلاوة، مصائر شعوب العالم بأيدي أفاقين ومشعوذين كهؤلاء ..!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ملاحظة:
عادة يقال للنمر الفاشوش أنه نمر من ورق، وقد كتبنا هنا، نمر من فلين، لأن الفلين مادة بالغة الهشاشة والخفة، وتطوف على السطح بسرعة، والخفيف يدافع عن خفته ويقول : لعد تريدنا نغطس مثل الحجارة ... منطق ..!

تعليقات

أحدث أقدم