مشاهدات
سحر النّصراوي
تعيش المرأة الفلسطينية تحت وطأة الفقد المستمر تفقد الأب ، الأخ، الزوج، الحبيب، أو الابن بسبب الاحتلال والاعتداءات المستمرة . هذه الخسارات المتتالية تجعل من مشاعرها مزيجًا معقدًا من الحب والخوف, الحب هو القاسم المشترك في كل هذه العلاقات، بينما الموت أو الفقد يُلقي بظلاله الداكنة, حتّى على لحظات فرحها .
إحساس الأم عند ولادة ابنها
عندما تُنجب المرأة الفلسطينية مولودًا ذكراً، تكون مشاعرها مزيجًا من الفرح والقلق, الفرحة تأتي مع قدوم حياة جديدة تحمل الأمل والاستمرار، لكن القلق يسيطر فورًا. فهي تدرك أن هذا الطفل قد يكبر ليواجه نفس المصير المظلم الذي واجهه أغلب الرّجال في حياتها . الابن، بالنسبة لها، هو رمز للاستمرار ولكنّه أيضًا قد يكون تذكرة مؤلمة بأنّها قد تضطر يومًا ما لتوديعه ، إما للمعركة أو للشّهادة , أو السّجن في أفضل الحالات .. تصبح الأم الفلسطينية في هذه اللحظة مزيجًا بين الحاضنة للمُستقبل والحامية له من المصير المحتوم , ومن المذعورة من فقد لا تعرف متى يقتحم عليها سكينتها الهشّة .
الحب كسلاح مقاومة
الحب، بالنسبة للمرأة الفلسطينية، ليس مجرد شعور بل هو شكل من أشكال المقاومة . فهي ليست كباقي النّساء, لا تسطيع أن تسمح لنفسها بأن تعيشه في طمأنينة . الحب بالنسبة للمرأة الفلسطينية يتجاوز كونه مجرد شعور حميمي أو تجربة شخصية ؛ فهو فعل تحدٍ في وجه القهر والاحتلال. عندما تحب ، تجد نفسها في مواجهة مع عوائق لا تشبه تلك التي تواجهها النساء في أماكن أخرى . الحب لديها يُحمّل أبعادًا سياسية واجتماعية ، فهو فعل صمود واستمرار رغم المعاناة، ورغبة في الحفاظ على الإنسانية في ظل واقع قاسٍ.
فكيف تعيش الحب بحرية وهي تعيش تحت نير الاحتلال، محاطة بالخوف على من تحب، سواء كان أسيرًا أو شهيدًا محتملاً ؟ لذلك، الحبّ في حياة المرأة الفلسطينية يصبح مقاومة ناعمة، ترفض الانكسار وتصرّ على الحياة رغم كل شيء . هي تحب وتُربّي رغم كل شيء، تؤمن بأنّ الحياة تستحق أن تُعاش حتى في ظل الموت الذي يحيط بها .
هل هناك مكان للحزن؟
وسط هذه المشاعر المختلطة، نرى أن الحزن لا يجد مكانًا دائمًا في حياة المرأة الفلسطينية، لأنها مُجبرة على مواصلة الحياة . فهي تعيش في توازن دقيق بين الحداد على من فقدتهم والاحتفال بمن بقوا، لتُكمل مسيرتها كحامية للأسرة والهويّة .
ختامًا
المرأة الفلسطينية هي تجسيد حي للصمود الإنساني . الحب في حياتها ليس شعورًا عابرًا، بل هو فعل يومي تستمد منه القوة لمواجهة الموت والخسارة . من هنا وجب التّفكير بعمق في مشاعرها , وتجاربها التي غالبًا ما تُغفل في خضم السرد السياسي للقضيّة .
إرسال تعليق