مكي النزال
أرى لصًّا يحومُ على رغيفي
ومنقارًا ينازعني قطوفي
وأشرعةً تقاربُ خطّ سيري
وتدفع زورقي صوب الرصيفِ
أرى الدنيا تدور ولا تبالي
بمن ساروا على قيد الوقوفِ
أقارع بالضلوع رماح قومي
ويضربني الأحبة بالسيوفِ
صريعًا أحتفي بمن ارتجاني
ذبيحًا باسمًا ألقى ضيوفي
تجشمتُ العناء وسرتُ فردًا
ولم ألعن معاندة الظروفِ
تطوف بيَ الأعاصير العواتي
وتمعن في مطاردتي حتوفي
ولا أرخي العنان بيوم بأسٍ
أقول مكابرًا: يا روح طوفي
هنا أرضٌ نمت فيها نخيلي
وأبنائي بها شمُّ الأنوفِ
درجتُ على ثراها طيرَ سلمٍ
ولم أبخل عليها بالنزيفِ
هنا التاريخُ يشربُ دفق حبري
ليسطرَ ما سكبتُ من الحروفِ
إذا ما سرتُ سار الغيم فوقي
وتحتي جمرُ من غصبوا (مَضيفي)
أثورُ فتزأر الأفلاك حولي
وترهبُ قبضتي حمرُ الكفوفِ
أُحَمّلُ حبُّ أرضٍ أنبتتي
بقلبٍ طاهرٍ حُرٍّ عفيفِ
سموتُ على السفاسفِ لا أبالي
بما ضرب الصغار على الدفوف
شموسٌ نحنُ تعرفنا الليالي
نهتّكها ببارقنا الشفيفِ
صبرنا والبلاءُ يصول فينا
كصبر الزيزفون على الخريفِ
هنا فلوجتي الشمّاءُ تزهو
طهورًا نُزّهت عن كلّ زيفِ
تصدّت للرزايا سيف حقٍّ
يصول به الشريف ابن الشريفِ
تغمّدت الجراحَ بصدر أمٍّ
وخاضت يوم معتركٍ مُخيفِ
أتى الطغيان بالغيلان حشدًا
من الحُفَرِ الدنيئةِ والكهوفِ
يدنّس عرضها ويجول فيها
ويهدم عزّةَ الصرحِ المنيفِ
فمادت تحتهُ زلزالَ رفضٍ
وكانت ثغر بركانٍ عنيفِ
وإمّا جاءها بالحب ضيفٌ
تبدّت ربّةَ الحسّ الرهيفِ
ومدّت رمشها فرشًا وثيرًا
وأبدت لهفةَ الأُمّ العطوفِ
ومعذرةً لكلّ بلاد ربّي *** هنا يحلو لذائقتي وقوفي
إرسال تعليق