ملامح المرحلة الترامبية المقبلة

مشاهدات



ضرغام الدباغ

منذ نهاية يوم الانتخابات الامريكية (5 / نوفمبر / 2024) ، يتصفح الناس وفي مقدمتهم المراقبون والمتابعون النتائج المتوقعة، وفي هذا يذهب الناس كل مذهب، البعض يتوقع أن تكون مرحلة سلام ، وآخرون يتوقعون العكس. والصحافة العالمية تتخبط، ومواقع كثيرة على الأنترنيت، البعض منها يتمتع بحس سياسي وامني / استخباري، وبامكانه إعطاء تصورات ناضجة، أقرب للاحتمال . ولكن تجمع الآراء من خلال دراسة المعطيات وكافة وجهات النظر المستقاة من معلومات دقيقة، وقدرات تحليلية علمية، يمكن القول أنها تحوم حول هذه الفقرات نصيغ منها 10 ملاحظات :

1- أن ترامب بتكوينه الشخصي والسياسي، لا يمكن الوثوق بدرجة التأكد من خططه وبرامجه.
2- يتراوح الرئبس ترامب بين العنف والتشدد، إلى الرغبة في الانتقام، وأن مرحلة السنوات الأربعة التي انصرمت التي احيل فيها لمحاكمات، أثرت به بشدة.
3- الجانب الميال لعقد الصفقات متوفرة في تطلعه ونهجه.
4- تكاد تجمع التقديرات، أن ترامب في رئاسته الحالية، هو ليس ترامب في رئاسته الأولى. كما أنه سوف لن يكون دقيق في إيفاءه بالتزامات فترة الترشيح والمنافسة مع بايدن.
5- ليس هناك طرف أبدى ارتياحه لفوز ترامب، عدا السياسيون الإسرائيليون، وحتى بعض هؤلاء يخشون من أن يتوصل لصفقة قد تغير موقفه.
6- يبدي الصينيون القلق، من إلغاء اتفاقيات التجارة، وتعريض القطاع التجاري الصيني للمتاعب.
7- الأوربيون وهو الجانب الأهم في العلاقات الأمريكية مع الأطراف الدولية، دولاً وتجمعات، خرجوا من نطاق الهمهمات، إلى التصريحات، إذ اعتبر ممثل الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسية والأمنية جوزيب بوريل ان عودة دونالد ترامب إلى رئاسة الولايات المتحدة، تعني أن على الأوروبيين الاعتماد على أنفسهم في حماية أمنهم. وأن الاتحاد الأوروبي سيواجه صعوبات كبيرة إذا خفضت إدارة ترامب المساعدات العسكرية لأوكرانيا، كما أوضح أن الأوروبيين لا يمتلكون قدرة تعويض الأسلحة الأميركية في أوكرانيا. وفي الجانب الاقتصادي، وقال بوريل إن الرسوم المزمعة من الرئيس ترامب ستؤدي إلى عواقب اقتصادية وخيمة على الصعيد الدولي. وأضاف بوريل خلال مقابلة صحيفة إن "أوروبا في خطر"، داعيا الأوروبيين إلى تحمل المسؤولية عن أنفسهم، لأنه لا يمكنهم الاعتماد على مزاج الانتخابات الأميركية كل 4 أعوام، حسب تعبيره. كذلك أشار إلى أن مسألة القدرة الدفاعية لأوروبا ظهرت على خلفية الصراع بين أوكرانيا وروسيا، لافتا إلى أن نموذج الدفاع الذي كان سائدا هو "الإقلال من الشيء أفضله"، لأن الجميع كانوا يفكرون دائما في زيادة الرواتب التقاعدية، إلا أن الأزمة الأوكرانية جعلت الأوروبيين يفكرون في ضرورة أن يكون لديهم مزيد من القوة للدفاع عن أنفسهم أيضا.
8- حذر رئيس البنك المركزي الألماني من أن أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي سوف يتكبد خسائر جراء خطط ترامب الجمركية. تزامن ذلك مع تأكيد وزارة الاقتصاد على أن التعافي الاقتصادي في ألمانيا قد يتأخر بسبب انتخاب ترامب. وأن خطط ترامب الجمركية قد تكبد الاقتصاد الالماني خسائر كبيرة الرامية إلى فرض تعريفات جمركية. ونقلت صحيفة "دي تسايت" الألمانية عن ناغل قوله: "إذا تم تنفيذ هذه الخطط الجمركية، فقد يكلفنا ذلك في ألمانيا حوالي 1% من الناتج الاقتصادي". وأشار إلى أن هذا الأمر سيكون مؤلما" خاصة وأن الاقتصاد الألماني لم ينمو على الإطلاق هذا العام، كما أن من المتوقع أن يسجل نموا أقل من واحد %في العام المقبل. وأضاف ناغل أنه إذا تم فرض رسوم جمركية جديدة، فقد ننزلق حتى إلى "المنطقة السلبية". وكان ترامب قد كشف عن خطط تقضي بفرض رسوم جمركية جديدة تتراوح بين 10 و20 % على الواردات من أوروبا، ما أثار مخاوف اقتصادية من خطر اندلاع حرب تجارية مع الاتحاد الأوروبي. ويقدر معهد "إيفو" الاقتصادي الألماني في ميونيخ أنه إذا فرض ترامب فعلا رسوما جمركية بنسبة 20 % على الواردات من الاتحاد الأوروبي و60 % على الواردات من الصين، فقد تنخفض الصادرات الألمانية إلى الولايات المتحدة بنسبة 15 %. يتزامن ذلك مع توقع الحكومة الألمانية أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024 للعام الثاني على التوالي بشكل طفيف. وفي السياق ذاته، قالت وزارة الاقتصاد الألمانية اليوم الأربعاء (13 نوفمبر/تشرين الثاني) إن التعافي الاقتصادي المتوقع في ألمانيا قد يتأخر لفترة أطول بسبب تزايد حالة الغموض بين الشركات بسبب انتخاب ترامب. وأضافت الوزارة في تقريرها الشهري أن المؤشرات على تحسن المعنويات إلى جانب التطورات الاقتصادية الإيجابية الطفيفة في الربع الثالث تشير إلى أن مرحلة ضعف الاقتصاد ستنتهي قريبا، لكن المؤشرات لم تأخذ في الاعتبار نتيجة الانتخابات الأمريكية . وقال التقرير "بناء على هذا، لا يمكن استبعاد تجدد زيادة حالة الغموض بين الشركات الكبيرة والخاصة في الأشهر المقبلة مع إحجام مماثل عن الاستهلاك والاستثمار، وهو ما قد يؤخر التعافي الاقتصادي المتوقع".
9- ويذكر أن دونالد ترامب فاز بالانتخابات الرئاسية الأميركية في 6 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري. ومن المفترض أن يوافق الكونغرس الجديد على نتائج التصويت، وسيتولى ترامب رسميا مهامه في حفل التنصيب 20 يناير / 2025 المقبل. ووعد ترامب خلال حملته الانتخابية بأنه سيحقق تسوية في النزاع في أوكرانيا خلال يوم واحد فقط. في حين أكدت موسكو أن الصراع معقد للغاية ولا يمكن تسويته بهذه السهولة.
10- أما بصدد الصراع قي غزة ولبنان، والاحتمالات البعيدة والقريبة، فلأن الساحة تحفل بأطراف كثيرة، وعناصر الصراع متعددة، بمصالح متناقضة، وتراكمات تاريخية ومعاصرة، تجعل التوصل لمعادلات سياسية أمراً ليس بالهين ،وبتقديرنا . أن الأزمات السياسية والاقتصادية سوف تتسع إلى أكثر من ساحة وميدان، لتشمل العالم بأسره، وتجاهل النداءات التي تطلقها الجهات الساعية إلى تقليص التلوث البيئي(الأمم المتحدة في مقدمتها المؤتمر الدولي كوب 29 / باكو)، وهذا ما رفضه ترامب صراحة، بل ودعا إلى مضاعفة استخراج النفط لضرب سوق الطاقة العالمية. وأن دول العالم التي رفضت سياسة استخدام القوة المسلحة في العلاقات الدولية، سوف لن تقبل بسياسة الابتزاز والتهديد، وسنشهد المزيد من الالتحاق بكتلة بريكس التي تشمل حاليا نحو 40% من سكان العالم واقتصادياته. إضافة إلى ما هو متوقع من أن عموم هذه السياسة الخارجية والداخلية، ستفضي إلى مشكلات داخل المجتمع الأمريكي، فالعنصرية وسياسة المعاداة للأجانب سوف تقود إلي المزيد من المتاعب الاجتماعية والاقتصادية. وأن اليمين الأمريكي أما إذا ألتحم بالقوى اليمنية الأوربية، فسوف ينجم عن ذلك أن تفتقر للسلم الاجتماعي وتعطيل للتنمية البشرية .

تعليقات

أحدث أقدم