مقامة المكتوب والعنوان :

مشاهدات


صباح الزهيري

 

يقول محمود درويش :
((سبايا نحن في الزمان الرخو, أَسْلَمَنا الغزاةُ إلى أهالينا , فما كدنا نعضُّ الأرضَ حتى انقضَّ حامينا..)) , وقد قرأت تعليقا لنسيم قبلها يقول : (( لقد تعلمنا في حصص الفيزياء أنه حينما نود التعرف إلى حركة شيء فكل ما نحتاجه هو دراسة مساره عبر الموضع والزمن , سيكون في المكان “أ” عند اللحظة “س” وفي المكان “ب” عند اللحظة “ص” وهكذا , وحينما نفقد الدقة في التعرف على أشياء بتلك البساطة فهناك حقًا مشكلة عظيمة تواجه الفيزياء ككل .

نقول عادة إن المكتوب يُعرف من عنوانه , وكذلك يرد تعبير الكتاب واضح من عنوانه , والمؤكد أن مغزى القول واحد في المجتمعات العربية كلها , و يمكن أن تتسع دلالة هذا القول لتشمل أننا قد نستطيع تخمين ما هي طِباع وميول شخص ما من محادثة أولية معه , وقد نعني أيضاً أن ما نراه أو نعيشه من ظواهر وأحداث ما هو إلا مقدّمات لنتائج آتية , أو منتظرة , إيجابية كانت أو سلبية , فمثل هذه المقدمات لا يمكن أن تنتج عنها إلا مثل تلك . نقرأ أسماء المعينين في الإدارة ألأميركية الجديدة , لنستطلع ملامح المرحلة القادمة , هناك (مايك هاكابي ) سفيراً في إسرائيل , خلاصة رأيه : (( أنه لا يوجد شيء اسمه الضفة الغربية , ولا يوجد شيء اسمه مستوطنات , بل أحياء ومدن , ولا يوجد شيء اسمه احتلال , بل لا يوجد شيء اسمه فلسطين )) , والأوضح في هذا العنوان ان ترمب نفسه وصف سفيره بـأنه : ((عاشق إسرائيل وشعب إسرائيل , وشعب إسرائيل يبادله العشق )) , وسيعمل لتحقيق السلام في الشرق الأوسط . ثم هناك إليز ستيفانيك , المندوبة ألأميركية لدى الأمم المتحدة، , تم تعينها رغم رأيها الوقح بالمنظمة الدولية بأنها (( مصابة بـالعفن المعادي للسامية )) , والتي زارت الكنيست تضامناً مع إسرائيل وطالبت بمساندة غير مشروطة للجيش الإسرائيلي بكل ما يحتاجه , متى احتاجه , من دون أي شروط تعوق إنجاز النصر الكامل في وجه الشرّ )) , وكانت من بين الأكثر حماسة لمعاقبة مديري الجامعات التي انتفض طلابها تأييداً لفلسطين .

اما اذا استطلعنا عنوان الشخص المعين لوزارة الخارجية , ( ماركو روبيو) , قد يجعلنا نترحم على أنتوني بلينكن , فالمؤشر عنه انه رفض بشدة وقف إطلاق النار في غزة , وحمّل مسؤولية موت المدنيين لحركة حماس (( لأنها تقيم منشآتها فوق المستشفيات )) واصفاً إياهم (( بـالحيوانات الشريرة الذين يتوجب تدميرهم )) . كذلك أعلن ترامب اختيار المستثمر العقاري والمتبرع لحملته الانتخابية ستيفن ويتكوف ليكون مبعوثه الخاص إلى الشرق الأوسط , وقد وصفته وسائل إعلام إسرائيلية بأنه مؤيد كبير لإسرائيل , ووصفه ترامب بأنه (( يحب إسرائيل كثيرا )) , وسيعمل لتحقيق السلام في الشرق الأوسط . ولنزد الشعر بيتا , حين نستطلع مساعد مدير مكتب ترمب المقبل , فهو أحد واضعي مرسوم (( منع دخول مواطني الدول ذات الغالبية المسلمة إلى الولايات المتحدة )) المثير للجدل . من الواضح ان تعيينات الرئيس الجديد لإدارته المقبلة تشير الى ان وصف الشخصيات التي اعتمدها ترامب حتى الآن لتولي المهمات الرئيسة في إدارته المقبلة بـ(( الصقور )) , حيث يتشارك معظمهم في المواقف تجاه دعم إسرائيل بشكل فظ , وأن المشهد قاتم في إدارة ترمب , ويميل صوب إسرائيل بشكل جارف , صحيح أن ترمب له من السطوة ما يجعله يأخذ قراره في النهاية , لكن التعيينات تشير بوضوح إلى ملامح مرحلة , كل ما فيها لا يشي باعتدال .

تعليقات

أحدث أقدم