أ. د. محمد طاقة
كانت القيادة الوطنية في العراق ، بقيادة حزب البعث العربي الاشتراكي ، تنبه الشعب العراقي وأبناء الامة العربية ، إلى المخاطر التي كانت تحدق بالعراق والامة العربية ، وتحديداً بعد قرار تأميم النفط العراقي وطرد الشركات الاجنبية ، حيث بدأت الصهيونية العالمية وشركاتها النفطية ، بالتخطيط للإطاحة بالنظام الوطني . وان كان الوقت وحده كفيلاً بكشف الحقائق ، إلا ان هذه التحذيرات والتنبيهات تأتي استنادا إلى شواهد وتاريخ طويل من المخططات . ومن ابرز التحذيرات والتنبيهات التي اطلقتها القيادة العراقية ما يلي :
نبهناكم إلى ان الصهيونية العالمية وأمريكا كانت وراء وصول الخميني إلى السلطة في ايران ودعمته من اجل اضعاف السلطة في العراق ، حيث وفرت له باريس بدعم استخباراتي أمريكي فرنسي ، المكان والإقامة وأحضرته بطائرة فرنسية إلى طهران ، بهدف زعزعة استقرار المنطقة واضعاف العراق . وقلنا لكم ان ايران هي من بادرت بالهجوم على العراق في يوم 04/ايلول وان العراق قام بالرد يوم 22/09 وأكدنا ان العراق كان دائما يسعى لوقف الحرب ، وقبل بكل المبادرات الدبلوماسية لحل الأزمة ، وهنالك وثائق تثبت ذلك . كما ذكرنا مرارا ً، ان لايران مشروعاً توسعياً في المنطقة ، وانه يشكل خطراً على الامة العربية يفوق في أبعاده المشروع الصهيوني ، وان هذا التوسع ليس إلا جزءاً من استراتيجية أوسع تستهدف الهيمنة على مقدرات العرب . وأوضحنا ان هنالك تلاقياً للمصالح بين المشروعين الصهيوني والفارسي ، وان كليهما يستهدفان الامة العربية والإسلامية لتفتيتها وإضعافها . وأكدنا مراراً على ان العراق جيشا وشعبا كانوا دائما حماة البوابة الشرقية للأمة العربية ، وان انهيار هذه الجبهة سيؤدي إلى انهيار جميع الدول العربية واحدة تلو الاخرى ، مما يدخلها في نفق مظلم بلا نهاية . وكررنا ان العراق لم يستخدم السلاح الكيمياوي في حلبجة ، بل ان ايران هي المسؤولة عن هذه الجريمة وان السنوات التالية أكدت صحة موقفنا. وقلنا ان العراق لا يملك أسلحة دمار شامل ، ولا علاقة له بالارهاب أو احداث (11 ) من سبتمبر وان الزمن كشف ذلك . وأكدنا ان امريكا ومن ورائها الصهيونية العالمية ، تعتمد على كل من ايران والكيان الصهيوني لتنفيذ مخطط ( برنارد لويس ) الذي يهدف إلى تفتيت الامة العربية ومحو هويتها رغم الخلافات الظاهرية بينهما . وحذرنا من اذرع ايران المنتشرة في الوطن العربي ، والتي ما هي إلا ادوات لتنفيذ الأجندة الإيرانية وخاضعة للحرس الثوري الإيراني ، وأنها تهدد استقرار الدول العربية . وحذرنا من مخطط التغيير الديموغرافي ومحاولة محو الهوية العربية ، وذكرنا بوجود مخطط لتغيير ديموغرافية الدول العربية من خلال تهجير ملايين العرب ، ذلك يحدث اليوم في فلسطين ولبنان وسوريا والعراق واليمن . ونبهنا عن مخاطر فكرة الاقاليم واشرنا إلى ان تقسيم الدول إلى أقاليم هو بداية لتجزئتها إلى كيانات صغيرة متناحرة ، مما يسهل السيطرة عليها وإضعافها .
فشل الامة في الاستماع إلى التحذيرات والتنبيهات التي اطلقتها القيادة العراقية الوطنية ، وعلى الرغم من كل هذه التحذيرات ، إلا ان قوى معادية نجحت في تشويه سمعة المشروع القومي العربي وقيادته ، حيث تم قلب الحقائق عبر الهيمنة الإعلامية العالمية ، وتم تضليل الرأي العام ، ليحول العراق وقيادته إلى أهداف مشروعة للغزو والتدمير . ومع الأسف الشديد لم يستوعب الشعب العربي وحكوماته التحذيرات والتنبيهات التي واصلنا اطلاقها ، بل ان بعض الأنظمة العربية ساهمت في تمهيد الطريق للغزو الأمريكي للعراق وتدميره ، وانهارت البوابة الشرقية وعمت الفوضى في بلاد العرب . اليوم نعيش نتائج تلك التحذيرات والتنبيهات التي لم تلقَ آذاناً صاغية ، انهارت الامة وفقدت قوتها ، وتعرضت دول عربية لاعنف موجات القتل والتهجير . وبناءً على ما تقدم فأمام الامة العربية فرصة متاحة للملمة الجراح والدعوة إلى عمل جماعي موحد لجميع القوى الوطنية وفق برنامج عمل قومي ، يوحد الجهود ويتجاوز الخلافات الأيديولوجية واعتبار الامن القومي العربي الحد الفاصل بين ماهو صالح لخدمة الامة العربية او ما هو ضد مصالح الامة ، وعليه سنتمكن من تعبئة الشعب العربي باتجاه تحرير الامة من كل أشكال الاحتلالات والتبعية للأجنبي ..
إرسال تعليق