سعد احمد الكبيسي
يروى أنّ موسى عليه السّلام خرج يوماً لمناجاة ربّه ثم سأله :
كيف يأخذُ الضّعيفُ حقّه من القويّ فقال له الله : اذهبْ في الغد إلى مكان كذا لترى ! فلمّا كان الغد ذهب موسى عليه السّلام إلى المكان المحدد فرأى شلالاً يخرج من الجبل ثم يصيرُ نهراً جارياً جلس منتظراً ليرى كيف يأخذُ الضّعيفُ حقّه من القويّ فإذا بفارسٍ يأتي راكباً على حصانٍ له يريدُ الماء نزل الفارسُ عن حصانه وخلع حزامه الذي كان يعيقُ حركته ووضعه عند ضفة النّهر حيث ربط حصانه , شرب الفارسُ واغتسل ثم انصرف ناسياً حزامه فجاء غلام صغير يركبُ حماراً إلى النّهر فشرب واغتسل وعندما أراد الانصراف وقعتْ عينُه على حزام الفارس الذي كان قد نسيه عند ضفة النّهر فتح الغلام الحزام فإذا هو ممتلىء بالذّهب أخذه وانصرف ... وبعد ذهابه بقليل أقبل شيخ عجوز إلى النّهر فشرب أيضاً واغتسل وبينما هو كذلك إذ وقف الفارس فوق رأسه وسأله عن الحزام أنكر الشيخ معرفته بما يقول الفارس فما كان منه إلا أن سلّ سيفه وقطع رأس الشيخ . وكان موسى عليه السّلام ينظر ويفكّر ويتأمل ثم قال :
يا رب إنّ الفارس قد ظلم عبدكَ الشّيخ ! فقال له الله تعالى :
يا موسى ، الشيخُ كان قد قتل والد الفارس منذ زمن أمّا الغلام فكان أبوه يعمل عند والد الفارس منذ عشرين سنة فغصبه حقّه ! وقد أخذ الفارسُ بحقّ أبيه من الشّيخ وأخذ الغلام بحقّ أبيه من الفّارس هكذا يأخذُ الضّعيفُ حقّه من القويّ !
الجزاءُ من جنس العمل وكما تدينُ تُدان
وهذا من عدل الله في خلقه
من سرقَ سُرق
ومن ظلم ظُلم
ومن زرع الشّوك لم يحصد العنب !
الدنيا دولاب والزمن دوار ودوام الحال من المحال
الأيّامُ جندٌ من جنود الله
يرفعُ بها أقواماً ويضع بها آخرين
ما إن يدور الزّمان دورته حتى تُقضى الحقوق
ونرى المظلوم قد انتصر
ونرى الظالم قد خُلع وانقهر
إنّها الأيام ، واحدة من أعتى جنود الله
وإنّه عدل الله سبحانه
ما سقى أحدٌ أحداً كأساً إلا شربها
البرُ لا يبلى
والذنب لا يُنسى
والديان لا يموت
اعمل ما شئت كما تدين تُدان
والأيام دُوَلٌ والجروح قصاص !
إرسال تعليق