عائشة سلطان
لماذا حاز كتاب الأمريكي روبرت جرين «القواعد الـ 48 للقوة» على تلك الشهرة التي جعلته الأكثر مبيعاً بين جميع الكتب، التي صدرت في الولايات المتحدة عام 1998 وما بعدها؟ وهل الذين قرأوا الكتاب تحت تأثير الدعاية الهائلة التي حظي بها يقرون بأهميته فعلاً؟ الحقيقة أن الكتاب وإن كان لا يزال يحظى باهتمام القراء الذين يميلون إلى كتب التنمية البشرية وتحديداً المترجمة يختلفون في تقدير أهميته، فهناك من يراه أقرب لكتاب «الأمير»، الذي كتبه نيقولا مكيافيللي صاحب مقولة «الغاية تبرر الوسيلة»، وقدم فيه نصائحه للأمير الحاكم حول أفضل السبل لتحقيق القوة والسيادة والاحتفاظ .
هناك 48 قاعدة للقوة وضعها المؤلف، بعد أن قرأ الكثير من الكتب حول التاريخ الإنساني وخلُص إلى ثمانٍ وأربعين صفة مشتركة، تجمع قادة العالم عبر العصور، والتي بسببها امتلكوا القوة والسطوة والنفوذ، التي تجمع بين الملوك ومشاهير الفن والإعلام، وبما أننا في عصر نفوذ الإعلام وسطوة المؤثرين فيه فقد خصص الكاتب القاعدة السادسة لكل من يريد أن يصبح ضمن مشاهير السوشال ميديا بعيداً عن التفكير في القيمة والفائدة، بل في الشهرة فقط وبأية طريقة ! هذا المبدأ «تحقيق الشهرة بأية طريقة» هو ما يجعل (قواعد القوة الـ 48) مجرد إعادة إنتاج لكتاب «الأمير»، ولكن لكل من يقدر أن يقتحم مساحات الشهرة بأي وسيلة وأن لا يكون متفرجاً! أي غاية الشهرة تبرر كل السلوكيات اللا أخلاقية، التي نراها وننتقدها، ونتمنى اختفاءها ! في الحقيقة فإن تفاهة السوشال ميديا قائمة على هذه اللاأخلاقية، لنقرأ «الفت إليك الأنظار بأي ثمن»، «اجعل اسمك مرتبطاً في أذهان الناس بالفضائح والإثارة»، «افتعل فضيحة أو أي شيء يجعلك مختلفاً عن الأشخاص الآخرين»، «لا تشغل بالك بما يقوله الناس عنك، فالأفضل لك أن يشهر الناس بك ويهاجموك من أن يتجاهلوك». هذه هي القواعد التي يتبعها مشاهير السوشال، الذين قرأوا بلا شك نصائح المعلم الأمريكي، الذي نصحهم بأن يفعلوا أي شيء يحقق لهم الشهرة، ويجذب لهم الانتباه، أن يسكبوا على أنفسهم البيض، أن يرقصوا عراة، أن يتحول الرجال إلى نساء،... ليس مهماً، فالمهم تحقيق الشهرة!
إرسال تعليق