محمد رجب
موضوع الفيدرالية أصبح موضوع متداول ولا يمكن التغاضي عنه خاصة وان هنالك من يروج له كمشروع يجب ان يتم تطبيقه في العراق قبل انهاء ولاية الديمقراطيين وتفعيل مشروع بايدن الذي يدعو الى تقسيم العراق.
كتبت كثيرا عن هذا المشروع وان الفدرالية رغم انه يطبق في معظم الدول الديمقراطية المتقدمة الا انه يصعب تطبيقه في العراق لأسباب عدة ذكرتها في عدة مقالات وان الفدرالية عندنا ستؤدي الى حروب داخلية واهلية وحمام دم.
هنالك عوامل إذا لن تتوفر لا يمكن لك ان تصنع نظام فدرالي بدونها،
- اولها العامل الدولي ، فاذا لم تكن هنالك مصالح مشتركة للدول العظمى والدول التي ستتأثر بهذا المشروع ، وعليه يتطلب اقناع دولي واقليمي بفدرلة العراق الى اقاليم عربية على اسس طائفية.
- الفدرالية تعني ان يبقى المركز مسيطراً بجيش مركزي تديره حكومة قوية مستقلة غير مسيرة من جهة او نظام خارجي تحتل قواته اراضي عراقية (ولدينا ثلاث احتلالات، امريكية، ايرانية، تركية).
- هل يسعى العاملون على المشروع ان يستخدموا دستور كتبه المحتل لكي يقسموا العراق ؟
لان فدرلة العراق لا تعني تقسيمه من الناحية الدستورية ولكني ارى ان اصحاب المشروع يتحدثون عن استقلال كامل.
وفي العراق تقوم الفيدرالية المطلوبة له وحسبما نصت على ذلك مسودة الدستور على أساس ثنائي قومي وإداري فهي من ناحية تقر إقامة إقليم كردستان بحدوده الحالية على أساس عرقي وتعطي من ناحية ثانية لكل محافظتين أو أكثر حق الانتظام في إقليم بغض النظر عن واقع الاتساق القومي بين عموم محافظات العراق غير الكردية.
ويعد هذا النظام سابقة بين التجارب الفيدرالية في العالم لأنه يسمح بإقامة أقاليم على أساس مزدوج إداري وقومي، وهو أمر لم يحدث من قبل إذ إن كل الفيدراليات في العالم نشأت كحل للخلافات بين التكتلات الدينية والقومية داخل الدول أو الدويلات.
وحتى مع اعتبار التجربة البلجيكية سابقة يمكن الاحتكام إليها في الانتقال من نظام الدولة المركزية إلى الدولة الفيدرالية، فان هذا النموذج لا ينطبق كليا على الحالة المطلوبة في الدستور العراقي لان ما طبق في بلجيكا كان نظاما اتحاديا بين مجموعتين قوميتين بينهما حدود ظاهرة في الاختلاف الثقافي والتمركز الجغرافي على عكس الحالة العراقية التي لا تعرف في الجزء العربي من البلاد وهو ما يمثل ثلاثة أرباع العراق تقريبا حدودا ثقافية جغرافية فاصلة بين تشكيلات سكانية متمايزة.
من غير الممكن في الحالة العراقية الاحتكام الى اي نموذج فيدرالي في العالم والدستور العراقي قدم نمطا غير مألوف للفيدرالية في العالم سواء على المستوى النظري او العملي كما انه لا يمكن الاحتكام إلى التجربة السويسرية في فيدرالية طائفية بسبب التداخل الكبير بين السكان العراقيين من السنة والشيعة ، حيث تمثل مساحة الرقعة التي تضم تجمعات سكانية عربية مختلطة مذهبيا ما يعادل تقريبا مساحة كل منطقة ذات أغلبية مذهبية واضحة كما ان حجمها السكاني يزيد على نصف سكان العراق إذا ما استثنينا سكان المناطق ذات الغالبية الكردية، في حين ان التجربة السويسرية نشأت بين كانتونات منفصلة مذهبيا بشكل كامل وكان بينها حروب وصراعات طويلة.
بمعنى آخر فانه لا يمكن واقعيا إقامة فيدرالية في المنطقة العربية على أساس طائفي، إلا بعد القيام بعمليات تطهير طائفي واسعة النطاق ستشعل بالتأكيد حربا أهلية تقسم العراق بشكل كامل.
لن نستطيع النجاح في اي مشروع وطني إذا يبقى العراق تحت سيطرة نفوذ أجنبي يسعى الى تنفيذ مصالحه الخاصة به في العراق.
حتى وان كانت موازين القوى الان بين الحق والباطل واضحة لمن، ولكن التاريخ والمنطق والدين سيكون لهم الكلمة الفصل.
إرسال تعليق